تشهد ليبيا بوادر أزمة جديدة في الخبز في ظل نقص القمح لدى المطاحن وارتفاع أسعار الدقيق، بينما أقدمت المخابز على رفع سعر الرغيف وسط تباين كبير في التسعير من مخبز إلى آخر، لتحذر نقابة الخبازين من تداعيات الوضع الراهن، بينما أشار مسؤول حكومي كبير إلى أن بلاده تطمح إلى تكوين مخزون إستراتيجي لتجنب الصدمات.
وقال نقيب الخبازين أبو خريص محمد أبو القاسم في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الدقيق (الطحين) شهدت ارتفاعا في الآونة الأخيرة في ظل نقص القمح لدى المطاحن، مشيرا إلى أن الكثير من المخابز رفعت سعر الرغيف، فضلا عن عدم وجود أوزان محددة للعمل بها.
وأضاف أن النقابة اقترحت أن يجري العمل وفق سعر موحد لجميع المخابز لمختلف أنحاء البلاد. تأتي هذه التطورات رغم الإجراءات التي اتخذتها حكومة الوحدة الوطنية قبل نحو شهر، وتتمثل في إعفاء السلع المستوردة، من الرسوم الجمركية والضرائب في مسعى لتخفيض الأسعار بالأسواق.
لكن وزير الاقتصاد في حكومة الوحدة، محمد الحويج، قال لـ"العربي الجديد" إن الحل الوحيد لأزمة الخبز يتمثل في تأسيس هيئة للحبوب مهمتها توفير مخزون استراتيجي يكفي احتياجات البلاد، بحيث يقتصر الاستيراد على الدولة فقط بالنسبة لهذه السلعة.
وأضاف الحويج أن سعر الدقيق مرشح للارتفاع بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً مع نهاية العام، بالإضافة إلى أن ليبيا تعاني من جفاف وشح في الأمطار، ما أثر على الإنتاج المحلي.
في المقابل، قال المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي، إن هناك انفلاتا في الأسواق وعدم متابعة أسعار السلع الأساسية وتحديدا رغيف الخبز الّذي تضاءل حجمه وارتفع سعره.
وأضاف الهادي لـ"العربيّ الجديد" أنه لا يوجد لدى الحكومة مخزون استراتيجي للقمح يكفي البلاد لستة أشهر، بينما ذلك ضروري لتحقيق الأمن الغذائي، لافتا إلى أن الحكومة تترك السوق للمضاربات بين السماسرة للتحكم في تسعيرة الخبز.
وتابع أن "هناك تعدداً للجهات المعنية بالحبوب، اثنتان تتبعان وزارة الزراعة وثالثة تتبع رئاسة الوزارة، بينما هناك جهة رابعة يجري العمل على تأسيسها، وهنا المشكلة حيث تتداخل الاختصاصات".
من جانبه، قال عثمان الطاهر، رئيس جمعية فزان للحبوب، إن إنتاج ليبيا من الحبوب تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن الحكومات السابقة أهملت زراعة الحبوب في المنطقة الجنوبية، وبسبب الصراعات والحروب وانقطاع التيار الكهربائي تراجع إنتاج القمح إلى مستويات متدنية، إذ لا تكاد الكميات تكفي حتى 10% من الاستهلاك المحلي.
ولفت الطاهر في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن المزارع بحاجة إلى الدعم بالبذور وشراء المحصول من قبل شركات المطاحن.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حددت وزارة الاقتصاد تسعيرة جبرية لسعر القنطار (100 كيلوغرام) من الدقيق للمخابز بـ190 دينارا (42.4 دولارا)، بينما أفاد الخبازون بشراء الدقيق مقابل 280 ديناراً للقنطار من شركات المطاحن الخاصة.
وفي ظل تباين الأسعار، رفعت بعض المخابز في العاصمة طرابلس سعر رغيف الخبز الذي يزن 200 غرام إلى دينار للرغيف وبعض المخابز ثلاثة أرغفة تزن 150 غراما بسعر دينار، ومخابز أخرى رفعت سعر رغيف الخبز إلى 0.75 درهم.
وقال سالم القماطي صاحب مخبز السنابل في منطقة الفرناج بطرابلس لـ"العربي الجديد" إن رفع المخابز سعر الرغيف يرجع إلى ارتفاع أسعار الدقيق خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي بنسبة 30% مقارنة بالشهر الماضي بسبب صعود أسعار القمح عالمياً، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المكونات الأخرى الداخلة في صناعة الخبز.
ويتوزع 4160 مخبزا على مختلف أنحاء ليبيا، إضافة إلى 57 مطحن دقيق توزع منتجاتها على الأفران بأسعار شبه مدعومة، فيما تستهلك ليبيا نحو 1.26 مليون طن من الحبوب سنوياً، إذ تستورد 95% من القمح اللين، فيما تغطي باقي احتياجاتها من الإنتاج المحلي.
ورفعت ليبيا الدعم عن سلعة الدقيق مند عام 2015 من دون توفير دعم نقدي للمواطنين. وذكرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير حديث لها أن إنتاج الحبوب في ليبيا خلال عام 2021 أقل من المتوسط، إذ لا تزال المدخلات باهظة الثمن ما يحد من الإنتاج الزراعي، بينما عدد المحتاجين إلى مساعدات ارتفع إلى نحو 1.3 مليون شخص، يمثلون 23% من السكان، بزيادة نحو 900 ألف شخص عن العام الماضي.