بزشكيان: إيران تحتاج 200 مليار دولار لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8%

01 سبتمبر 2024
تواجه إيران أزمات اقتصادية بسبب العقوبات الأميركية، طهران 13 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **التحديات الاقتصادية والمالية:** تواجه إيران أزمات اقتصادية متعددة تشمل العجز المالي في قطاعي الطاقة والبنوك، نقص الكهرباء، عجز الموازنة، وتراجع صادرات النفط بسبب العقوبات الأميركية، مما أدى إلى تضخم سنوي بنسبة 52.3%.

- **الحلول المقترحة والاستثمارات:** الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يشير إلى حاجة البلاد إلى 200-250 مليار دولار لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8%، مع الاعتماد على مستثمرين داخليين وخارجيين، وتحسين العلاقات الخارجية لضمان الاستثمارات.

- **التحديات المستقبلية والإصلاحات المطلوبة:** جمعية اقتصاد إيران تحدد 20 تحدياً أساسياً، منها التضخم المزمن وتراجع قيمة العملة، وتؤكد على ضرورة الإصلاحات الاقتصادية الصحيحة والعلاقات الدولية المتينة لمواجهة هذه التحديات.

على وقع أزمات اقتصادية متعددة في البلاد، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حاجة إيران لنحو 200 إلى 250 مليار دولار لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8% في ظل عجز مالي في قطاعي الطاقة والبنوك. وأضاف بزشكيان في حوار مع التلفزيون الإيراني الليلة الماضية أن هذا النمو لن يتحقق ما لم يُعالَج الميزان السالب في قطاعات الطاقة والبنوك والكهرباء.

وتواجه إيران نقصاً كبيراً في الكهرباء بنسبة تصل إلى 18 ألف ميغاوات، ما اضطر الحكومة إلى قطع التيار الكهربائي عن مصانع كبرى لعدم قطعه عن منازل المواطنين، لكن مع زيادة الاستهلاك وموجة الحر الشديد التي شهدتها البلاد وتراجع الإنتاج، اضطرت الحكومة إلى قطع التيار عن البيوت ساعتين إلى ثلاث يومياً.

وفي ظل العقوبات الأميركية المشددة، يعوّل الرئيس الإيراني على مستثمرين من الداخل لتوفير جزء من المبلغ، لكنه قال في الوقت ذاته إن أقصى ما يمكن أن تحصل عليه الحكومة من رؤوس أموال من الداخل الإيراني لن يتجاوز 100 مليار دولار، مشيراً إلى أن إيران أيضاً بحاجة إلى 100 مليار دولار استثمارات أجنبية.

وبشأن إمكانية تأمين الاستثمارات الأجنبية، أكد بزشكيان أن الأمر يتوقف على "علاقاتنا الخارجية وإيرانيين (مستثمرين) يعيشون في الخارج وكيفية التعامل مع الجيران والدول للوصول إلى أهدافنا"، مشدداً على دور الخارجية الإيرانية في هذا الصدد وكذلك "إصلاح الرؤية تجاه مختلف القضايا والوحدة والانسجام في الداخل"، فضلاً عن ضرورة إيجاد الثقة لدى المنتجين والمستثمرين الإيرانيين بوجود استقرار قانوني.

وفيما تواجه إيران عجزاً في الموازنة ومواردها، ما دفع ممرضين وعمالاً ومعلمين ومتقاعدين إلى تنظيم احتجاجات متقطعة في الأشهر الأخيرة، كشف الرئيس الإيراني عن حصول الحكومة على إذن من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي لسحب مبالغ من صندوقها السيادي الوطني من دون الكشف عن الرقم، وذلك لدفع مستحقات الممرضين والمعلمين، وكذلك المزارعين مقابل شراء القمح منهم.

وحسب تقارير إيرانية، فإن حجم أموال الصندوق الذي يعرف بصندوق التنمية الوطنية يبلغ في الوقت الراهن نحو 27 مليار دولار، وذلك بعد سحب مستمر منه خلال السنوات الأخيرة بسبب تراجع موارد الدولة على خلفية العقوبات الأميركية التي تستهدف أساساً مواردها بالعملة الصعبة من عوائد صادرات النفط وغيره. وفيما أكدت الحكومة السابقة أنها حققت سجلاً اقتصادياً جيداً، قال الرئيس الإيراني في البرنامج الحواري التلفزيوني إن الخزانة بلا أموال.

وفي ظل العجز المالي، يبدو أن الحكومة تجد نفسها مضطرة إلى العمل على ترشيد أسعار الوقود، وبخاصة البنزين، في ظل سعر بيعه الرخيص للمواطن، وهو ما دفع بزشكيان قبل أيام إلى القول إن الحكومة تبيع البنزين بأسعار رخيصة جداً، بينما تدفع أموالاً هائلة لإنتاجه واستيراده. علماً بأن سعر كل لتر بنزين في إيران يراوح بين 15000 إلى 30000 ريال، أي من 2.5 إلى 5 سنتات. وعادة مع ارتفاع أسعار الوقود في إيران، ترتفع أسعار معظم السلع والخدمات. 

وأثارت تصريحات بزشكيان قلق المواطن الإيراني الذي يعيش ظروفاً معيشية صعبة نتيجة غلاء الأسعار. وبعد ذلك، أكد وزير الاقتصاد الإيراني أن الشارع لا يتحمل صدمة رفع سعر البنزين. كذلك، قال النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، إن الحكومة لن ترفع سعر البنزين بتسرّع، وستنظر باهتمام إلى جميع أبعاده الاجتماعية والاقتصادية.

ويواجه الاقتصاد الإيراني أزمات قاسية جداً، تزايدت حدتها مع العقوبات الأميركية المشددة، التي استهدفت جميع مفاصلها الاقتصادية، بما فيها الاستثمارات الأجنبية. فالعقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني منذ عام 2018 بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي دفعت الشركات الأجنبية إلى مغادرة إيران خشية تعرضها لعقوبات أميركية ثانوية. وفي ظل هذه العقوبات التي تحرم إيران عوائد صادراتها النفطية المحظورة التي تحصلها بطرق التفافية، يبقى من الصعب تحويل الأموال إلى داخلها للاستثمار.

وبلغ معدل التضخم في السنة المالية التي انتهت في مارس/آذار 2024 نحو 52.3%، وهو أعلى معدل تضخم سنوي منذ 80 عاماً، ما يسبب زيادة أعداد الفقراء ويؤثر سلباً في معيشة المواطنين. وطاولت آثار العقوبات قطاع النفط والغاز الذي يستحوذ على نسبة كبيرة من إيرادات الاقتصاد الإيراني، حيث تراجعت الصادرات إلى 300 ألف برميل يومياً من نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً بعد انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي، ليرتفع الحجم تدريجياً بفعل الالتفاف على العقوبات. وتستهدف إيران في موازنة عام 2024-2025 التي بدأت في 21 مارس الماضي، تصدير نحو 1.35 مليون برميل من النفط يومياً، لكن الدولة تواجه صعوبات بالغة في إعادة إيراداتها نقداً إلى الداخل بسبب عقوبات أخرى على بنوكها ونظامها المالي.

وفي وقت سابق، حددت جمعية اقتصاد إيران، أو ما كان يعرف سابقاً بجمعية الاقتصاديين الإيرانيين، 20 تحدياً أساسياً أمام الاقتصاد الإيراني في رسالة مفتوحة، أبرزها النمو الاقتصادي المنخفض والمتذبذب، ما أدى إلى تراجع حاد في الناتج القومي، والتضخم المزمن المتزايد إلى جانب الهبوط الحاد والمستمر لقيمة العملة الوطنية والقوة الشرائية للمواطن، وتراجع فرص العمل كماً وكيفاً.

وأشارت الجمعية أيضاً إلى أهمية وجود علاقات دولية متينة وتوظيفها لأجل نمو الاقتصاد الإيراني وازدهاره، ومن التحديات أيضاً بؤر السلطة والثروة التي تمثل تحدياً بوقوفها سداً أمام الإصلاحات والتخطيط الاقتصادي الصحيح، فضلاً عن عجز السلع والخدمات العامة، وعدم التوازن بين العرض والطلب في الطاقة، وهو ما ينذر بقرب وقوع أزمة طاقة، وارتفاع تكاليف التبادل المؤدي إلى هدر الموارد وانخفاض الرخاء، وعدم استقرار الاقتصاد الكلي، وارتفاع منسوب عدم الثقة بالاقتصاد، وهو ما تسبب بتوقعات تضخمية وجعل الاقتصاد وأسواقه غير قابلة للتوقعات المألوفة.

ولفتت الجمعية في بيانها عند الحديث عن التحديات الاقتصادية في البلاد إلى المزيد منها، مثل شحّ المدخرات ورؤوس الأموال، ما نتج منه تراجع الاستثمارات وتهالك الأرصدة الفيزيقية والبنيوية، ووصول رأس المال البشري تشكلاً ونمواً وتطوراً إلى مرحلة الخطر، مع غياب دور فاعل للتجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية والفضاء الافتراضي والذكاء الاصطناعي على طريق التنمية، والمشاركة الضعيفة للقوة العاملة النسائية في الاقتصاد والمسار المتزايد لهروب رأس المال البشري والمادي من البلاد. 

(الدولار= نحو 42 ألف ريال إيراني)

المساهمون