حوّل التونسيون المغتربون إلى بلادهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 5,7 مليارات دينار أي نحو 1,9 مليار دولار، في مقابل عائدات قطاع السياحة بقيمة تعادل 5,8 مليارات دينار وفق بيانات رسمية أفصح عنها البنك المركزي التونسي.
وتكشف البيانات ذاتها أن تحويلات التونسيين بالخارج زادت خلال العام الجاري بنحو 5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بما قيمته 264 مليون دينار ما يعادل 88 مليون دولار.
ويقدر عدد التونسيون في الخارج وفق احصائيات وزارة الخارجية 1,7 مليون مغترب من بينهم 90 ألفاً من الكفاءات العليا المقيمة في دول الاتحاد الأوروبي.
وتمثل تحويلات التونسيين بالخارج مصدر دعم أساسيا لرصيد النقد الأجنبي من العملة الصعبة الذي يصل إلى أكثر من 26 مليار دينار أي زهاء 8,6 مليارات دولار ما يوفر تغطية لـ118 يوما من التوريد بزيادة 12 يوما عن الفترة ذاتها من عام 2022.
وتقترب تحويلات 1,7 مليون مغترب من العائدات الإجمالية لقطاع السياحة الذي مكن من توفير إيرادات من العملة الصعبة بقيمة 5,8 مليارات دينار رغم تحسن أداء القطاع الذي استقطب ما يزيد عن 5,5 ملايين سائح إلى نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي.
وهذا العام لم تتمكن تونس من تحقيق أهدافها في تعبئة موارد بالعملة الصعبة عن طريق القروض الخارجية، بسبب تعثر الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي وعدم قدرتها على الخروج للسوق المالية للاقتراض.
وكان يفترض وفق قانون الموازنة لسنة 2023 أن تقترض تونس من الخارج هذا العام 14,9 مليار دينار أي ما يزيد عن 4.8 مليارات دولار، غير أن الموارد المعبئة من القروض لم تتجاوز 2.7 مليار دينار أي نحو 900 مليون دولار وفق أحدث البينات المتاحة على موقع وزارة المالية.
وعام 2022 توقع البنك الدولي ارتفاع الطلب على التحويلات المالية في بلدان المنشأ وسط تدهور الظروف المعيشية، وذلك نتيجة الجفاف في المغرب العربي وارتفاع أسعار القمح المستورد ورغم تآكل الأجور الحقيقية في منطقة اليورو بسبب التضخم.
توقع البنك الدولي في تقرير أصدره في مايو/ أيار 2022 أن تزيد تدفقات التحويلات المسجلة رسمياً إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة 4.2 في المائة هذا العام لتصل إلى 630 مليار دولار في أعقاب تعاف قياسي بلغ 8.6 في المائة في عام 2021.
لكن رغم أهمية مساهمة المهاجرين في دعم اقتصاد بلادهم لا تزال قوانين الصرف تقيّد تحويلاتهم عبر فرض عمولات على الأرصدة بالعملة الصعبة الأمر الذي يقلّص في رغبة العديد منهم في تحويل الأموال عبر البنوك التونسية.
وخلال السنوات الماضية قدم برلمانيون مشاريع عديدة لتحفيز المهاجرين على تحويل أموالهم نحو الأرصدة المحلية مقابل عائد مالي مجز، غير أن السلطات المالية لم تستجب لهذه المبادرات.
وفي وقت سابق قال رئيس لجنة الإصلاحات الاقتصادية الكبرى بمجلس نواب الشعب رياض جعيدان، إن البرلمان الجديد سيضع ملف تحفيز تحويلات التونسيين بالخارج ضمن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الكبرى.
وأكد جعيدان في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "لم يعد من المقبول أن تضع السلطات النقدية عمولات على الأرصدة بالعملة الصعبة في الوقت الذي تقدم فيه البنوك في دول الإقامة فوائد مجزية على ادخارات المغتربين".
وأشار جعيدان في سياق متصل إلى أهمية صياغة استراتيجية للإصلاح الاقتصادي يكون فيها للمغتربين دور مهم على مستوى تحفيز الاستثمارات ورفع مساهمتهم في المداخيل بالعملة الصعبة.
وأضاف " سيعمل البرلمان على إقناع الحكومة بتقديم قوانين تمنح التونسيين في المهجر حوافز على التحويلات المالية والاستثمارات الموجهة إلى بلادهم".