يعول المغرب على تساقط الأمطار في الثلاثة أشهر المقبلة، بهدف دعم النمو الاقتصادي، في سياق متسم بعدم اليقين الذي ينذر بصعوبة محاصرة البطالة والتحكم في التضخم.
وتسود مخاوف من أن يتأثر النمو الاقتصادي للمملكة في العام الحالي، الذي تأمل الحكومة أن يصل إلى 3.7%، بضعف التساقطات بعد عامين من الجفاف.
فقد توقعت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أن يتأثر النمو الاقتصادي بتداعيات عودة الجفاف الموسمي، مشيرة إلى أن بداية الموسم الفلاحي الحالي، شهدت تأخراً محسوساً في زراعة المحاصيل المبكرة في ظل تسجيل عجز في الأمطار خلال الأربعة أشهر الأولى من الموسم الحالي.
ويدفع تأخر هطول الأمطار، المندوبية إلى توقع تراجع النمو الاقتصادي إلى 2.4% في الربع الأول من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار)، بعدما كان في الفترة نفسها من العام الماضي في حدود 3.3%.
وانخفضت التساقطات المطرية، منذ بداية الموسم الزراعي قبل أربعة أشهر، بنسبة 67%، كما تراجع مخزون المياه في السدود بنسبة 75%.
ويتوقع أن يكون الموسم الزراعي صعباً، إذا ما تأخر الغيث في الثلاثة أشهر المقبلة، خاصة بعد موسمين جافين شهدهما المغرب، ما أثر سلبا على المحاصيل الزراعية ومخزون المياه التي كان يمكن أن تسعف لتوفير مياه السقي للمزارعين، الذين مُنع عنهم الري في بعض الأحواض المائية.
وخفض البنك الدولي في آخر تقرير له حول المغرب، معدل نمو الاقتصاد في 2023 إلى 2.8%، ليأتي دون المستوى الذي ترقبته الحكومة التي راهنت على بلوغ 3.4%، علما أنه كان في حدود 1.3% في 2022، نتيجة الصدمات السلعية والمناخية.
وتوقع البنك في تقريره الذي صدر تحت عنوان "من القدرة على الصمود إلى الرخاء المشترك" أن يصل النمو إلى 3.1% في العام الحالي 2024، و3.3% في 2025، و3.5% في 2026، مع تعافي الطلب المحلي تدريجياً من الصدمات الأخيرة، غير أن النمو يبقى ضعيفاً مقارنة بما يطمح إليه المغاربة.
وتشير المؤسسة المالية الدولية إلى أن معدل النمو الاقتصادي لم يتعد 3% في المتوسط في الأعوام الأخيرة، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى نمو بنسبة 6%، خاصة في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى 13.5%، بعدما كان في فترات سابقة في حدود 10%.
ويقول الخبير الاقتصادي في القطاع الزراعي محمد الهاكش لـ"العربي الجديد"، إن من شأن تراجع معدل النمو الاقتصادي، أن يزيد من صعوبات سوق العمل، على اعتبار أن أداء الاقتصاد الوطني، لن يوفر فرص عمل يمكن أن تستجيب لانتظارات العاطلين.
ويشير الهاكش إلى أن الوضعية الحالية، التي تتأثر بالجفاف تزيد في هشاشة سوق العمل، حيث ينعكس ذلك على الشباب والنساء، خاصة في الأرياف، الذين يتعذر عليهم الهجرة إلى المدن التي تواجه ضعف النشاط بفعل البطالة والتضخم.
ويرتقب أن يفضي تراجع المحاصيل بفعل الجفاف، إذا لم تأت التساقطات المطرية في مستوى الانتظارات، إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية التي ساهمت في مستوى تضخم في حدود 6.1% العام الماضي، حسب المندوبية السامية للتخطيط.
ويعتبر الهاكش أن ندرة الأمطار والجفاف يمكن أن تفضي إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، التي يمكن أن تؤدي إلى مواصلة ارتفاع مستوى التضخم، عن المستوى الذي تراهن عليه الحكومة والذي حددته في 2.5%.
ويرى أن من المرجح ألا يعود التضخم إلى المستوى الذي كان عليه قبل 2022، حيث ستتضافر تداعيات السياق الدولي المطبوع بعدم اليقين والجفاف، بما له من تأثير على المحاصيل وتراجع العرض كي ترفع أسعار الخضر والفواكه واللحوم.