يتعرض احتياطي النقد الأجنبي في تونس للاستنزاف وسط الأزمة المالية التي تواجهها الدولة وعدم قدرتها على الاقتراض الخارجي، ليقترب الاحتياطي من المستويات الخطرة، بعد هبوطه إلى ما يعادل نحو 96 يوماً من الواردات.
ووصل احتياطي النقد الأجنبي لدى تونس إلى نحو 6.4 مليارات دولار، وسط عجز مالي كبير، إذ تحتاج الدولة وفق وثيقة نشرتها وزارة المالية حول قانون الموازنة التعديلي إلى تمويلات بقيمة 19 مليار دينار (6.03 مليارات دولار) لإغلاق ميزانية العام الحالي من بينها 12 مليار دينار من التمويلات الخارجية.
ويرى الخبير المالي معز حديدان أنّ رصيد العملة الصعبة يواجه الاستنزاف في المدة القادمة في غياب الإيرادات الكافية للمحافظة على استقرار الاحتياطي عند مستويات آمنة. ويقول حديدان لـ"العربي الجديد" إن تونس مطالبة بدفع نحو 2.1 مليار دولار من الديون الخارجية خلال العام الجديد 2023 ما يشكل ثلث احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.
ويرجّح أن تتصاعد الضغوط على رصيد النقد الأجنبي لدى البنك المركزي مع بداية الربع الأول من العام المقبل، وحلول آجال دفع الديون الخارجية في ظل عجز جار للموازنة يقدر بحوالي 12 مليار دينار. ويلفت إلى أن استمرار تعثر خطة الاقتراض الخارجي سيدفع السلطات التونسية إلى استعمال رصيد العملة لتجنّب سيناريوهات التخلف عن سداد الديون الخارجية، متوقعاً أن يهبط الاحتياطي النقدي إلى مستوى يتراوح ما بين 40 و50 يوماً من الواردات قبل نهاية النصف الأول من السنة القادمة.
وبسبب تأخر اتفاقها مع صندوق النقد الدولي لم تتمكن الحكومة التونسية من التوجه إلى السوق المالية العالمية للاقتراض بغرض توفير احتياجاتها التمويلية. ووقعت الحكومة قبل نحو شهرين اتفاقاً مبدئياً مع صندوق النقد يفضى إلى منح تونس تمويلا بقيمة 1.9 مليار دولار على أربع سنوات، وكان من المفترض صرف أول قسط منه قبل نهاية العام الحالي.
لكنّ صندوق النقد أعلن، الأربعاء الماضي، تأجيل اجتماع لمجلس إدارته كان من المقرر أن يبت في صرف القرض، لمنح السلطات مزيداً من الوقت للانتهاء من برنامج الإصلاحات. وأضاف أنّ تونس تعتزم إعادة تقديم ملف برنامج الإصلاحات لدى استئناف اجتماعات صندوق النقد الدولي في يناير/كانون الثاني 2023.
ويؤكد وزير المالية السابق سليم بسباس لـ"العربي الجديد"، أن حكومة نجلاء بودن ستواجه تحديا صعباً خلال الربع الأول من العام القادم لتوفير تمويلات خارجية تسمح بتغطية جزء من عجز الموازنة بما يمكن من تسيير النفقات الأساسية للبلاد.
ويقول بسباس إنّ تونس لن تستطيع التوجه إلى السوق الدولية للاقتراض المباشر في ظرفها الاقتصادي والمالي الحالي، مشيراً إلى أنّ الاقتراض في وضع مماثل سيكون مكلفاً جداً وبنسب فائدة باهظة.
في الأثناء يتوقع محللون أن تشمل ميزانية العام المقبل إجراءات تقشفية وزيادة الضرائب على المهن مثل المحامين والمحاسبين، لتوفير عائدات مالية.
وكشف تقرير أصدرته، وزارة المالية أخيراً، حول قانون الموازنة التعديلي للعام الحالي، ارتفاع الدين العام التونسي إلى أكثر من 110 مليارات دينار (35.5 مليار دولار)، ما يشكل 80.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 79.9% في 2021.
وأشار التقرير إلى صعود الدين الخارجي إلى 66.2 مليار دينار، ما يشكل 60% من مجموع الدين العام، مقابل قروض داخلية بقيمة 43.9 مليار دينار.