دفعت الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق ومستمر منذ عدة سنوات العائلات الأردنية إلى تغيير أنماط استهلاكها بالشكل الذي يمكنها من المواءمة ولو بالحد الأدنى بين احتياجاتها الأساسية ومداخيلها.
وشهدت مستويات المعيشة في الأردن تراجعا واضحا منذ 5 سنوات وتفاقمت بسبب جائحة كورونا وتداعياتها وفقدان أعداد كبيرة من المواطنين لوظائفهم وتخفيض رواتب آخرين. وسجلت البطالة ارتفاعا إلى 25% قبل أن تتراجع إلى حوالي 22% وفقا لبيانات رسمية.
كما ارتفعت نسبة الفقر في البلاد بنسبة كبيرة، حيث تقدرها جهات حكومية بأكثر من 15%، فيما ترى مؤسسات دولية أنها تتجاوز ذلك بكثير.
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك الأردنية (مؤسسة مجتمع مدني) محمد عبيدات، لـ"العربي الجديد"، إن الأردنيين اضطروا لتغيير سلوكهم الاستهلاكي للتكيف مع أعباء المعيشة وغلاء الأسعار، والتي قابلها ثبات الرواتب والأجور وعدم تلبيتها احتياجات الإنفاق على المتطلبات الأساسية.
وأَضاف أن السلوك الاستهلاكي للأردنيين أًصبح أكثر إيجابية من خلال الاقتصاد في الإنفاق وتوجيهه للحاجات الأساسية، كالغذاء والمسكن والصحة والتعليم والنقل والطاقة وغيرها.
وقال عبيدات: "لقد حدث تحول في طريقة تسوق وشراء الأردنيين خاصة السلع الغذائية، حيث يشاهد حاليا الشخص يشتري بالكيلو وبالحبة بالنسبة للخضار والفواكه وأجزاء من الدجاج واللحوم، بعد أن كان يشتري كميات كبيرة للتخزين وجزء كبير منها يتلف ويلقى في الحاويات".
وبين أن ذلك ساهم في تكيف الأسر مع غلاء الأسعار وتدني فرص العمل، وكذلك الاقتصاد في استهلاك المواد الغذائية والبحث عن خيارات متعددة للشراء بحثا عن أقل الأسعار.
وأوضح تقرير مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد السنوي (MPI) 2023، الصادر قبل أيام عن مكتب التنمية البشرية (HDRO) التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومبادرة جامعة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية (OPHI)، أن عدد الأسر الأردنية التي تعيش في فقر متعدد الأبعاد يقدّر بنحو 48 ألف أسرة في نهاية 2021 مقارنة مع 45 الف أسرة في عام 2017، بارتفاع نسبته 6.6%.
وأشار التقرير إلى أن نسبة شدة الحرمان في أوساط هذه الأسر تصل إلى حوالي 35.4%، وأن ما نسبته 0.7% من سكان الأردن عرضة للفقر متعدد الأبعاد، وأن نسبة الحرمان في التعليم تناهز 53.5% وتبلغ في الصحة ما نسبته 37.5%، في حين تقدر النسبة لمعيار المعيشة 9%.
قال عبيدات: "لقد حدث تحول في طريقة تسوق وشراء الأردنيين خاصة السلع الغذائية، حيث يشاهد حاليا الشخص يشتري بالكيلو وبالحبة بالنسبة للخضار والفواكه"
ويقيس مؤشر الفقر متعدد الأبعاد أوجه الحرمان في مجال الصحة والتعليم ومستوى المعيشة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الشخص ورفاهيته، من خلال جمع البيانات من 110 دول نامية تغطي 6.1 مليارات نسمة يمثلون 92% من السكان البلدان النامية.
مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة والتموين الأردنية قال، لـ"العربي الجديد"، إن "التغيير في أنماط وسلوكيات الاستهلاك في الأردن شهد تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، ومثال على ذلك ترشيد استهلاك الخبز بعد رفع الدعم عنه وزيادة أسعاره".
وَأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أننا "لم نعد نشاهد إلقاء الخبز في الحاويات وعلى أطراف الطرق، لأن المواطن يبحث عن التوفير ولم يعد يسرف في استهلاك الخبز حاليا، حيث رُفعت الأسعار من 16 إلى 32 قرشا وذلك في إطار سياسة توجيه الدعم للفئات المستهدفة والفقيرة وليس دعم السلعة".
وبين أن المواطن أصبح اليوم يفاضل بين الأسعار في المحال التجارية ويستفيد بشكل أفضل من العروض والتخفيضات التي تجريها على السلع، وخاصة المواد الغذائية.