تعويم كامل للجنيه ورفع الفائدة.. اتجاه "المركزي المصري" بعد قرض صندوق النقد

17 ديسمبر 2022
الجنيه المصري نحو المزيد من الهبوط (Getty)
+ الخط -

توقع محللون اقتصاديون خفضا جديدا في سعر صرف الجنيه أمام الدولار للاقتراب من السعر السائد في السوق الموازية، والذي تخطى ثلاثين جنيها، لتوحيد السعر. ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، في ساعة مبكرة من اليوم السبت، على قرض تمويلي جديد لمصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار، على أن تُسلّم الدفعة الأولى من القرض خلال أيام، والتي تبلغ نحو 750 مليون دولار.

وقال المحلل الاقتصادي ممدوح الولي لـ"العربي الجديد" إن التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه مطلب رئيس من مطالب صندوق النقد الدولي من الحكومة المصرية، بحيث ينتقل من التحرير المدار، أي الذي يتحكم فيه البنك المركزي حول 25 جنيها، إلى ترك الجنيه لآليات السوق.

وتوقع الولي زيادة سعر الفائدة بمعدل يفوق نسبة واحد بالمائة لمواجهة نسبة التضخم المرتفعة، التي بلغت حسب المؤشر الأساسي للبنك المركزي الخاص بالتضخم 21.5% خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وفسر الولي ذلك الاتجاه بأنه يرمي لجذب المودعين إلى الإيداع بالجنيه المصري على حساب الإيداع بالعملات الأجنبية، للاستفادة من الفارق الكبير بين سعر الفائدة على الودائع بالجنيه، الذي وصل إلى ما بين 17.25% و18% لشهادات الإيداع التي تطرحها البنوك الحكومية، وبين الفائدة على شهادات الادخار الدولارية التي تصل فائدتها إلى 5.3%.

وعلى جدول أعمال مجلس إدارة صندوق النقد اجتماعات للنظر في تعاملاته مع عشر دول، هي باربادوس وألبانيا وناميبيا ورواندا وأرمينيا والإكوادور وجامبيا وبنين والسنغال ومصر، ولاحظ مراقبون أن جدول أعمال الاجتماعات كافة معلن إلا مصر، حيث جدول أعمال الاجتماع مقيد، أي غير معلن وفقا لما هو منشور على موقع الصندوق.

شروط وخطوات

وأكد الناشر والسياسي هشام قاسم أن اشتراطات الصندوق للحصول على القرض هي أولا التعويم الكامل للجنيه، وهو جار على قدم وساق، وثانيا إلغاء برامج التمويل ذات الفائدة المنخفضة، وقد تم بإعلان البنك المركزي وقف العمل بها، وثالثا إلغاء استخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد، وهو ما بدأ يحدث ببطء.

تبقى مشكلة الاقتراض للصرف على المشاريع العملاقة التي يصفها قاسم في منشور له على "فيسبوك" بأنها "عديمة الجدوى الاقتصادية، وتغول اقتصاد الجيش والشركات المملوكة للنظام بشكل يؤثر سلبا على الاستثمار المحلي والدولي، وهما بندان محل الخلاف، ولم تقدم الدولة ضمانات لجديتها في معالجة آثارهما "ظنا أنها تمر بأزمة مؤقتة وهي بحاجة لتمويل معبري حتى تنتهي الأزمة، دون أدنى تصور لنهايتها أو فهم لإصرار الصندوق على موقفه".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويتلخص موقف الصندوق في أن محاولة تشييد عاصمة جديدة كان خطأ جسيما من البداية بسبب انعدام التخطيط العلمي، والقرار الفردي. وتابع قاسم: "اقتصاد الجيش كفيل بمنع الاستثمارات المحلية والدولية، وأرقام الحكومة تظهر أنها في انكماش منذ بداية التوسع غير المسبوق لسيطرة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد تحت النظام الحالي.

واجتمع صندوق النقد الدولي، في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة، من أجل مناقشة طلب مصر الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، ضمن حزمة دعم تم الاتفاق عليها خلال أكتوبر/تشرين الثاني الماضي بنحو 9 مليارات دولار مع الصندوق وشركاء التنمية. ولم يعقد البنك المركزي المصري أمس اجتماعا استثنائيا للجنة السياسات النقدية، كما كان متوقعا من قبل، لرفع الفائدة وتحرير سعر صرف الجنيه.

وفي إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، رفع البنك المركزي المصري، نهاية الشهر الماضي، أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، خلال اجتماع استثنائي، ليصبح سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 13.25% و14.25% على التوالي.

وكان وزير المالية محمد معيط قال، الأسبوع الماضي، إنه يأمل حصول مصر على أول شريحة من صندوق النقد الدولي بقيمة 750 مليون دولار خلال الشهر الجاري، عقب موافقة صندوق النقد الدولي في اجتماعه.

ويعتزم البنك المركزي المصري عقد آخر اجتماع دوري للجنة السياسة النقدية خلال 2022 يوم الخميس القادم، لبحث مصير سعر الفائدة على الإيداع والإقراض بحسب جدول الاجتماعات المنشور على موقعه الإلكتروني.

توقعات سعر الفائدة

ويتوقع محللون أن يرفع البنك المركزي في اجتماعه المقبل سعر الفائدة 2% على الإيداع والإقراض، ويطرح شهادة بفائدة مرتفعة 20%، بغية جذب المستثمرين، وسط شكوك حول نجاح المسعى عقب رفع الفيدرالي الأميركي، أمس الخميس، سعر الفائدة، ما يجعل المنافسة غير متكافئة.

وكان البنك المركزي عقد 7 اجتماعات للجنة السياسة النقدية خلال العام الجاري بخلاف الاجتماع القادم، منها اجتماعان استثنائيان تم فيها رفع سعر الفائدة، أحدهما في 21 مارس/آذار الماضي والثاني في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتتزامن الاجتماعات الاستثنائية مع قرار بخفض قيمة الجنيه، وهي إحدى توصيات صندوق النقد، الذي يطالب عادة بتخلي البنك المركزي عن دعم الجنيه ووجود عائد حقيقي على مدخرات العملاء.

ورفع صندوق النقد ارتفاع حجم الدين الخارجي لمصر بنهاية عام 2022 من 142 مليار دولار مقدّرة في إبريل/ نيسان الماضي، إلى 172.1 مليار دولار وفقاً لتوقعاته في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي للناتج المحلي الإجمالي ونسبة الدين الخارجي، ما يعني زيادة بنحو 30 مليار دولار.

المساهمون