بنزين قاتل على الطرقات المصرية يسمم السكان!

22 مارس 2022
شكوى من وقود السيارات الردئ في مصر (getty)
+ الخط -

حذرت رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، الحكومة المصرية، من بيع بنزين، غير مطابق للمواصفات الفنية، يدمر السيارات وبخاصة الحديثة منها.

ووجهت الرابطة التي تضم أكبر مصنعي السيارات في أوروبا، واليابان والولايات المتحدة، خطاباً لوزير البترول المصري طارق الملا، ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، ورئيس جهاز حماية المستهلك أيمن حسام، تطالب بسرعة وقف توزيع "البنزين الرديء" الذي أدى إلى مشاكل فنية خطيرة للسيارات ويثير مخاوف صناع السيارات الخفيفة والمركبات التجارية والثقيلة، والحافلات والمدربين.
ذكرت الرابطة في رسالتها، الصادرة نهاية فبراير/شباط الماضي، أنّ خبراءها تأكدوا أنّ البنزين الذي يباع في مصر، رديء الجودة، يؤدي إلى توقف محركات السيارات فجأة، ويحول دون اشتعال الوقود، وحدوث اهتزازات خطيرة للمحرك، قد تؤدي إلى احتراقه.
كشف التقرير الفني، الذي أجرته الرابطة ميدانياً، على "مئات المركبات عام 2021" تعطل المركبات الحديثة، بعد سيرها 10 آلاف كيلومتر فقط، لاستهلاكها هذه النوعية الرديئة من البنزين.
أوضحت التحليلات، وجود منغنيز، في البنزين العادي والخالي من الرصاص، فئتي 92 و95 أوكتان، التي يتم توزيعها بشكل رئيسي في القاهرة الكبرى والسويس، وندر وجودها في الإسكندرية والساحل الشمالي ومرسى مطروح.
لاحظ أصحاب السيارات في شكواهم، إلى وكلاء بيع ماركات مرسيدس، وهوندا، وتويوتا، ورينو، وفولكس فاغن، وداف، وفورد، وايفكو، وفيراري، وبي إم دبليو، وستيلانس، وهيونداي، ولاند روفر، وجاغوار، وفولفو، وغيرها، انخفاض قوة المحرك، وارتباك أجهزة الكومبيوتر، وظهور علامات تبين انفصال الكهرباء عن المحرك، بما يستدعي التدخل الفني فوراً.
تبين أن وزارة البترول، تستخدم مادة معززة للأوكتان، مخلوطة بالمنغنيز بكثافة، بما يؤدي إلى "انسداد المحول الحفاز" مع تقليل فاعليته، في خفض انبعاثات الملوثات، وإتلاف شمعة الإشعال"البوجيه" وتعطل المحرك، مع صدور مستويات ضوضاء غير طبيعية، من المركبات المتضررة، والتلف المفاجئ للمحول الحفاز "إنجكشن" والمحرك.
تؤدي المواد الملوثة للبنزين إلى انبعاثات أول وثاني أوكسيد الكربون وأوكسيد النيتروجين والهيدروكربونات، في أنبوب العادم، ومواد معدنية دقيقة، ناتجة عن تفاعلات المنغنيز. وتتعارض الملوثات مع المعايير، المقررة من معهد التأثيرات الصحية الأوروبي، والمجلس الدولي للنقل النظيف.
ويصنف المعهد الصحي مادة المنغنيز عنصراً من العناصر السامة للأعصاب، من نفس فئة الكادميوم والرصاص والزئبق التي تصيب من يستنشقها أو يتعرض لها بالسرطان.

أوضحت الرابطة أنّ خطورة الإضافات المعدنية على البنزين، خصوصاً المحتوية على المنغنيز دفعت الاتحاد الأوروبي، إلى حظرها، وكذلك في جميع أنحاء العالم، وفقاً للإصدار السادس من ميثاق الوقود العالمي، الصادر عام 2019، ومعايير الانبعاثات الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة.
توجه الرسالة، نداءً للحكومة المصرية، لتحترم تعهداتها الدولية، بتطبيق معايير نظافة البنزين من الإضافات المعدنية، من المنغنيز والحديد "فيروسين" وتطبيق مواصفات الجودة وفقاً للمعايير الأوروبية، وتحسين تجربة العملاء مع البنزين المتاح حالياً في السوق المصري.
كشفت الرسالة عن حجم الكوارث التي مر بها ملايين المستهلكين الذي يعانون من مشاكل في سياراتهم الحديثة، منذ عشر سنوات على الأقل، حينما ألغيت دورة الوقود العادية في السيارات، وانتشر ما يعرف بنظام الحقن الإلكتروني، وهو الموجود حالياً في السيارات الحديثة كافة.
لم تصدق الحكومة شكاوى المواطنين من حوادث تعرضوا لها، التي أثيرت مراراً، ولم يقم جهاز حماية المستهلك بدراسة تلك الحوادث، معتبرين أنّها مشاكل تخص أصحاب السيارات والمصنعين. وتجاهلت الحكومة التحذيرات الطبية التي كشفت عن ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين الأطفال والمواطنين الناتجة عن عوادم السيارات وبدلاً من الاهتمام بالمسألة لا تتورع عن زيادة أسعار البنزين كلّ ثلاثة أشهر.
ترغب الحكومة بالتخلص من دعم الطاقة خلال عامين، وها هي قد انتهت بالفعل من تحرير أسعار البنزين، وفي سبيلها إلى رفع الأسعار تارة أخرى، أسوة بما وقع في الأسواق الدولية.
تحاكي الحكومة الآخرين في زيادة السعر، بينما لا تلتزم بضوابط الجودة، التي توافق على برتوكولاتها مع الأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية، حيث تعتمد على جهل المستهلكين، وتحكم الجهات الأمنية في إجراء أية دراسات ميدانية، بدون إذن مسبق منها.
عايشنا تلك التجربة المريرة، في سيارتين حديثتين، ولم نكن على علم بما يحدث معنا أو غيرنا، لأنّ الوكلاء المحليين، يخشون إثارة أيّ مشكلة تحفز الأجهزة الرسمية ضدهم، خوفا من الترصد لأعمالهم أو تعطيل مصالحهم.
يدفع المواطن ثمن تخاذل السلطات وصمت الوكلاء، من قوت يومه، إذ يضطر إلى شراء أجهزة حقن للموتور (المحرك)، أو تصليح شامل للسيارة، ترفض شركات التأمين تغطيته، أو يجد من يدافع عن مصالحه. فجهاز حماية المستهلك الذي يفترض تبعيته للمجتمع المدني، يخضع للسلطة التنفيذية، والإعلام يدار بالأمر المباشر من جهات أمنية، لا يريد أن يثير أزمة في وجه الحكومة.

هكذا تغلق الأبواب في وجه كلّ من يستغيث، ولا يملك إلّا الشكوى لله، ويتيه المتسبب في كوارث لم نعلم بعد مدى حدودها، خصوصاً مع الذين احترقت سياراتهم أو تعطلت محركاتهم فجأة على الطرق فانحرفوا عن السبيل وماتوا من دون أن يعرف أحد سبب موتهم!
يقول المثل: "تستعر النيران من مستصغر الشرر" وهذا الخطاب الرسمي، يبين كم من الحرائق اشتعلت من دون أن ينبه إليها الناس أو تضع الحكومة أيديها مع المصنعين لحمايتهم. كتمان الحقائق وغض البصر عن المشاكل لا يعني أنّها لا تقع وربما يومياً، خصوصاً إذا كانت تحدث بأيدٍ حكومية، وأصبح الجميع على علم بها، وعلى رأسها السلطة التنفيذية التي تلقت هذا الخطاب الخطير.
تحاسبنا الحكومة بالأسعار العالمية، بينما لا تدفع الرواتب ولا تتحمل أيّ تبعات فنية تلزمها بالمستوى الدولي الذي تفرض علينا تسعيرته، في كلّ السلع والخدمات وعلى رأسها الكهرباء والمواصلات، حتى السير المدفوع نقداً، على الطرقات! ستتهرب الحكومة من الأجانب، من دون أن يرتد لها جفن، كما يحدث دوماً، فكيف تتجاهل الذين يتعرضون للتسمم والموت على الطرق، بوضعها تلك الإضافات الخطيرة عمداً على البنزين؟!

المساهمون