بعد نحو 30 عاماً متواصلة من فشل الحكومات اللبنانية المتعاقبة في حل أزمة الكهرباء التي استنزفت نحو 40 مليار دولار من النفقات العامة، يبادر المجتمع المدني عبر خبرائه إلى سد الفراغ واجتراح الحلول بالتعاون مع المواطنين لا الجهات الرسمية. ماذا في التفاصيل؟
ففي 23 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، من المقرر أن يجتمع 30 شخصاً من سكان منطقة الحمرا في بيروت، لمناقشة وإرساء الحلول الممكنة ضمن رؤية مشتركة لأزمة الكهرباء، وضمان الحصول على التيار بسعر مقبول وخدمة موثوقة ومستدامة للجميع.
ويشكل هؤلاء معاً أول مجلس مدني حول الكهرباء في لبنان، وسيشمل نشاطه مجموعة مداخلات من خبراء في الطاقة وممثلي منظمات حكومية وأكاديميين وأصحاب عمل، على أن تُتاح للمشاركين في المجلس فرصة مناقشة القضايا الرئيسية والتصويت على الحلول المختلفة التي يقترحها الخبراء.
في السياق، يقول منسق المشاريع في "معهد عصام فارس" في "الجامعة الأميركية في بيروت" مارك أيوب: "أنا فخور بالمشاركة في هذا المجلس الذي يُعدّ الأول من نوعه، فأنا أعتقد أنه يجب على المواطنين أن يكونوا في صميم عملية التحوّل الطاقوي في لبنان".
ويعتقد أيوب أن "من حق المواطنين وواجبهم المشاركة في صُنع القرار ، لا سيما عندما يتعلق الأمر بسياسات ومبادرات الطاقة التي تؤثر كثيراً على حياتهم اليومية، وهذا لا يمكن تحقيقه سوى من خلال مشاركتهم الفعّالة التي تُحدث فرقاً من خلال استراتيجيات مبتكرة وتقنيات حديثة ونماذج الأعمال".
بدورها، ترى الباحثة المشاركة ومديرة البيانات في مركز "ريليف" RELIEF، آلاء الشهابي، أن "المجلس المدني فرصة فريدة وأولى في الشرق الأوسط، في ظلّ الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان، لتحويل قوة الشعب إلى آلية عمل للحلول المشتركة بهدف إنهاء العجز الطاقوي".
ولا يواجه لبنان حالياً مجرّد نقص مزمن في الطاقة بسبب ترهّل بنيتها التحتية، بل إن دعم الطاقة يمثل 43% من عجز موازنة الدولة، الأمر الذي يجعل الحكومات تكافح من أجل تغطيته.
ويرى المجلس المدني أن انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب المنصرم، وما أنتجه من إزهاق للأرواح وتدمير للمنازل والمؤسسات، دفع بلبنان إلى هاوية سياسية واقتصادية أكثر عمقاً، لكن مع ذلك، تبقى عدالة الطاقة والديمقراطية مهمة حاسمة يجب متابعتها، إذ كما هو حال العديد من الخدمات العامة الأُخرى، يُعد قطاع الكهرباء قطاعاً استراتيجياً يحتاج إلى إصلاحات عميقة حتى يتمكن من تلبية متطلبات الطاقة في لبنان.
وفي اعتقاد المجلس أيضاً أن لبنان في حاجة ماسة للتوصّل إلى حلول من أجل التغلب على فقر الطاقة وتخفيف عبء الديون، بينما يشكل المجلس المدني آلية ديمقراطية تُستخدم في جميع أنحاء العالم لسد العجز الديمقراطي في القضايا المعقدة وطويلة الأمد.