تحديات تهدّد بمزيد من التدهور لزراعة غزة

30 سبتمبر 2021
عقبات عديدة تواجه المزارعين في القطاع (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

لم يتمكن المزارع الفلسطيني عرفات حمدونة، من مدينة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، من اللحاق بموسم زراعة الفراولة، بسبب الأوضاع المتردية في القطاع الزراعي، ومنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول المواد المُعقِمة للتربة، والتي تُساعد المزارعين على محاربة الآفات، وإنجاح مواسمهم الزراعية.

وتجمعت الأسباب التي تؤثر سلبًا على القطاع الزراعي في غزة، بدءا من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون في القطاع نتيجة الحرب الأخيرة وعدم صرف المساعدات المالية وعدم انتظام صرف الرواتب، إلى جانب مواصلة الاحتلال الإسرائيلي التضييق على المواد الخام عبر المعابر، ومنع دخول المواد اللازمة لمختلف المحاصيل.

الاحتلال الإسرائيلي يواصل التضييق على المواد الخام عبر المعابر، ومنع دخول المواد اللازمة لمختلف المحاصيل

ويقول حمدونة، لـ "العربي الجديد"، إنه تأخر عن البدء بزراعة الفراولة بسبب عدم دخول الغاز المخصص لتعقيم التربة، وحماية الأشتال من الحشرات والآفات الضارة، إلى جانب عدم تحصيله مبالغ الشيكات التي حصل عليها من الزبائن بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

ويحاول الاحتلال التنغيص على المزارعين بمختلف الوسائل، وفق تعبير حمدونة، وذلك عبر تضييق الخناق وعدم توفير المواد المُساعدة في إتمام زراعة المحاصيل وحمايتها من التلف، إلى جانب الاستهداف المُباشر للتربة والمحاصيل، من خلال رش المبيدات السامة، والتي تقتل الزرع، وتهديد المزارعين عبر إطلاق النار عليهم.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ولم يختلف الوضع في النواحي الشمالية لمدينة بيت لاهيا، القريبة من الحدود مع الأراضي المحتلة، حيث تطرّق المزارع الفلسطيني أحمد فلفل، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى الأضرار التي تسبب فيها العدوان الأخير على قطاع غزة، والذي خلّف دمارًا واسعًا في الأراضي الزراعية، علاوة على الضرر الأكبر، والذي تمثل في عدم قدرة المزارعين على الوصول إلى أراضيهم، ما تسبب في خسائر كبيرة.
ويربط المزارع الستيني أشرف فلفل، الخسائر التي تسبب فيها العدوان الإسرائيلي، بتعطيل الموسم الحالي، إذ لم تسمح الأوضاع المتوترة آنذاك بزراعة "أميات الشتل" والتي يتم غرسها في شهر أيار/مايو، تجهيزًا لاستخدامها في الموسم الحالي، والذي يبدأ التجهيز له من نهاية شهر أغسطس/آب ومطلع شهر سبتمبر/أيلول.
فيما يوضح فلفل، أن أوضاع المزارعين "من سيئ إلى أسوأ" بفعل الأوضاع الصعبة، والتي أثرت على مختلف القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الزراعي، والذي بات أصحابه "غير قادرين على تجميع ثمن التكاليف التي تم صرفها".

خبير: مواصلة إغلاق معبر كرم أبو سالم في وجه التصدير، أثر بشكل كبير على القطاع وشريحة المزارعين، الذين يعتمد جزء كبير منهم على التصدير في عمله

ويمتلك فلفل مشروعاً لزراعة الفراولة المُعلقة، بتكلفة 100 ألف دولار، إلا أنه لم يتمكن من إصلاح بعض الأعطال التي طاولت مشروعه، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء أسعارها وندرتها بعد الحرب.
ويقول لـ"العربي الجديد": "في السابق كُنا نجمع تكلفة المحاصيل بعد عشرة أيام، لكننا في الوقت الحالي يمر الموسم من دون القدرة على تجميع ما تم دفعه، علاوة على تراكم الديون على عدد كبير من المزارعين".
ويُرجع فلفل تدهور أوضاع القطاع الزراعي إلى المزاجية في إغلاق وفتح المعبر وفقًا لأهواء الاحتلال، الذي يمنع دخول المواد اللازمة للمواسم، علاوة على إغلاق المعابر في وجه التصدير، بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية المتردية في غزة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ورغم كل المعطيات السلبية، إلا أنّ مزارعي غزة يواصلون عملهم، على أمل أن يصادفهم موسم يعوضهم عن المواسم السابقة، والتي مُنوا فيها بخسائر كبيرة، وفق فلفل.
وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي مازن العجلة، لـ"العربي الجديد"، إنّ القطاع الزراعي والذي يُساهم بنسبة 7% من الناتج المحلي في قطاع غزة، وفقًا لآخر إحصائية، يعاني العديد من الأزمات، الناتجة عن تواصل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 15 عامًا، والذي لا يتيح للمزارعين الوصول إلى أراضيهم بسهولة، علاوة على تواصل إغلاق المعابر.

يحاول الاحتلال التضييق على مختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها القطاعات المتعلقة بالجانب الزراعي

ويشير العجلة إلى أن مواصلة إغلاق معبر كرم أبو سالم في وجه التصدير، أثر بشكل كبير على القطاع وشريحة المزارعين، الذين يعتمد جزء كبير منهم على التصدير في عمله.

ويضيف: "يحاول الاحتلال التضييق على مختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها القطاعات المتعلقة بالجانب الزراعي".
ولا يرى الخبير الاقتصادي الفلسطيني إمكانية حدوث أي تغيير إيجابي في الواقع الزراعي، في ظل تواصل المعطيات السلبية، التي تؤثر بشكل كبير على العملية الزراعية، وفي مقدمتها تواصل الحصار بمختلف جوانبه، بالإضافة إلى الواقع الاقتصادي المتردي، والذي يُضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.

المساهمون