اتسع نطاق الانتقادات والتحذيرات الأردنية لقرار الولايات المتحدة والعديد من البلدان بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين " الأونروا"، في إطار دعم هذه الدول المتواصل للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الوحشي على قطاع غزة.
وانتقلت التحذيرات الأردنية من سياق المخاطر التي ستلحق باللاجئين المستفيدين من خدمات الوكالة والأعباء التي ستتحملها الدول المستضيفة الى حد التركيز على المدلولات السياسية لذلك القرار، وأهمها محاولة أخرى لتصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة كون الأونروا وجدت بالأًصل لرعاية اللاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى بلادهم المحتلة منذ العام 1948.
ونظم سياسيون ونشطاء في الأردن ليلة أمس تظاهرة أمام مقر الأونروا في عمان دعا اليها تيار حراكي يطلق على نفسه اسم الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن.
وعبرالمشاركون في التظاهرة عن استيائهم من قرار الولايات المتحدة والدول الداعمة للمنظمة وأكدوا أن إلغاء "الأونروا" يعني إلغاء حق العودة بالإضافة إلى ما يشكله من زيادة عناء الفلسطينيين في مناطق اللجوء.
وانتقدوا الانحياز الأميركي والأوروبي للكيان الصهيوني في حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على الأهل في قطاع غزة وهي تشارك في إبادة الشعب الفلسطيني ليس في غزة فقط بل في كل أنحاء العالم.
وفي ذات السياق طالب المتظاهرون بوقف العدوان على غزة وكسر الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية بأسرع ما يمكن في مقابل الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سكان القطاع.
تراجع خدمات الأونروا
وكان مسؤولون في مخيمات للاجئين الفلسطينيين أكدوا لـ" العربي الجديد " أن تراجع تمويل الوكالة يعني تراجع الخدمات والمساعدات للمشمولين بمظلتها في كل من الأردن وسورية ولبنان إضافة إلى قطاع غزة في أعقاب إيقاف الدول الممولة لعملياتها في إطار دعمها المتواصل للاحتلال الإسرائيلي.
و قررت 9 دول ،بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا، تعليق تمويلها لوكالة الإغاثة في قطاع غزة بعد أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الوكالة في قطاع غزة الذين يبلغ عددهم 13 ألف موظف بالمشاركة في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال رئيس لجنة تحسين خدمات مخيم غزة الواقع في مدينة جرش على بعد 50 كلم شمال العاصمة عمان كايد غيث لـ"العربي الجديد" إن خدمات الوكالة في الأردن باتت مهددة اليوم أكثر بالتراجع أو التوقف، وخاصة ما يتعلق بالرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم والخدمات الأخرى في المخيمات البالغ عددها 13 مخيما.
وأضاف أن حوالي 6000 موظف يعملون في مدارس الوكالة داخل الأردن ومجالات الرعاية الأخرى سيعانون خلال الفترة المقبلة بسبب توقف رواتبهم ومستحقاتهم المالية، اضافة إلى أمور أخرى في غاية الأهمية كخدمات النظافة والرعاية الصحية والأمور المعيشية.
وقال إنه تم توجيه نداء عاجل إلى الأمم المتحدة من أجل توفير التمويل اللازم لعمليات الوكالة خاصة في الأردن، الذي يستضيف العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين وليس بمقدوره تحمل النفقات على متطلبات الرعاية خلال الفترة المقبلة بسبب أوضاعه الاقتصادية الصعبة.
وأكد أن هنالك محاولات متكررة من قبل الولايات المتحدة وغيرها لتصفية القضية الفلطسينية وإلغاء وكالة الغوث كونها تعطي مشروعية أممية لحق العودة للفلسطينيين.
الخبير الاقتصادي مازن مرجي قال لـ"العربي الجديد" إن اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بدأوا يلمسون تراجعا في الخدمات التي تقدمها الوكالة الأممية لهم وخاصة المساعدات المالية المباشرة للأفراد والعائلات.
وأضاف أنه وقف على حالات متعددة لتراجع المعونات المالية الشهرية المقدمة للاجئين الفلسطينيين في الأردن وبنسبة كبيرة، حيث فوجئوا لدى قيامهم بسحب الحوالات الشهرية بانخفاضها بنسبة كبيرة.
مخاطر على الأردن
وأعاد الخبير مرجي التأكيد على المخاطر التي ستواجه الدولة الأردنية نتيجة لتوقف تمويل الأونروا، وهي لا تقدر على تلبية متطلبات الإنفاق على العديد من المجالات الخاصة بالرعاية، وستكون الحكومة في موقف لن تحسد عليه، ولذلك يجب تكثيف الجهود خلال الفترة المقبلة للضغط على الولايات المتحدة وباقي البلدان للتراجع عن قرارها والمطالبة بزيادة حجم التمويل لا تخفيضه أو إيقافه.
عميد كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة حسن المومني، قال إن الكيان الصهيوني قام بتضخيم قضية العاملين بالأونروا لتحقيق غايات سياسية، ومحاولة التخلص من هذه المنظمة الأممية كونها تعتبرها عقبة أمام المشروع الصهيوني وتهدد هويته.
وأضاف في تصريحات صحافية أن وجود الأونروا يعطي هوية للاجئين الفلسطينيين، ولذلك ترى إسرائيل أنها لا تخدم مصلحتها وهو ما تشترك به مع الولايات المتحدة التي ترغب بالتخلص منها، فيما موقف الدول العربية بالامتناع عن التمويل لا يخدم القضية الفلسطينية.
وقال إن إلغاء دور الأونروا سيتسبب بكارثة إنسانية لملايين اللاجئين حول العالم، مشددا على ضرورة الحفاظ على هذه المؤسسة الأممية من أجل تقديم خدمات التعليم والصحة والمعونات الأخرى التي تعتبر أهم وسائل الحياة بالنسبة للفلسطينيين.
وأشار إلى أن الدول المتضررة من إلغاء الأونروا هي الدول المستضيفة للاجئين، الأمر الذي يفرض عليها القيام بمزيد من الضغط على الدول الداعمة نظرا لما سيلحقه إلغاء هذه المؤسسة من ضرر بتلك الدول.
وقال المومني إنه لطالما لم يتم التوصل لاتفاق نهائي وحل شامل للقضية الفلسطينية، فستبقى الأونروا عمود ارتكاز لدعم اللاجئين، ولا يمكن حلها إلا في إطار الحل السياسي للقضية الفلسطينية وقد يكون ذلك أحد بنود هذا الحل.
وتأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالى خمسة ملايين وأربعمائة ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.
وتقتضي مهمتها تقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية، وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم.
وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.
وأكدت الوكالة مراراً أنها تواجه طلباً متزايداً على خدماتها بسبب زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم.