بيلاروسيا بمواجهة حصار غربي... وخسائر للجميع

30 مايو 2021
أجواء بيلاروسيا تشهد فقط مرور الرحلات الروسية والآسيوية (Getty)
+ الخط -

منذ واقعة إرغام طائرة شركة "رايان إير" الأيرلندية على الهبوط في مطار مينسك قبل نحو أسبوع واعتقال الناشط البيلاروسي المعارض، مؤسس قناة "نيكستا" على "تيليغرام"، رومان بروتاسيفيتش، تواجه بيلاروسيا حصاراً جوياً صعباً بعد امتناع شركات الطيران عن استخدام المجال الجوي البيلاروسي ومنع رحلات شركة الطيران "بيل آفيا" إلى الاتحاد الأوروبي.

واضطرت الإجراءات الأوروبية الناقل القومي البيلاروسي "بيل آفيا" لإلغاء رحلاته إلى مطارات الاتحاد الأوروبي، وحتى مدينة كالينينغراد الروسية التي يقتضي الوصول إليها مروراً عبر الأجواء الأوروبية، بينما بدأت شركات الطيران الأوروبية بالالتفاف على المجال الجوي البيلاروسي.

وفي الوقت الذي تقدر فيه الخسائر التي ستتكبدها "بيل آفيا" نتيجة للحصار الغربي بعشرات ملايين الدولارات، يلفت مدير عام شركة "إنفوموست" للاستشارات في مجال البنية التحتية والنقل، بوريس ريباك، إلى أن "بيل آفيا" شركة حكومية، ما يعني أن الدولة البيلاروسية ستتحمل خسائرها، مرجحا في الوقت نفسه أن تزيد اضطرابات قطاع النقل الجوي العالمي من أسعار السفر للمستهلك النهائي.

ويقول ريباك، في حديث لـ"العربي الجديد"، "لا يبشر الوضع الراهن بالخير لـ"بيل آفيا"، فعدد الرحلات قد يتراجع بنسبة تتراوح بين 60% و70%. إلا أن هذه الشركة مملوكة للدولة، ما يعني أن الدولة ستعوض خسائرها، خاصة أن الدولة هي التي تسببت في ذلك بإرغام طائرة بروتاسيفيتش على الهبوط".

ويشكل عزوف شركات الطيران الأوروبية عن عبور الأجواء البيلاروسية ضربة جديدة لقطاع الطيران العالمي الذي يعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا، ذلك أن شركات الطيران الغربية ستضطر لاستهلاك مزيد من الوقود للالتفاف على المجال الجوي البيلاروسي، مما زاد من مخاوف انعكاس الأمر على أسعار تذاكر الطيران وارتفاعها.

ويقول ريباك: "يمكن الجزم بأن عهد تذاكر الطيران الرخيصة قد ولى، وهي لن تعود لفترة طويلة إلى ما كانت عليه في عامي 2018 و2019، فليس هناك مصدر لتعويض النفقات المتزايدة سوى الركاب الذين أصبحوا بالفعل مضطرين لتحمل رسوم الخضوع لاختبارات كورونا عند السفر على متن الرحلات الدولية عند الذهاب والعودة على حد سواء".

وفي تلك الأثناء، يظهر تصفح موقع "فلايت رادار 24" المعني برصد حركة الطائرات، أن الأجواء البيلاروسية باتت خالية تماما من أي طائرات غربية، ليقتصر الحضور فيها على طائرات شركات الطيران الروسية والآسيوية و"بيل آفيا" نفسها.

يظهر تصفح موقع "فلايت رادار 24" المعني برصد حركة الطائرات، أن الأجواء البيلاروسية باتت خالية من أي طائرات غربية، ليقتصر الحضور فيها على طائرات شركات الطيران الروسية والآسيوية و"بيل آفيا"

وأعلن نائب رئيس الوزراء البيلاروسي، نيقولاي سنوبكوف، السبت الماضي، أن "بيل آفيا" ستغير على خلفية الحظر الأوروبي، خريطة رحلاتها باتجاه بلدان رابطة الدول المستقلة، داعيا إلى زيادة حركة السياحة البيلاروسية إلى الوجهات الروسية مثل منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود وبحيرة بايكال وغيرهما.

وبحسب النبذة الواردة على موقع "بيل آفيا"، فإن أسطولها يتكون من نحو 30 طائرة ضيقة البدن من طرازي "بوينغ-737" الأميركية و"إمبراير" البرازيلية.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أرجع عضو اتحاد الصحافيين البيلاروس، إيغور كارنيه، رد الفعل الأوروبي الحازم على واقعة بروتاسيفيتش إلى وجود رعايا أوروبيين على متن الطائرة، متوقعا أن تزيد الحادثة من عزلة بيلاروسيا وتدفعها نحو المزيد من الاعتماد على روسيا سياسيا واقتصاديا.

واندلعت الأزمة الراهنة في العلاقات البيلاروسية الأوروبية على خلفية إقدام جهات الأمن البيلاروسية على اعتقال بروتاسيفيتش وصديقته التي تحمل الجنسية الروسية في 23 مايو/أيار الجاري، بعد إرغام طائرته التابعة لشركة "رايان إير" على الهبوط أثناء رحلتها من أثينا إلى العاصمة الليتوانية فيلنوس.

وعلى الرغم من الحصار الجوي الغربي الذي تواجهه شركة الطيران البيلاروسية، رفضت الشركة القيام بالرحلات إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 بعد موجة من الاضطرابات في أوكرانيا وسقوط الرئيس الموالي لموسكو فيكتور يانوكوفيتش.

وأكد إيغور تشيرغينيتس، مدير عام "بيل آفيا"، في تصريح لقناة "سولوفيوف لايف" على "يوتيوب" مساء السبت، أن الشركة لا تعتزم تنفيذ الرحلات إلى القرم، مضيفا: "يجب أن يكون هناك اعتراف سياسي بالقرم جزءاً من روسيا. عندما يكون هناك قرار سياسي، سننظر في الأمر".

المساهمون