أطلّت أزمة القمح في لبنان إلى الواجهة من جديد مع فتح المصرف المركزي اعتمادات لأربع بواخر فقط من أصل ثمانٍ في خطوةٍ يرفع الأخير فيها مسؤوليته، ويرميها عند مجلس الوزراء الذي لم يحوِّل إلّا 21 مليون دولار لحمولةٍ لا تغطّي كامل حاجة السّوق.
وأحدثت هذه الأزمة بلبلة في صفوف اللبنانيين، تُرجمت كالعادة بتهافتهم على شراء الخبز، الأمر الذي أدى إلى خلق طوابير طويلة أمام الأفران التي لم يفتح جميعها أبوابها على صعيد المناطق اللبنانية، إذ عمدت تلك التي نفد مخزونها إلى الإقفال.
يوضح رئيس نقابة أصحاب المطاحن في لبنان أحمد حطيط في حديثه مع "العربي الجديد" أن "مصرف لبنان المركزي حوَّل الأسبوع الماضي أموالاً لأربع بواخر فقط من أصل ثمانية ترسو في البحر، وذلك لقوله إن مبلغ الـ21 مليون دولار الذي أقرّه مجلس الوزراء لا يغطي إلّا 4 بواخر لا أكثر، وبالتالي فإنّ الكميات التي أُمِّنت من القمح وُزِّعَت على أربع مطاحن من أصل 12 مطحنة في لبنان، الأمر الذي قسَّم المشهد بين مطاحن تملك قمحاً مدعوماً، بعكس المطاحن الأخرى، وبالتالي فإن الأفران التي يتوافر عندها الطحين هي فقط التي تخبز بشكل عادي".
ويشير حطيط إلى أن الأزمة الأكثر حدّة تقع في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، باعتبار أن المطاحن التي يتعاملون معها لا يتوافر عندها القمح المدعوم، وهي مقفلة منذ يوم السبت الماضي، ولا يمكن أي مطحنة أن تحلَّ مكان الأخرى.
ويقول رئيس نقابة أصحاب المطاحن إن "وزير الاقتصاد أمين سلام، أبلغنا أول من أمس عند اجتماعنا معه أنه لن يسمح بأن تحصل أزمة خبز في البلاد، وأنه سيطرح الموضوع على مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة للحكومة، على أساس أنّها تُعقَد اليوم الخميس، لكنها أرجئت إلى الجمعة، ولم يتواصل أحد معنا للبحث في المسألة، ونستبعد أن يحتمل الوضع حتى هذا التاريخ، في وقت أن نصف المطاحن متوقف عن العمل".
وترأس رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الأربعاء، اجتماعاً خُصِّص للبحث في موضوع الأمن الغذائي وزراعة القمح، وعلى أثره أكد وزير الاقتصاد أمين سلام العمل على مشروع بالتنسيق بين وزارتي الزراعة والاقتصاد من أجل مستقبل القمح في لبنان الذي لديه الإمكانات والنية لزيادة الإنتاج المحلي من القمح الطري الذي يستعمل لصناعة الخبز.
وقال سلام: "بدأنا منذ يومين نسمع بأن هناك تخوفاً من نقص في مادة القمح، وأريد أن أطمئن إلى أنّ آخر دفعة فتحت كاعتماد من مصرف لبنان حرر منها تقريباً نحو 21 مليون دولار لدعم نحو 45 ألف طن من القمح، والموجود الآن في لبنان ما يقارب 40 ألف طن".
وأشار إلى أن الرئيس ميقاتي بعث رسالة واضحة خلال الاجتماع، وهي ترشيد هذا القطاع حفاظاً على لقمة عيش المواطن وربطة الخبز خصوصاً، وطلب منّا إدارة موضوع القمح وتصويب الدعم أكثر فأكثر وبشكل قاطع لربطة الخبز. وأوضح سلام أن "قرض صندوق النقد الدولي للقمح الذي منحه للبنان يلزمه شهران ليصبح قيد التنفيذ، إذ يجب على مجلس النواب المنتخب حديثاً أن يقرّه، ما يسمح للبنان بالمضيّ قدماً به".