تصدير احتيالي للرصاص في الجزائر

09 اغسطس 2024
مصنع في الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **استمرار تهريب الرصاص وتأثيره على الصناعة المحلية**: تهريب الرصاص بطرق ملتوية يهدد بإغلاق مصانع محلية ويعرض نحو خمسة آلاف عامل للبطالة، مما يعوق المصنعين في الحصول على المادة الأولية لنشاطهم.

- **مراسلة الاتحاد الوطني للجمارك الجزائرية**: الاتحاد الوطني لمنتجي البطاريات أشار إلى ممارسات احتيالية تقوم بها شركة "سارل فونداست" لتصدير الرصاص على أنه مادة نصف مصنعة، مما يؤدي إلى فوترة أقل بكثير من السعر الحقيقي.

- **تداعيات التصدير على المصانع المحلية**: استمرار تصدير الرصاص أدى إلى تقلص نشاط المصانع بنحو 40%، مما يهدد الصناعة بالتوقف ويجعل المادة الأولية نادرة، مما يهدد استمرارية الإنتاج.

على الرغم من قرارات سلطات الجزائر ووعود المسؤولين في وقف نزيف تصدير الرصاص المعاد تدويره، باعتباره مادة أولية ضرورية لشعبة صناعية مهمة، إلا أنّ تهريب هذه المادة نحو الخارج لا يزال مستمراً بطرق مختلفة، مهدداً بذلك مصانع محلية بالغلق ونحو خمسة آلاف عامل بالبطالة.
قال نائب الاتحاد الوطني لمنتجي البطاريات بالجزائر، علي سماي، إنّ منتجي بطاريات السيارات لم يكادوا يلتقطون أنفاسهم ويستأنفون نشاطهم، عقب قرار السلطات العمومية بتوقيف تصدير مادة الرصاص المرسكل (المعاد تدويره) باعتباره نفايات شبه حديدية، حتى برزت ممارسات احتيالية حلّت محل التصدير السابق، أدت الى استمرار معاناة المصنعين في حصولهم على المادة الأولية لنشاطهم.


تصدير بطرق ملتوية

أمام هذه الوضعية، لم يجد الاتحاد الوطني لمنتجي البطاريات خياراً غير توجيه مراسلة للمديرية العامة للجمارك الجزائرية حملت عنوان "تصدير احتيالي للرصاص" بتاريخ 3 يوليو/تموز الماضي في محاولة منه لوقف نزيف هذه المادة الأولية الضرورية لهذا الفرع الصناعي، وجاء في المراسلة، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أنّ "هذه الممارسات تخالف إجراءات السلطات العمومية في سياق حماية الصناعة المحلية، ومحاربة كافة أشكال المعاملات المشبوهة لتصدير هذه المادة بما فيها تقليص فاضح في أعباء فواتير خروجها".

وتضمنت المراسلة إشعار المديرية العامة للجمارك بتواصل هذا النوع من الممارسات، على الرغم من جميع التدابير المتخذة لمنعها"، وذكرت أنّ "الاتحاد يعلن أسفه وهو يجلب انتباه السلطات إلى مواصلة الشركة الصينية ذات الحقوق الجزائرية "سارل فونداست" (مقرها وهران غرب البلاد)، تصدير مادة الرصاص المرسكل على أنّه مادة نصف مصنعة".
وأضافت: "هذه الطريقة تهدف لتجاوز التوجيهات الخاصة بـالمنع، واستفادة خضوع مادة الرصاص لفوترة أقل بثماني مرات من تسعيرة بورصة المعادن أي بسعر يتراوح بين 0.3 و0.5 دولار للكلغ، بينما يبلغ سعر الرصاص الخام على مستوى بورصة المعادن 2.2 دولار".
ودعا الاتحاد، تبعاً لذلك، المديرية العامة للجمارك لـ"اتخاذ التدابير الضرورية لوقف هذا النزيف الذي استهلك إلى حد الآن 400 طن من الرصاص منذ بداية 2024، ويتواصل عبر ميناء وهران". وأضافت المراسلة: "نعلمكم أيضاً بأننا شرعنا في استيراد الرصاص لتفادي توقيف إنتاج مصانعنا، بسبب التصدير السيئ لهذه المادة".

14 مصنعاً تشغّل 5000 عامل

قال رئيس الاتحاد الوطني لمنتجي البطاريات، سليم هواري، إنّ هذه الشعبة تحصي 14 مصنعاً تابعاً للقطاع العمومي والخاص، وتشغل حوالي خمسة آلاف عامل، ما يجعل استمرار هذه الصعوبات في الحصول على مادة الرصاص الأولية بمثابة الحكم عليها بالموت البطيء وإحالة هؤلاء العمال نحو البطالة الحتمية، بصرف النظر عن تبعات توقف النشاط على الاقتصاد الوطني وأسعار البطاريات في السوق الجزائرية.

وأضاف هواري لـ"العربي الجديد"، أنّ المصانع المحلية لصناعة البطاريات تعتمد بشكل كلي على رسكلة مادة الرصاص المستخرجة من البطاريات القديمة والمستعملة، وبالتالي فإنّ هذا النشاط يساهم بشكل مباشر في حماية البيئة، من خلال إعادة تدوير هذه المادة، التي وصفها بـ"النادرة" لعدم وجود مناجم لحد الآن تنتجها على الصعيد المحلي لتغطية الاحتياجات الوطنية، في انتظار انطلاق إنتاج منجم الزنك والرصاص في منطقة واد أميزور في ولاية بجاية (شرق العاصمة).


"تعليمة" قلّصت النشاط 40%

حذّر هواري من تداعيات عودة الممارسات السابقة لتصدير الرصاص المستخرج من البطاريات المستعملة، وتكرار الوضعية السابقة لهذه الشعبة من الصناعة، حيث كانت قد تعرضت لتراجع في نشاطها جراء تعليمة (قرار) وزارية مشتركة بين كل من وزارة التجارة ووزارة الصناعة، بالإضافة إلى وزارة البيئة ووزارة المالية صدرت في 23 يونيو/ حزيران 2021، فتحت الباب أمام تصدير مادة الرصاص.
التعليمة أدت إلى تقلّص نشاط مصانع البطاريات الوطنية العمومية والخاصة على السواء بنحو 40%، مهددة بذلك هذه الصناعة بالتوقف بشكل آلي بسبب عدم توفر المادة الأولية، مشيراً إلى أنّها تعليمة خالفت توجهات الجهات المسؤولة الرامية إلى دعم الصناعة المحلية، وقد تمكن اتحاد المنتجين بعد نضال ومعاناة من افتكاك وعود من المسؤولين بوقف التصدير.
وأضاف المتحدث أنّ هذه المصانع كانت تضمن نسبة اندماج تفوق 90%، وبالتالي تخفيف الوطأة على فاتورة الواردات الوطنية، وضمان تغطية السوق الجزائرية من هذه المنتجات بأسعار أقل بحوالي 40% بالمقارنة مع البطاريات المستوردة، على الرغم من احترامها لنفس معايير الجودة والنوعية.
وقال نائب رئيس الاتحاد علي سماي لـ"العربي الجديد"، إنّ مجموعة من المصنّعين أبرموا، مؤخراً، اتفاقيات مع مصانع تركيب السيارات في الجزائر في إطار المناولة الصناعية، على غرار مصنع فيات في وهران لتزويده بالبطاريات، الأمر الذي تطلب الاستثمار أكثر لرفع القدرات الإنتاجية، قبل أن تنسف هذه الطموحات جراء استمرار التصدير بطريق ملتوية، ما جعل المادة الأولية وهي الرصاص عملة نادرة.