تدمير اقتصاد الضفة: وزير مالية إسرائيل يخطط لتهجير الفلسطينيين

21 نوفمبر 2024
 جنود إسرائيليون في نابلس، 12 نوفمبر 2024 (Getty) 
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى حكومة نتنياهو، بقيادة سموتريتش، لتدمير الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية كجزء من خطة لضم الأراضي وتوسيع الاستيطان، مما يهدد باندلاع انتفاضة جديدة.
- تشمل الخطة نقل إدارة الأراضي والاستيطان للإدارات المدنية وتوسيع المستوطنات، مما يهدد بتدمير السلطة الفلسطينية واقتصادها عبر ضرب ميزانيتها وقطاعات حيوية.
- يواجه الاقتصاد الفلسطيني أزمة عميقة مع انكماش بنسبة 25% في الضفة الغربية، وتقدر فجوة التمويل للسلطة الفلسطينية في 2024 بنحو 1.86 مليار دولار، مما يهدد بتعطيل الخدمات العامة.

"بالنسبة إلى وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، فإن الحملة لتدمير الاقتصاد الفلسطيني، مرحلة ضرورية في خطته المعلنة للضم والطرد، ولكن هل سيطلق العنان لانتفاضة جديدة في الضفة الغربية؟". سؤال طرحته صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير موسع نشرته، الثلاثاء، يشرح مساعي حكومة بنيامين نتنياهو لهدم اقتصاد الضفة الغربية، ودفع سكانها نحو الهجرة في مقابل توسيع الاستيطان.

و"عندما يندلع جحيم في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية، فإن السابع من أكتوبر/تشرين الأول سيبدو وكأنه نزهة في الحديقة. فهناك كمية هائلة من الأسلحة هنا، وحياة العرب واليهود متشابكة"، هذه وجهة نظر أحد الصناعيين الفلسطينيين بشأن اقتصاد الضفة الغربية، وخطوات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ضدها وضد حكومة السلطة الفلسطينية.

إن كل هذا مدروس بعناية شديدة، وفق الصحيفة الإسرائيلية، بتشجيع من نتنياهو، "باعتباره المرحلة الأولى من خطة ضم الضفة الغربية وإغراقها بالإسرائيليين اليهود. وسيُشجَّع الفلسطينيون هناك على الهجرة، وسيصبح الباقون منهم سكاناً لإسرائيل الكبرى الممتدة من النهر إلى البحر من دون حق التصويت".

وعندما يفكر أغلب الإسرائيليين في سموتريتش، وفق هآرتس، فإن أول ما يتبادر إلى أذهانهم أنه وزير مالية فاشل، وهذا صحيح، فإسرائيل في حالة ركود، وأسعار الفائدة في ارتفاع. فضلاً عن ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت موازنة 2025 ستُمرَّر، والمجتمعات غير المنتجة مثل المتدينين المتشددين تنهب الخزائن العامة، وخفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف البلاد بدرجتين أو ثلاث درجات. وأخيراً، يتخلى المستثمرون الأجانب عن السندات الإسرائيلية.

خطة سموتريتش في الضفة الغربية

ولكن بالنسبة إلى سموتريتش، الذي تقلّ نسبة تأييد حزبه في استطلاعات الرأي كثيراً عن نسبة الـ 3.25%، فإنّ وزارة المالية ليست سوى أداة ووظيفة ثانية له. ووظيفته الحقيقية، بحسب هآرتس، التي يتصرف فيها بحزم وفقاً لخطة مفصلة، تدمير اقتصاد السلطة الفلسطينية، وتمهيد الطريق لضم فعليّ. لا شك في أن نيّات سموتريتش واضحة. فعلى النقيض من غيره من الساسة اليمينيين، وخصوصاً نتنياهو الذي يتوخى الحذر في أقواله، أوضح سموتريتش رؤيته للضفة الغربية عدة مرات.

ففي يونيو/حزيران، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً عن تصريحات أدلى بها في مستوطنة في الضفة الغربية، في تجمع حاشد لحزبه، الصهيونية الدينية. وفي البؤرة الاستيطانية، ناقش سموتريتش الخطوات التي اتخذها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ضمّ الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع، كما قال. وستُنقل جميع أنشطة الاستيطان وإدارة الأراضي من الجيش إلى الإدارات الحكومية المدنية الخاضعة لسيطرته.

في إبريل/نيسان، عيَّن سموتريتش روث نائباً لرئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، ليكون أول شخص مدني يتولى هذا المنصب على الإطلاق. ومن خلال هذه الآلية، يخطط سموتريتش للموافقة على بناء عشرات المستوطنات الجديدة وجلب نصف مليون مستوطن آخر إلى الضفة الغربية، ما يرفع العدد الإجمالي إلى مليون مستوطن، وفق الصحيفة الإسرائيلية. لكنّ نقل اليهود إلى الضفة الغربية وإعداد المنازل والطرق لهم ليس سوى جزء واحد من الخطة.

أما الجزء الأكثر خطورة، والذي يقول المنتقدون إنه قد يؤدي إلى تكرار سيناريو السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فهو تدمير السلطة الفلسطينية واقتصادها، تؤكد الصحيفة الإسرائيلية. ولتحقيق هذه الغاية، بدأ سموتريتش بالفعل في ضرب أهدافه: ميزانية السلطة الفلسطينية، والنظام المالي، وسوق العمل، وشبكة الكهرباء والمياه، فضلاً عن قطاعات النقل والبناء والعقارات. وهذه ليست سوى قائمة جزئية. لقد تضرر اقتصاد الضفة الغربية بشدة منذ اندلاع الحرب قبل ثلاثة عشر شهراً.

كذلك لحقت أضرار بالغة بالضفة الغربية نتيجة للتدمير الكامل لاقتصاد غزة، الذي كان يشكل قبل الحرب نحو خمس الاقتصاد الفلسطيني.

الأزمة عميقة

وفي الشهر الماضي، وللمرة الأولى خلال الحرب، أصدر البنك الدولي والأمم المتحدة، فضلاً عن السلطات المالية الفلسطينية، تقييمات أولية حول عمق الأزمة. وقال إنه في الضفة الغربية انكمش الاقتصاد بنسبة 25%، "حيث شهدت قطاعات التجارة والخدمات والبناء والتصنيع أكبر انخفاض".

وقد استخدم البنك الدولي مصطلح "السقوط الحر"، وقال إن "فجوة التمويل لدى السلطة الفلسطينية من المتوقع أن تصل إلى 1.86 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يزيد على ضعف فجوة عام 2023، ما قد يفرض مخاطر مرتفعة لحدوث فشل منهجي، وبخاصة التأثير في تقديم الخدمات العامة". لكن قد يكون تقييم البنك الدولي متفائلاً للغاية.

إذ يقدّر رجل أعمال فلسطيني في حديث مع هآرتس، استناداً إلى تجربته الشخصية وتصريحات أصدقائه، أن اقتصاد الضفة الغربية أصبح أصغر بنحو 50% على الأقل من حجمه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. في حين أن انهيار اقتصاد غزة هو نتيجة للحرب ضد حماس، فإن اقتصاد الضفة الغربية يتدهور بسبب سياسة الحكومة الإسرائيلية، بحسب هآرتس. وزارة المالية التي يرأسها سموتريتش لا تحوّل أموال الضرائب التي تجمعها للفلسطينيين، وهو المبلغ الذي يشكل أكثر من 60% من عائدات السلطة الفلسطينية.

وامتنع سموتريتش عن تقديم الأموال اللازمة للخدمات، بما في ذلك الكهرباء والمياه. والسبب وراء ذلك سياسي؛ فعندما اشتكت السلطة الفلسطينية للأمم المتحدة بشأن تصرفات إسرائيل في غزة، احتجز سموتريتش المزيد من الأموال. وفي هذا العام انتظر سموتريتش حتى شهر يونيو/حزيران لإنهاء التجميد الكامل للتحويلات المالية للبنوك الفلسطينية.

ووفقاً للبنك الدولي، كانت إسرائيل قبل الحرب تحتجز 200 مليون شيكل (53 مليون دولار) من أموال السلطة الفلسطينية كل شهر، ولكن منذ شهر يونيو/حزيران بلغ هذا الرقم نحو 500 مليون شيكل، الأمر الذي أدى إلى خفض عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية بنحو 50%. وإذا أضيف إلى ذلك 150 ألف فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل حتى بداية الحرب وأصبحوا عاطلين من العمل، بخاصة في قطاع البناء، فضلاً عن التخفيضات في رواتب الحكومة ومعاشات التقاعد، وكذا ركود قطاع الأعمال إلى حد كبير، فمن السهل رؤية لماذا ينهار الاقتصاد.

ووفقاً لاتفاقيات أوسلو لا تستطيع البنوك الفلسطينية العمل خارج إسرائيل إلا من خلال بنكين إسرائيليين، هما هبوعليم وديسكونت، اللذين يطالبان بضمانة من وزارة المالية، خوفاً من دعاوى محتملة بالتحريض على الإرهاب. وكان هذا التعهّد يتجدد تلقائياً؛ ولكن سموتريتش أدرك أنه يستطيع القضاء على المالية الفلسطينية بعدم تجديد هذه الضمانة.

ويخاف الغرب من الإنقاذ الذي سيكلّفهم مليارات الدولارات، ويضغط على نتنياهو حتى لا يجرؤ على كبس "الزر النووي المالي"، بحسب تعبير هآرتس.

المساهمون