استمع إلى الملخص
- ارتفاع قيمة الدولار وضغوطه على العملات المحلية يزيد تكلفة الديون بالعملة المحلية، مما يؤدي إلى خسائر للمستثمرين وتراجع الاهتمام بالديون المحلية.
- توقعات بعودة القيمة إلى الأسواق الناشئة مع تراجع قيم سندات العملة المحلية وإمكانية ظهور فرص استثمارية جديدة، خصوصًا إذا خفض الفيدرالي الفائدة.
قالت وكالة بلومبيرغ، في تقرير لها، اليوم الأحد، إنّ أيام السياسة النقدية المعتدلة التي غذت ارتفاع سندات الأسواق الناشئة ربما تكون قد انتهت، مع تحوّل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم النامي إلى المزيد من التشدد، بعد تأجيل مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بدء دورة جديدة لخفض الفائدة، ستكون الأولى منذ عام الجائحة.
وأشارت الوكالة إلى أنّ عائدات ديون الأسواق الناشئة بالعملة المحلية تتخلف حالياً عن نظيراتها المقومة بالدولار بأكبر قدر في عامين، حيث أدى استمرار عناد التضخم إلى إضعاف احتمالات إجراء المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية. وفي الوقت نفسه، أشار صناع السياسات في الأسواق الناشئة في قارة آسيا إلى عدم وجود حاجة لتخفيف السياسة النقدية قبل أن يقوم البنك الفيدرالي بذلك.
وقال روبرت سامسون، مدير أحد صناديق الاستثمار لدى شركة نيكو لإدارة الأصول في سنغافورة، التي تدير أصولاً تقترب قيمتها من ربع تريليون دولار، لـ"بلومبيرغ": "أعتقد أن المال السهل قد انتهى، ولم يؤثر طول أمد استحقاق السندات بعد انقلاب منحنى العائد وإبقاء البنك الفيدرالي لمعدلات الفائدة أعلى لفترات أطول".
وقلب التشدد المتجدد من البنك الفيدرالي الطاولة على المراهنين على الديون المحلية في الأسواق الناشئة، بعد أن اعتبرها البعض في وقت سابق من هذا العام "فرصة لا تأتي إلا مرة واحدة لكل جيل". ولم يقتصر الأمر على تثبيط حماسة المستثمرين بسبب تضاؤل احتمالات خفض أسعار الفائدة، حيث يضغط ارتفاع قيمة الدولار على العملات المحلية في الأسواق الناشئة، ويدفعها إلى التراجع أمام الدولار، وهو ما يزيد من تكلفة حائزي الديون بالعملة المحلية.
ومنحت السندات المحلية في الأسواق الناشئة المستثمرين خسارة بنحو 1% هذا العام، بعد ارتفاعها بأكثر من 6% في 2023، استناداً إلى مؤشر بلومبيرغ. وفي المقابل، منح المقياس المقابل بالديون الدولارية المستثمرين عائداً لا يقل عن 2.5% منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول.
وفي ظل التطورات المتشددة الأخيرة، تجاوز التضخم في البرازيل التوقعات في مايو/ أيار، في حين قال البنك المركزي المكسيكي الشهر الماضي إنّ ضغوط الأسعار المستمرة هي دافع لتوخي الحذر بشأن المزيد من التيسير. وفي الوقت نفسه، أوقف صناع السياسة في بيرو بشكل غير متوقع تخفيضات أسعار الفائدة الأسبوع الماضي وسط مخاوف بشأن ارتفاع أسعار المستهلكين.
وفي أوروبا، قال البنك المركزي المجري إنه يقترب من نهاية دورة التيسير، في حين أن خطة الأجور للحكومة البولندية قد تؤخر تخفيضات أسعار الفائدة. وفي آسيا، أبقى صناع السياسة في تايلاند أسعار الفائدة دون تغيير الأسبوع الماضي بعد تسارع التضخم، في حين عزز أقرانهم في تايوان نسبة متطلبات الاحتياطي للبنوك، في شكل من أشكال تشديد السياسة.
هكذا يؤثر مجلس الاحتياط الفيدرالي في الأسواق الناشئة
ويلوح في الأفق شعار مجلس الاحتياط الفيدرالي المتمثل في "إبقاء معدلات الفائدة أعلى لفترات أطول"، وهو ما يدفع البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لتقليص نطاق تخفيف السياسات فيها. وقال راجيف دي ميلو، مدير المحافظ في شركة GAMA لإدارة الأصول في سنغافورة، إنّ مجلس الاحتياط الفيدرالي "يمثل رياحًا معاكسة كبيرة لارتفاع أسعار السندات (أي انخفاض عوائدها) في النصف الثاني من العام، وذلك بعد أن كانت جميع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، حتى خارج الأسواق الناشئة، تأمل أن يساعدها مجلس الاحتياط الفيدرالي بطريقة ما من خلال الالتزام بالخطط الأولية لخفض أسعار الفائدة".
وتساعد الإشارات المتشددة المتزايدة بالفعل في تحفيز عمليات البيع لدى المستثمرين، حيث شهد صندوق VanEck JP Morgan EM Local، وهو أكبر صندوق استثمار متداول في العالم يتتبع ديون الدول النامية بالعملات المحلية وتبلغ قيمته 2.7 مليار دولار، صافي تدفقات خارجة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبيرغ.
عودة ظهور القيمة في الأسواق الناشئة
ويرى البعض أن التراجع الأخير في قيم سندات العملة المحلية قد يكون سبباً للتفاؤل، حيث تقول شاميلا خان، رئيسة الدخل الثابت للأسواق الناشئة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "يو بي إس" لإدارة الأصول في نيويورك، في مذكرة إن "قيمة ديون الأسواق الناشئة ستعود إلى الارتفاع بعد أن تم تسعير تخفيضات أسعار الفائدة، وتم أخذ المخاطر السياسية في المكسيك والبرازيل في الاعتبار". وكتبت: "ربما تبدو أكثر جاذبية مما كانت عليه خلال الأشهر القليلة الماضية. نعتقد أن الأسواق المحلية لديها القدرة على الأداء بشكل جيد حتى نهاية هذا العام، سواء كان ذلك مع تخفيض واحد لسعر الفائدة أو تخفيضين من بنك الاحتياط الفيدرالي".
كما ترى شركة ويليام بلير إنترناشيونال لإدارة الأصول أن القيمة تعود إلى الظهور، بل إنها تقوم بجذب الأموال إلى الأسواق الناشئة. ونقلت "بلومبيرغ" عن دانييل وود، مدير الصندوق في "ويليام بلير" في لندن قوله: "لدينا حاليًا معدلات عائد تتراوح بين 12% و15% في الديون المحلية في الأسواق الناشئة، مع حد مخاطرة يبلغ 1% في كل سوق، لذا لدينا تنويع جيد هناك"، مضيفًا أنه يفضل دولا منها كينيا ونيجيريا وباكستان. وقال: "أنت الآن في المكان المناسب حيث تتمتع بعائد كبير مع دعم قوي من أطراف عدة".
ويقول آخرون، مثل "تي رو برايس" لإدارة الاستثمار إن المستثمرين قد يضطرون إلى الانتظار بعض الوقت حتى تستأنف السندات المحلية في الأسواق الناشئة ارتفاعها. وقال ليونارد كوان، مدير أحد صناديق الشركة في هونغ كونغ: "على مدار فترة الـ12 إلى 18 شهرًا الماضية، كانت العوائد جذابة إلى حد ما، ولكن من الآن وصاعداً قد يتباطأ ظهور الفرص. ستكسب بعض الدخل في هذه الأثناء ثم تنتظر حتى تأتي المرحلة التالية، والتي قد تحدث في الجزء الأخير من هذا العام أو في النصف الأول من العام المقبل".