على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، تعمل تركيا على تقييد بعض الصادرات بهدف ضمان أمن الإمدادات الغذائية في الدولة ومنع ارتفاع الأسعار، على أن يكون هذا التقييد مرهوناً بطبيعة السوق، أي أنّه متغير وفق الاحتياج المحلي، لكنّ هذا القرار تقابله تخوفات من قبل المصدرين.
وكانت وزارة الزراعة والغابات أعلنت، في بيان بالجريدة الرسمية، عن تقييد 20 منتجاً من المنتجات التركية حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، ويعد أبرز تلك المنتجات الطماطم، البصل، الثوم، الخيار، الفاصوليا الخضراء، الباذنجان، الفلفل الأخضر، الزيتون، الفاصوليا البيضاء، العدس الأحمر، البرتقال، اليوسفي (أفندي) الليمون، البطيخ، التفاح، زيت الزيتون، الدواجن، والبيض، والزبدة.
وعلى الرغم من أنّ سلطة تنظيم الاستيراد والتصدير هي حالياً في وزارة التجارة، فقد صدر تصريح لوزارة الزراعة والغابات بتصدير بعض المنتجات الغذائية، بالإضافة إلى تفويضها في وضع لوائح دورية في تصدير المنتجات المحددة عند الضرورة.
وفي هذا السياق، أبدى تجار اعتراضهم على قرارات مثل هذا، مشيرين إلى أنّ أسواق التصدير المستهدفة لا تكتسب بسهولة، وأن الأسواق المفقودة تمتلئ على الفور من قبل البلدان الأخرى، وأن هناك تكلفة لاستعادة تلك الأسواق.
ويرى أحد التجار في مدينة إسطنبول، فرحات إردمير، أن هذا القرار قد يؤدي إلى خفض أسعار الخضراوات والفواكه خلال الفترة القادمة نتيجة الفائض من المعروض، لكنّ هذا الفائض سيفسد بمرور الوقت لعدم قدرة تلك المنتجات على الاحتفاظ بصلاحيتها مدة كبيرة.
أضاف إردمير لـ"العربي الجديد": "سيؤدي وقف التصدير إلى الهروب من زراعة تلك المحاصيل في الموسم المقبل، ما يعني أننا سنواجه انكماشاً في الإمدادات وتضخم أسعار الغذاء".
وارتفعت أسعار المستهلك (التضخم) في تركيا بنسبة 4.8 في المائة في فبراير/ شباط الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، فيما بلغ التضخم السنوي 54.4 بالمائة، وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية (حكومية).
ورفع البنك المركزي التركي توقعاته لنسبة التضخم بحلول نهاية عام 2022 من 11.8 في المائة إلى 23.2 بالمائة، على أن يتراجع إلى 8.2 في المائة نهاية عام 2023.
ارتفعت أسعار المستهلك (التضخم) في تركيا بنسبة 4.8 في المائة في فبراير/ شباط الماضي مقارنة بالشهر الذي سبقه، فيما بلغ التضخم السنوي 54.4 بالمائة
بدوره، قال أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير في إسطنبول فراس شعبو، لـ"العربي الجديد" إنّ تقييد 20 منتجاً ليس بهذا التأثير القادر على خفض الأسعار بشكل كبير، خصوصاً مع التضخم المتزايد، وبالتالي، المشكلة الأساسية هي مشكلة تضخم وليست مشكلة توفر مواد.
وأضاف أنّ تكلفة الإنتاج والزراعة المرتفعة تنعكس على الأسعار سواء تم تصديرها أو لا، مشيراً إلى أنّه إن لم تصدر فستنخفض الأسعار، لكنّ المزارع، في النهاية، لديه تكاليف مرتبطة بالمحروقات والنقل والأسمدة، والتي تأثرت جميعها بالتضخم.
وأوضح أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير أنّ تركيا دولة تعتمد على الصادرات، وبالتالي، هذا القرار يعد مرحلياً لاحتواء غضب الشعب مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، التي تشهد هذا الارتفاع الملحوظ نتيجة عوامل عديدة، منها تقهقر الليرة التركية والتضخم العالمي وارتفاع أسعار المحروقات التي تخطت 100 دولار للبرميل وأزمة سلاسل التوريد.
وكان رئيس لجنة الزراعة والغابات والشؤون الريفية البرلمانية، يونس كيليش، قال إنّه إذا كانت تركيا في مستوى يمكنها من تلبية الاحتياجات المحلية أو أقل، وفقاً لمعدلات إنتاج هذه السلع، فإنّ الهدف من ذلك هو منع ارتفاع الأسعار في السوق المحلية من خلال ربط الصادرات بمعايير معينة.
وأضاف كيليش، في تصريحات صحافية، أنّ هذا الترتيب يمنع الأسعار من الارتفاع أكثر ويكبح جماح التضخم، والغرض من هذه التدابير هو ضمان وصول المستهلكين إلى المنتج بأسعار منخفضة.
وألمح إلى أنّه لا ينبغي أن يقلق المنتجون، مشيراً إلى أنّ الوضع تجرى مراقبته بشكل دوري، و"هذا لا يعني أنّ صادرات تلك المنتجات محظورة" بل "ستجرى مراقبة السوق واستخدام سلطة التقييد إذا لزم الأمر".
وسجلت الصادرات التركية زيادة بنسبة 32.8 في المائة في 2021 مقارنة بالعام السابق، وبلغ حجمها 225 ملياراً و291 مليون دولار، وفق معطيات وزارة التجارة وهيئة الإحصاء التركية.