تلوح في الأفق أزمة وقود في الأسواق البريطانية، حيث تدرس الشركات تقنين إمداد محطات التوزيع بسبب نقص سائقي الشاحنات، في وقت قال وزير المشروعات الصغيرة، بول سكالي، إن الحكومة "تعد للسيناريو الأسوأ في أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي".
في السياق، سعت الحكومة يوم الخميس، إلى تهدئة المخاوف من أزمة وقود بعدما أوصت شركتا النفط العملاقتان "بريتيش بتروليوم" (بي بي) و"إيسو" المملوكتان لـ"إكسون موبيل" بضرورة تقنين الإمدادات وإغلاق بعض محطات الوقود نتيجة نقص سائقي الشاحنات، وفقا لوكالة "أسوشييتد برس".
وقالت "بريتيش بتروليوم" إنها تخفض شحنات البنزين والديزل، وإن "حفنة" من محطاتها أغلقت، فيما قالت "إكسون موبيل" إن مشكلة العمالة أثرت على "عدد صغير" من الشركات التي تديرها مع سلسلة متاجر "تيسكو".
بدورها، قالت هيئة الخدمات اللوجستية في المملكة المتحدة إن "النقص في السائقين مشكلة خطيرة للغاية تحتاج إلى إجراءات حكومية وصناعية عاجلة لحلها. ومع ذلك، فإننا نحث الناس على عدم الذعر من الشراء".
وأضافت أن "صناعة الخدمات اللوجستية مرنة وقد أثبتت قدرتها على دعم المتاجر والعائلات والشركات خلال جائحة كورونا وإغلاق الحدود والمراحل الأولى من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وستستمر في خدمة احتياجات الأمة".
ويشعر مسؤولو الصناعة والحكومة بالقلق من أن الأخبار ستتسبب في اندفاع الأشخاص لملء سياراتهم، ما يؤدي إلى طوابير ومزيد من اختناقات الإمداد.
وقد واجهت بريطانيا في سبتمبر/أيلول 2000 مشكلة لعدة أيام عندما بدأ سائقو الشاحنات، الذين كانوا مذعورين من ارتفاع تكلفة الوقود في ذلك الوقت، في إغلاق المصافي، ما دفع سائقي السيارات للتوجه إلى المضخة.
وحث مكتب رئيس الوزراء بوريس جونسون الناس على عدم الذعر وشراء الوقود ردا على آخر الأخبار، وقال إن الحكومة تجري تغييرات للتعامل مع نقص السائقين. وقال جيمي ديفيز، المتحدث باسم رئيس الوزراء: "أعتقد أن أول شيء يجب قوله هو أنه لا يوجد نقص في الوقود في المملكة المتحدة، ويجب على الناس الاستمرار في شراء الوقود كالمعتاد".
التأهب للتعامل مع أزمة الغاز
على صعيد متصل، نقلت وكالة "قنا" عن وزير المشروعات الصغيرة إن حكومة بلاده "تعد للسيناريو الأسوأ في أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي"، التي أثرت بشدة على شركات الطاقة فيها.
وأشار سكالي، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" اليوم، إلى أن الحكومة تجري مشاورات مع الهيئة المنظمة لقطاع الطاقة "أوفجيم" من أجل حماية المستهلكين في حال خروج مزيد من شركات الطاقة من السوق بسبب تلك الأزمة.
ورفض الوزير البريطاني التنبؤ بما قد تسفر عنه أزمة ارتفاع أسعار الطاقة في الأشهر المقبلة، قائلا إن "على الحكومة أن تعد نفسها لأسوأ السيناريوهات والتخطيط للتعامل مع هذا الموقف"، موضحا أنه "سيتم النظر في موقف كل شركة على حدة وظروفها حتى يمكننا الخروج من هذه الأوقات الصعبة". وأوضح وجود نظام قوي للتعامل مع انهيار شركات الطاقة، حيث تتم حماية العملاء بمواصلة إمدادهم بالطاقة بنفس الأسعار، مستبعدا فكرة تقديم قروض حكومية لإنقاذ الشركات الكبيرة.
وأسفر الارتفاع الكبير في أسعار الغاز في بريطانيا عن تأثر نحو مليون ونصف المليون من عملاء شركات الطاقة التي لم تصمد في وجه الأزمة، مثل شركتي "جرين" و"أفرو إينيرجي"، ما استدعى نقل العملاء إلى شركات أخرى بتكلفة أعلى.
وتنظر الحكومة البريطانية حاليا في احتمال اللجوء لاستيراد كميات من المنتجات التي قد يتأثر إنتاجها بأزمة الغاز، مثل الأسمدة، لتغطية العجز في الإنتاج المحلي الناجم عن توقف عدد من المصانع.
يذكر أن بريطانيا تعاني من انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة في ظل تراجع الرياح في الأشهر الأخيرة، فضلا عن انقطاع الطاقة الكهربائية المنتجة من بعض محطات الطاقة النووية، وتراجع كميات الغاز الطبيعي المستوردة من النرويج، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الغاز بشكل كبير.
ويرجع الخبراء زيادة أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية إلى ارتفاع الطلب العالمي خاصة في آسيا، في ظل تعافي الاقتصاد العالمي بعد أزمة وباء كورونا ومشكلات الصيانة في بعض مواقع إنتاج الغاز.