تساؤلات مشروعة قبل بيع أصول مصرية

15 فبراير 2023
بنك القاهرة أحد أبرز البنوك المطروحة للبيع (العربي الجديد)
+ الخط -

يوم 29 أبريل 2019 خرج علينا طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري في ذلك الوقت، بتصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قال فيه إن من المتوقع الانتهاء من إتمام صفقة بيع المصرف المتحد إلى صندوق استثمار أميركي عملاق خلال 3 أشهر، بعد انتهاء المؤسسة من عمليات الفحص النافي للجهالة.

ساعتها لم يكشف عامر عن اسم المؤسسة، لكنه قال في تصريحات بثتها الوكالة الرسمية إن الصندوق الأميركي يعد واحداً من أكبر صناديق الاستثمار في العالم، حيث يصل رأسماله إلى نحو 104 مليارات دولار.

بيع أصول الدولة بالأمر المباشر وفي الكتمان، يفتح باب جهنم على المؤسسات الحكومية، ويثير الشكوك حول شفافية ونزاهة قرارات بيع المال العام

عدم الكشف عن اسم المستثمر الأجنبي لم يكن هو المعضلة الأبرز في التصريح الصادم الذي رحت أنتقده بشدة في مقال نشرته في ذلك الوقت، ذلك لأن البنك المركزي وبهذه الطريقة يبيع أصوله، التي هي في الأصل أصول الدولة، بالأمر المباشر وليس عن طريق المناقصات والمزايدات العلنية كما جرت العادة مع عمليات بيع البنوك والشركات المملوكة للدولة في فترة التسعينيات.

وتحول مقالي وقتها إلى مصدر رئيسي لاستجواب ضد الحكومة في البرلمان قدمه النائب هيثم الحريري وعدد فيه مخاطر البيع بالأمر المباشر.

كما أن عامر لم يتحدث أصلاً عن وجود منافسين للصندوق الأميركي على صفقة شراء البنك المصري، ومن هي الجهة التي ستحدد إن كان العرض المالي المقدم مقبولاً أم لا.

موقف
التحديثات الحية

بعدها كتبت عدة مقالات وتحدثت في عدة برامج تلفزيونية عن مخاطر بيع أصول الدولة بالأمر المباشر وفي الكتمان، ذلك لأنه يفتح باب جهنم على المؤسسات الحكومية، ويثير الشكوك حول شفافية ونزاهة قرارات بيع المال العام، ويفتح الباب أيضا أمام "القيل والقال" وانتشار الشائعات والمزاعم حول إهدار المال العام وبيع أصول الدولة بأبخس الأثمان.

ومع إعلان الحكومة قبل أيام عن بيع 32 شركة حكومية، من بينها 3 بنوك، هي بنك القاهرة والمصرف المتحد والبنك العربي الأفريقي الدولي، فإن المخاوف التي تكتنف عملية وأسلوب البيع لا تزال حاضرة وبقوة.

وعلى الجهات المسؤولة في الدولة أن تخرج برسالة تطمئن فيها الرأي العام على نوعية الأسلوب الذي سيتم تطبيقه في صفقات البيع، هل هي مناقصة عامة عالمية ومزاد علني كما جرى مع بنك القاهرة في العام 2008، وقبلها بنك الإسكندرية الذي تم بيعه في العام 2006 وتنافست عليه بنوك عربية وعالمية كبرى وفاز بنك انتيسا سان باولو وقتها بصفقة الشراء؟

على الجهات المسؤولة أن تخرج برسالة تطمئن فيها الرأي العام على نوعية الأسلوب الذي سيتم تطبيقه في صفقات البيع، هل هي مناقصة عالمية، أم بيع بالأسلوب المباشر

أم ستجرى عملية البيع وفقاً للأمر المباشر؟ وهو ما يعني تفاوض الحكومة مباشرة مع مستثمر واحد، في حين يتطلب أسلوب المزاد العلني من المؤسسات الراغبة في الشراء التقدم بعروض مالية وفنية في مناقصة يتم الإعلان عنها في وسائل الاعلام العالمية والمحلية، على أن تختار لجنة رسمية من بين أعضائها ممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات والبنك المركزي والرقابة الإدارية العرض الأفضل.

وفي حال بيع حصة رئيسية من الشركات التابعة للدولة عبر زيادة رأس المال أو الطرح في البورصة، فإن السؤال هنا هو: من سيقوم بتقييم أسهم هذه الشركات بطريقة عادلة وشفافة؟

هل سيتم تقييم السهم طبقاً لقيمته السوقية المتراجعة بقوة بسبب الظروف الصعبة التي مرت بها البورصة المصرية خلال السنوات الأخيرة، أم وفقاً لمعايير أخرى منها القيمة العادلة بناء على تاريخ الشركة المطروحة للبيع وسمعتها في السوق وإيراداتها الحالية والمتوقعة وغيرها من المعايير الاستثمارية؟

5 مؤسسات مالية خليجية تتنافس على شراء المصرف المتحد البالغ حجم أصوله 2.5 مليار دولار

في كل الأحوال ظهرت قبل أيام تطورات إيجابية يمكن البناء عليها في تحديد أسلوب وقرارات البيع المرتقبة منها مثلاً تنافس عدد من المؤسسات المالية العربية على صفقة شراء المصرف المتحد، من بينها 3 صناديق سيادية خليجية هي صندوق الاستثمارات العامة السعودي والصندوق السيادي القطري وصندوق الثروة السيادي الإماراتي، إضافة إلى بنكي الرياض والراجحي السعوديين.

هذا التنافس على المصرف المتحد يعيدنا إلى المطالبة بتطبيق أسلوب المزاد في عملية بيع البنك المصري البالغ حجم أصوله 75 مليار جنيه، ما يعادل 2.5 مليار دولار، وكذا تطبيقه في كل صفقات البيع خاصة المتعلقة بالمؤسسات البالغة الحساسية مثل البنوك، حتى نغلق الباب أمام الشائعات والقيل والقال.