تصاعد الخلافات بين الرياض وموسكو حول الحصص النفطية وسوق آسيا

30 مايو 2023
النفط الروسي ينافس السعودي في الاسواق الأسيوية/الأناضول)
+ الخط -

يتنامى الخلاف بين موسكو والرياض حول السياسة النفطية وحصص الإنتاج والأسواق المستهدفة، قبل أيام من اجتماع تحالف "أوبك +" النفطي الذي يُعقد في الرابع من يونيو/ حزيران المقبل وتعد روسيا والسعودية أبرز الأعضاء فيه.

ويزداد انتقاد الرياض لروسيا بسبب عدم التزامها بقرار خفض إنتاج النفط كما تعهّدت في السابق، مما يعقّد الجهود السعودية لرفع أسعار النفط إلى المستويات المطلوبة التي تنشدها حول 81 دولاراً للبرميل، بحسب ما ذكر تقرير في نشرة "أويل برايس" اليوم الثلاثاء.

وحسب التقرير، أعرب مسؤولون من السعودية عن عدم الرضا على روسيا بشأن مستوى إنتاجها النفطي، وطلبوا من المسؤولين الروس أن تلتزم موسكو بتعهدها بخفض إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية العام الجاري.

عمدت روسيا إلى زيادة حصتها السوقية بقوة في أكبر سوقين في آسيا، وهما السوق الصيني والهندي

وتصرّ روسيا على أنها ستخفض الإنتاج كما هو مخطط لها من قبل تحالف "أوبك+" الذي تعدّ أبرز الأعضاء الفاعلين به، ولكن خبراء غير مقتنعين بذلك، خاصة أن موسكو أوقفت أية تقارير رسمية عن مستويات إنتاجها من الخامات البترولية في الشهور الأخيرة.

وتشير البيانات النفطية إلى أنه حتى إذا واصلت روسيا التزامها بخفض الإنتاج، فإن إمداداتها من النفط للأسواق الدولية آخذة في الازدياد، لا سيما في الأسواق الآسيوية الرئيسية التي لطالما هيمنت عليها السعودية والدول النفطية العربية في الماضي، خاصة أسواق الصين والهند وجنوب شرق آسيا.

وعمدت روسيا إلى زيادة حصتها السوقية بقوة في أكبر سوقين في آسيا، وهما السوق الصيني والهندي، وهي الآن المورد الأول لكل من الصين، بسبب العروض الرخيصة لخاماتها لتجار النفط ومشتقاته في آسيا.

وكانت السعودية تحتل المركز الأول في وقت سابق من هذا العام في أسواق الصين النفطية، كما أن حصتها في الهند تراجعت بسبب توجه المصافي الهندية لشراء الخامات الروسية. وارتفعت حصة روسيا الآن في السوق الهندي إلى أكثر من حصتي العراق والسعودية مجتمعين، حسب بيانات شركة "فورتيكسا" الأميركية التي تراقب شحنات النفط العالمية.

ويرى محللون أن الانتقاد السعودي لموسكو بشأن إنتاجها النفطي يبدو منطقياً، لأن المملكة لا تخسر حصتها في آسيا فحسب، بل إن تخفيضاتها البالغة 500 ألف برميل يومياً فشلت في رفع أسعار النفط، والتي تراجعت الآن تقريباً إلى المستوى الذي كانت عليه قبل التخفيضات.

وحسب "أويل برايس"، بالنسبة لروسيا، فإن من المنطقي زيادة مبيعاتها لأكبر بلدين مستوردين في آسيا على أمل تعويض ما خسرته من العقوبات الغربية عليها في الأسواق الأوروبية.

تستفيد الشركات الروسية من "الأسطول المظلم" أو الناقلات النفطية التي تتفادى الالتزام بالعقوبات وتبيع الخام بأسعار تتجاوز 60 دولاراً للبرميل

وحسب التقرير تستفيد الشركات الروسية من "الأسطول المظلم" أو الناقلات النفطية التي تتفادى الالتزام بالعقوبات وتبيع الخام بأسعار تتجاوز 60 دولاراً للبرميل في بعض الأحيان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت وكالة الطاقة الدولية (IEA) إن روسيا فشلت حتى الآن في خفض إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يومياً، وربما تتطلّع إلى زيادة الإنتاج لتعويض الإيرادات المفقودة.

وتلمح روسيا أيضاً إلى أنها تفضّل أن يترك شركاؤها في مجموعة "أوبك +" إنتاج النفط دون تغيير، لأن موسكو تبدو مرتاحة مع أسعار النفط الحالية وحصص الإنتاج.

وفي الأسبوع الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أسعار الطاقة تقترب من مستويات "مبررة اقتصادياً". لكن بالنسبة للسعودية، لا يبدو أن النفط الذي يقل عن 80 دولاراً "له ما يبرره اقتصادياً". ومن ثم، فإن الرياض غير راضية على موسكو، وربما يظهر ذلك في اجتماع "أوبك+" المقبل في الرابع من يونيو/ حزيران.

وكان صندوق النقد الدولي قد ذكر في وقت سابق هذا الشهر أن السعودية بحاجة إلى أسعار النفط عند 80.90 دولاراً للبرميل لتغطية نفقات ميزانيتها هذا العام. وتم تداول النفط هذا الأسبوع عند حوالي 77 دولاراً للبرميل.

صندوق النقد الدولي: السعودية بحاجة إلى أسعار النفط عند 80.90 دولاراً للبرميل لتغطية نفقات ميزانيتها هذا العام

والأسبوع الماضي، قبل أن تُطلق روسيا تلميحات إلى أنها تفضّل أن تترك "أوبك+" مستويات الإنتاج كما هي؛ حذّر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التجار من بيع عقود النفط الآجلة على المكشوف.

في هذا الصدد، قال كبير محللي السوق في OANDA، كريج إيرلام، في أواخر الأسبوع الماضي: "ربما تريد السعودية إبقاء المتداولين في حالة تأهّب لاحتمال ارتفاع الأسعار".

المساهمون