بعد اعتراف تركيا بعدم قدرة نحو 6 ملايين مواطن على تسديد قيمة فواتير الطاقة ودفع وزارة المالية الذمم عنهم الأسبوع الماضي، رفعت الحكومة، اليوم الخميس، أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي 20% للمساكن، و30% للقطاع العام والخدمات، و50% للقطاع الصناعي، بحسب بيانٍ هيئة تنظيم الطاقة التركية.
وتقول الهيئة، خلال بيان اليوم، إنه في الوقت الذي يعاني فيه العالم من آثار وباء كوفيد-19، بدأت الحرب الروسية الأوكرانية لتجلب عواقب وخيمة على أسواق الطاقة العالمية بأكملها، وتركيا تعتمد بشكل شبه كامل على الواردات لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي والنفط.
وأدى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية هذا العام، فضلا عن الانخفاض الحاد في الليرة الذي بلغ 44% في 2021 وأكثر من 27% هذا العام، إلى ارتفاع الأسعار محليا.
من جهتها، قالت شركة بوتاش الحكومية المستوردة للطاقة إنها رفعت سعر الغاز الطبيعي للاستخدام المنزلي بنسبة 20.4%، و47.6% لشركات الإنتاج الصناعي الصغيرة والمتوسطة، و50.8% للمستخدمين الصناعيين الكبار، ليبلغ سعر كل 100/كيلوواط ساعي للمشترك السكني، بعد زيادة اليوم، نحو 173.46 ليرة تركية.
وفي حين تستمر الليرة التركية في تراجعها أمام العملات الرئيسية، مسجلة اليوم 18.3 ليرة مقابل الدولار الواحد، تزيد التوقعات بارتفاع نسبة تضخم الأسعار، التي سجلت في تموز/ يوليو الماضي 79.6% على أساس سنوي، ما سيرفع من نسبة الفقر وعدم قدرة أسر تركية على تسديد فواتير الطاقة التي شهدت ارتفاعات بلغت أكثر من 100% على الكهرباء مطلع العام الجاري، قبل أن ترفع تركيا، في شهر حزيران/ يونيو، أسعار الغاز للمنازل والمصانع بنسب متفاوتة تراوحت بين 10 و40%، في حين رفعت أسعار الكهرباء بين 15 و25%.
وبواقع تراجع قدرة الأتراك الشرائية وعدم القدرة على تسديد الفواتير، أعلنت الحكومة التركية الأسبوع الماضي عن سداد ديون الكهرباء والماء والغاز للشركات الخاصة بدلاً عن المواطنين "محدودي الدخل"، بحسب بيان وزارة المال.
وأكد وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي، خلال البيان، أن الحكومة التركية تعتزم سداد بعض من ديون الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي والهاتف لـ6 ملايين مواطن تركي من ذوي الدخل المحدود، وذلك بعد دراسات مطولة خلال اجتماع جمع كلاً من وزير العدل بكير بوزداغ، ووزير الخزانة والمالية، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونمز، ووزير النقل والبنية التحتية عادل قرايسمايل أوغلو، في وزارة العدل في 17 أغسطس/آب الماضي.
وبحسب مركز أبحاث المعادن المتحدة (BİSAM)، فإن عتبة الفقر ارتفعت إلى 14978 ليرة، في حين لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور، بعد رفعه مرتين هذا العام، عتبة 5500 ليرة تركية، ما رفع التوقعات بزيادة نسبة الفقر عن 13% بتركيا.
وتعاني تركيا، التي تحتل المرتبة الأعلى من حيث الطلب على الطاقة بين دول منظمة التعاون والتنمية، من ارتفاع فاتورة الطاقة، إذ تستورد تركيا سنوياً أكثر من 90% من استهلاك الطاقة من الخارج، أي نحو 53.5 مليار متر مكعب من الغاز، ونحو 360 مليون برميل من النفط، بفاتورة تزيد عن 55 مليار دولار.
ويرى اقتصاديون أتراك أن هناك أسبابا عديدة أدت مجتمعة إلى ارتفاع فواتير الطاقة على المستهلكين، أولها ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية، ما يزيد من تكاليف إنتاج الكهرباء، لكن الدولة، برأيهم، لم تزل تتحمل نحو 7 مليارات دولار سنوياً، نتيجة دعم أسعار المشتقات النفطية، وهي اليوم بصدد إجراءات عدة، منها إلغاء الضرائب على مستهلكي الكهرباء بأقل من 150 واطا، وإعطاء سعر خاص لترشيد الاستهلاك، كما لن تسمح لشركات تحصيل الفواتير بفرض غرامات جراء تأخير سداد قيمة الفواتير.