اعتقلت الشرطة التركية، اليوم، 51 تاجراً بتهمة تخزين سيارات جديدة وفرض أسعار باهظة عن طريق الاحتيال، بعد اعتقال 226 تاجراً في 50 ولاية تركية خلال الأيام الأخيرة، بعد تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "رجال الأعمال الذين خزنوا البضائع بشكل غير قانوني لن يفلتوا من العقاب".
ويقول مكتب المدعي العام في مقاطعة كارابوك إن السيارات التي يجب أن تكون في صالات عرض التجار يتم جمعها وتخزينها من قبل التجار أو مشتري السيارات غير الرسميين، ما يخلق احتكارًا في سوق السيارات الجديدة.
هذا الواقع رفع، بحسب وكالة "الأناضول" التي أوردت خبر الاعتقال اليوم، أسعار السيارات المستعملة إلى أعلى من أسعار العلامة التجارية نفسها والطراز "صفر كيلومترات"، وذلك بسبب بيع السيارات الجديدة عن طريق وضع إعلانات بأسعار أعلى بكثير من أسعار قائمة التجار.
ويؤكد مدير المبيعات بمعرض سيارات بمنطقة إيسنلر بإسطنبول طوفان دويماز، لـ"العربي الجديد"، تراجع عرض السيارات بالصالات، بعد "الإقبال الكبير" على شراء السيارات بالتوازي مع تراجع سعر صرف الليرة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وموقع "صابندان".
ويقدر ارتفاع الأسعار خلال العام الجاري بين 50% و65% للسيارات المستعملة، لافتاً إلى أن "السيارة الكورية موديل 2015 تباع بنحو 200 ألف ليرة تركية".
ويرى دويماز أن السيارات والعقارات هما القطاعان الأكثر نشاطاً اليوم، بواقع عدم وضوح مستقبل سعر الليرة وملاحقة محتكري السلع الغذائية، ما دفع أصحاب الرساميل للشراء والاستفادة من ارتفاع الأسعار، خاصة بعد تراجع استيراد السيارات الجديدة، معلقاً على اعتقال محتكري السيارات بأن غالبية عمليات البيع تتم إلكترونياً، بعد ابتعاد التجار عن الصالات ولفت الأنظار.
وكانت وزارة الاقتصاد قد وضعت ضوابط صارمة منذ أيلول/سبتمبر العام الماضي بالنسبة للبيع الإلكتروني، وفرضت مخالفة على مبيع أكثر من 3 سيارات خلال العام لمن لا يمتلك ترخيصاً بالبيع، وأصدرت قرارات من شأنها الحد من المنافسة والتلاعب بالأسعار.
كما ألحقت الوزارة الضوابط، إثر ارتفاع أسعار السيارات المستعملة، بلائحة السيارات المستعملة لضبط أسعارها وتنظيم تجارتها، وأعلنت أن الشركات التي لا تملك تفويضًا ببيع السيارات المستعملة لن تكون قادرة على التجارة بها، معتبرة ذلك مخالفة بنشاط بيع غير مرخص تعاقب عليه الشركات.
ويبلغ الحد الأعلى للغرامة على احتكار السيارات بتركيا 545 ألفاً و550 ليرة مع إجراءات رادعة فرضتها وزارة التجارة بعد "جنون السوق"، كما يصفه صاحب شركة السيارات إينو أكيول، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أن سبب ارتفاع الأسعار وتراجع العرض بالصالات، فضلاً عن الاحتكار والاتجار بالسيارات بعد تراجع سعر صرف الليرة، هو اضطراب سلسلة التوريد العالمية وأزمة الرقائق وتراجع الإنتاج والاستيراد.
وحول الأسعار الحالية مقارنة مع العام الماضي، يقول أكيول إن القياس يتم وفق عام 2019 قبل كورونا، ونسبة الارتفاع لا تقل عن 100%، فمتوسط سعر السيارة من طراز "كليو" مثلا في 2021 يقدر بنحو 350 ألف ليرة ومن طراز "هيونداي" بنحو 250 ألف ليرة، لترتفع السيارات الألمانية إلى أسعار خيالية، ففولكسفاغن المفضلة لدى الأتراك وصل سعرها إلى نحو 590 ألف ليرة "لكن الأهم تراجع العرض والاستيراد اللذين سيزيدان السوق جنوناً".
وتسعى تركيا لتبريد سوق السيارات، بعد تراجع الإنتاج خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى 115.078 وحدة، بانخفاض 20% عن العام السابق، وفق بيانات رابطة مصنعي السيارات، كما بلغ إجمالي الصادرات 75892 وحدة، بانخفاض أكثر من 25% عن العام السابق.
وتقوم السلطات بملاحقة الاحتكار وتخفيض قيمة ضريبة السيارات السنوية للعام 2022، حيث نص قرار الحكومة التركية على تخفيض معدل إعادة تقييم ضريبة السيارات من 36.2 بالمائة إلى 25 بالمائة، ما يؤدي، بحسب مختصين، إلى تخفيض أدنى مبلغ لضريبة المركبات من 1432 ليرة إلى حوالي 1300 ليرة.
وكان من المتوقع أن يتم رفع ضريبة السيارات على من تراوح أعمار مركباتهم بين 1-3 سنوات والذين يبلغ حجم أسطوانة المحرك لديهم 1300 وما دون إلى 1431 ليرة لعام 2022، لكن تركيا وبسبب ظروف التعطل خلال عام كورونا وما تلاه من تراجع الإنتاج والاستيراد، خفضت الضريبة.
لكن الاحتكار والتلاعب عبر البيع الإلكتروني، بحسب تاجر السيارات أكيول، زادا من حدة الأسعار، مشيراً إلى دخول موظفين ومصرفيين إلى السوق "لكسب المال من تبدل الأسعار"، فهؤلاء يضعون أسماءهم في قائمة طلبات التجار، وعندما يحين دورهم لاستلام السيارة، فإنهم يحاولون تحقيق ربح من خلال بيع السيارة الجديدة بسعر أعلى من القيمة السوقية.
وحول أثر تخفيض الضرائب في العام المقبل على الأسعار، يعتبر تاجر السيارات ذلك مهماً، لكن المشكلة بضريبة الاستهلاك الخاصة (SCT)، التي تزيد من الأسعار، معتبراً أن سوق السيارات مرتبط بسوق الصرف، "فإذا سعّرنا على الدولار، لا نرى زيادة بأكثر من 15% خلال الشهر الأخير، في حين تراجعت الليرة بأكثر من هذه النسبة".