دخلت بلدة بكاسين اللبنانية خريطة السياحة العالمية، بعد إدراجها، أخيراً، ضمن لائحة "أفضل القرى السياحية في العالم"، من جانب منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة؛ وذلك ضمن قائمة تتضمن أكثر من 170 قرية موزعة في 75 دولة.
وتسمية بكاسين تَعني بلد الشمس، وتقع في قضاء جزّين، وهي تبعد عن العاصمة بيروت نحو 70 كيلومترا، وترتفع عن سطح البحر 800 متر.
مميزات بكاسين
تحتضن البلدة أكبر غابة من أشجار الصنوبر المثمر وأجوده في الشرق الأوسط، إذ تبلغ مساحة الغابة 200 هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، وقد أعلنتها وزارة البيئة في لبنان محمية طبيعية في 1996.
يميزها أيضا حفاظها على تراثها، من خلال المنازل الحجرية والقرميد، بالإضافة إلى وجود جسور قديمة يعود تاريخها إلى العهد العثماني.
ويلفت رئيس بلدية بكاسين، حبيب فارس، إلى كثرة المعالم السياحية في البلدة، وأبرزها الدينية مثل كنيسة القديسة تقلا، الطبيعية كغابة الصنوبر، بالإضافة إلى القرية المميزة ببيوتها القديمة وساحاتها الواسعة.
ويقول فارس، إن "أبرز النشاطات التي يقوم بها السياح، صيفا وشتاء، في البلدة، هي السير والتنزه في غابة الصنوبر".
وعن حماية الغابة من الحرائق والتعديات، يوضح أن "عددا من شبان البلدة تطوّعوا لحمايتها والاهتمام بها، وهم يتناوبون ليلا ونهارا من أجل الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي".
بالإضافة إلى العنصر البشري لحماية الغابة، يشير حبيب إلى وجود "شبكة مياه طولها نحو 15 كيلومترا، ممتدة داخل الغابة، للاستخدام السريع في حال اندلاع أي حريق".
ومع أن بكاسين تُعد من أبرز القرى السياحية في البلاد، فإنه لا وجود لإحصاءات رسمية حول نسبة الزوار اللبنانيين والأجانب السنوية للبلدة. لكن في الوقت ذاته، يؤكد فارس أن "أعداد الزوار كبيرة جدا".
تحتضن البلدة أكبر غابة من أشجار الصنوبر المثمر وأجوده في الشرق الأوسط، بمساحة تبلغ نحو 200 هكتار
وأعرب عن أمله في "ازدياد عدد الزوار، خصوصا الأجانب منهم، بعد تصنيف بكاسين واحدة من أفضل القرى السياحية في العالم"، مشددا على أنه "باتت لدينا مسؤولية أكبر اليوم، للحفاظ على بلدتنا".
وأوضح أن "علينا العمل على تحسين البلدة أكثر، لتستقطب عددا أكبر من السياح، رغم إمكاناتنا القليلة والمحدودة نسبيا".
إنجاز كبير
رأت وزارة السياحة أن "اللقب الذي مُنح لبكاسين هو إنجاز مهم، ودليل واضح على قيمة البلدة، كونها تُعد مثالًا بارزا لوجهة سياحية ريفية ذات أصول طبيعية وثقافية مُعترف بها".
واعتبرت أن البلدة "حافظت على القيم المجتمعية وأنماط الحياة وعززتها، ولديها التزام واضح بالابتكار والاستدامة في جميع جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".
وأكد وزير السياحة وليد نصار، أن "بكاسين تستحق اللقب، الذي رفع من قيمتها تسويقيا في لبنان والخارج"، معلنا أن "العمل يجري الآن لتحديد يوم للاحتفال بهذا الإنجاز"، داعيًا جميع اللبنانيين والأجانب إلى "زيارة هذه البلدة الجنوبية، التي أدرجت على الخريطة السياحية اللبنانية الشرق أوسطية".
مشروع صديق للبيئة
أكثر المواقع التي تستقطب السياح في بلدة بكاسين هو مشروع "بيت الغابة"، الذي يضم أكواخا خشبية وسط غابات الصنوبر، ليكون الزائر في وقفة مع الاسترخاء والهدوء بين أحضان الطبيعة.
وأوضح المدير العام للمشروع، حسين منصور، أن "العمل على هذا المكان بدأ عام 2013، من خلال مبادرة من أهالي البلدة، ومع السنوات تطور حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم".
يضم مشروع "بيت الغابة" نحو 25 كوخا خشبيا، وفندقا صغيرا، ومطعما، وقاعة للمؤتمرات؛ وكلها وسط غابة الصنوبر الرائعة.
وأشار منصور إلى أن "نشاطات عدة يمكن القيام بها، منها ركوب الدراجات الهوائية، والسير في الغابة، وممارسة ألعاب المغامرات مثل زيب لاين (الانزلاق الحر عبر سلك معدني يصل بين هضبتين)، واليوغا وغيرها".
أكثر المواقع التي تستقطب السياح في بلدة بكاسين هو مشروع "بيت الغابة"، الذي يضم أكواخا خشبية وسط غابات الصنوبر
وأكد أن "كل النشاطات التي تحصل داخل هذا المشروع صديقة للبيئة، ولا تؤذي الغابة".
وبعد مرور أسبوع على اختيار بكاسين واحدة من "أفضل القرى السياحية في العالم"، يركز منصور على أن "الحجوزات زادت"، مبديا أمله أن "ترتفع نسبتها في الأيام المقبلة".
وعن الصمود في ظل الأزمة الاقتصادية في لبنان، يكشف أنه "بعد بدء الأزمة، اجتمع أصحاب المشروع وقرروا الاستمرار في العمل من دون أرباح، لذا كانت أسعارنا مناسبة لجميع الطبقات الاجتماعية، وهذا ما جعل نسبة الزوار ترتفع".
جوائز بكاسين
عام 1997، أَدرجت وزارة الثقافة اللبنانية كنيسة القديسة تقلا في بكاسين ضمن لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية. وفي 2002، منحت المؤسسة الوطنية للتراث (غير حكومية) بلدة بكاسين، الجائزة التقديرية للإنجازات التراثية.
أما في 2019، فقد صنفتها ﺟﻤﻌﻴﺔ "أﺟﻤﻞ ﺑﻠﺪات ﻟﺒﻨﺎن" ضمن قائمة "البلدات اللبنانية الأجمل".
الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها لبنان لم تمنعه من أن يصل إلى العالمية، بفضل طبيعته الرائعة وتراثه الغني. ورغم المعاناة الكبيرة لهذا البلد، فإن أبوابه مشرعة للسياح من مختلف دول العالم.
(الأناضول)