بلغ التضخم في تركيا في شهر شباط/فبراير أعلى معدل له في عقدين على أساس سنوي، حسب ما أظهرته أرقام وكالة الإحصاء الرسمية الخميس، على خلفية قرارات الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدية إزاء خفض معدلات الفائدة، وضعف العملة.
ارتفعت أسعار الاستهلاك بنسبة 4,8 بالمائة في شباط/فبراير لتسجل 54,4 بالمائة على مدى عام، وفق البيانات، مع استمرار ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة في دفع الأسعار للارتفاع.
وبدأ ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا يتصاعد بسرعة منذ الخريف الماضي، مع ضعف الليرة بعدما شرع البنك المركزي في سبتمبر / أيلول في دورة تيسير سعى إليها الرئيس رجب طيب أردوغان منذ فترة طويلة.
وأدت التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة إلى أزمة عملة، تسببت في خسارة الليرة 44% من قيمتها أمام الدولار العام الماضي.
وأدى انخفاض الليرة إلى ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 50% الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى له في ظل حكم أردوغان الممتد لما يقرب من 20 عامًا، حيث رفعت تركيا الأسعار بشكل عام، من رسوم الطرق إلى الكهرباء.
وخفضت تركيا ضريبة القيمة المضافة على الغذاء إلى 1% من 8% في فبراير لمحاربة التضخم.
وحسب اتحاد نقابات، على الرغم من خفض ضريبة القيمة المضافة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.1% في فبراير في العاصمة أنقرة.
ومع ذلك، يعتبر الاقتصاديون أن الأسعار سترتفع أكثر في الأشهر المقبلة، بسبب المخاطر على أسعار السلع والإنتاج الزراعي، حيث يرى البعض أنها تبلغ ذروتها في مايو/ أيار تقريبًا وتبقى مرتفعة على مدار العام، تأثراً بتداعيات غزو روسيا لأوكرانيا.
ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن ارتفاع الأسعار مستمر مع تصاعد أسعار الطاقة عالمياً، "وسط ترقب لتداعيات الحرب في أوكرانيا على تركيا التي ترتبط بعلاقات اقتصادية كبيرة مع روسيا، سواء بالنسبة إلى التبادل التجاري أو عدد السياح أو المشاريع المشتركة الكبرى وبمقدمتها السيل التركي ومحطة "آق قويو" النووية في قضاء "غولنار" في ولاية مرسين.
وحول ارتفاع التضخم يضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن الحرب في أوكرانيا لم تكن في الحسبان، ما سيزيد الضغط على تركيا التي تستورد أكثر من 95% من استهلاكها النفطي بما يوازي 34 مليار دولار سنوياً.
ولكن، يستدرك الاقتصادي التركي، "قد ينعكس تراجع الصادرات إلى روسيا، خاصة الخضر والفواكه تراجعاً في أسعارها بالسوق التركية، كما نرى أخيراً بالنسبة للحمضيات والباذنجان والطماطم". ولكن بالمجمل، يختم أويصال،" تبقى نسبة تضخم الأسعار أعلى من زيادة الأجور التي أقرتها تركيا مطلع العام الحالي، ما ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين".
وكان وزير المالية التركي، نور الدين نباتي قد توقع أن يبلغ معدل التضخم ذروته عند نحو 40% خلال الأشهر المقبلة، وألا يتجاوز 50% في 2022.
وأضاف الوزير التركي خلال لقاء 60 خبيرا ومحللا اقتصاديا في إسطنبول أخيراً، أن معدل التضخم قد لا ينخفض عن 30% حتى نهاية العام لكنه لن يرتفع أكثر من 50%.
وأظهر رسم بياني من قبل البنك المركزي في يناير أنه يتوقع أن يقترب التضخم من 50% في يناير/كانون الثاني، والذروة بالقرب من 55% في مايو ثم ينخفض بشكل حاد في الربع الثالث.
وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف من مزيد من الضغوط التضخمية في تركيا، وهي مستورد للنفط والغاز الطبيعي والحبوب، التي ارتفعت أسعارها بسبب الصراع. ويرى الاقتصاديون استمرار الضغط التصاعدي على مؤشر أسعار المنتجين، بعدما تجاوز 90% في يناير/كانون الثاني.