يواجه الفرنسي برنار أرنو، الملياردير القادم من عالم الأزياء، تهمة غسل أموال بالاشتراك مع رجل أعمال روسي، ما يضع تاريخ الرجل الذي طالما وصفته وسائل إعلام غربية بـ"المفترس" الباحث عن الصفقات الناجحة، على المحك، في حين يقلل مقربون منه من الاتهام الموجه إليه، مشيرين إلى أن الصفقات التي نُفذت تأتي "في إطار القانون".
أثار مكتب المدعي العام في باريس، يوم الجمعة الماضي، ضجة واسعة حول أرنو، بإعلانه إجراء تحقيق في تعاملاته مع رجل الأعمال الروسي نيكولاي ساركيسوف، بتهمة غسل أموال محتمل. يأتي التحقيق حول معاملات تتعلق بممتلكات في منتجع "كورشوفيل" للتزلج في جبال الألب الفرنسية المعروف بأنه ملعب للأثرياء، حسبما ذكر المدعون.
أوردت صحيفة "فرينش دايلي" أن ساركيسوف اشترى سلسلة من العقارات عام 2018 في كورشوفيل من خلال شركات وسيطة، لكن تبيّن أن المشتري النهائي هو أرنو. ويُعتقد أن الرئيس التنفيذي لشركة الأزياء العملاقة "إل في إم إتش" دفع لساركيسوف حوالي 20 مليون يورو (21.2 مليون دولار) لامتلاك الأصول، بينما يُزعم أن ساركيسوف حقق ربحاً بحوالي مليوني يورو من الصفقات.
وقال المحققون، بحسب صحيفة لوموند، إن الصفقات تبدو كأنها تخفي مصدر الأموال وهوية المشتري النهائي، أرنو. في حين نقلت الصحيفة عن أشخاص مقربين من أرنو قولهم إن الصفقات نُفذت في إطار القانون.
أرنو الذي يدير إمبراطورية "إل في إم أتش" الفاخرة هو ثاني أغنى شخص في العالم بعد الملياردير الأميركي إيلون ماسك رئيس شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية و"سبايس إكس" العاملة في مجال الفضاء ومنصة "إكس"، وفق تصنيف أجرته مجلة فوربس الأميركية.
وتقدر قائمة بلومبيرغ لأثرياء العالم ثروة إمبراطور الأزياء الفرنسي بنحو 167 مليار دولار، وسبق أن نجح في العديد من المرات في إزاحة ماسك من صدارة القائمة وغيره من أباطرة التكنولوجيا والطاقة والتجارة الإلكترونية الأميركيين الذين تحصنوا لسنوات طويلة خلف جدران وول ستريت الشاهقة، لكنه تراجع عن الصدارة ليستقر في الترتيب الثاني أخيراً.
ورغم السن المتقدمة للملياردير الفرنسي البالغ من العمر 74 عاماً، إلا أنه يبدو حريصاً على توسع إمبراطوريته وإضافة المزيد من الخزائن إلى عائلته التي يعيد هيكلة وضعها داخل شركاته، لضمان سيطرة أسرته على المدى الطويل على الإمبراطورية الفاخرة التي بدأ في تشييدها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وصف تقرير نشرته صحيفة لوباريزيان الفرنسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، أرنو، بأنه "مفترس" يبحث عن الصفقات الناجحة.
ولد برنار في 5 مارس/ آذار من عام 1949 في روبيه بفرنسا لأب يعمل في قطاع التطوير العقاري. وتخرّج في الثانية والعشرين من عمره مهندساً من مدرسة البوليتكنيك، وحينها قرر أن يتسلم شركة "بي تي بي" التي أسسها والده وقام ببيعها مقابل 40 ألف فرنك فرنسي.
كان برنار ماهراً في إنعاش الشركات وتأسيسها، لذلك بدأ بتأسيس شركة فيرينال، التي تخصصت في تطوير العقارات وذاع صيتها في سبعينيات القرن الماضي. لكنه عمد منذ بداية الثمانينيات إلى شراء الشركات المتعثرة عبر مجموعته التي أسسها لينتقل إلى عالم الموضة.
وفي 2017 استحوذ بالكامل على العلامة التجارية كريستيان ديور عبر مجموعته للسلع الفاخرة في إطار اتفاق قيمته 13 مليار دولار. يقوم أرنو كل يوم سبت بزيارة لكل محلاته في باريس بصحبة أحد أبنائه. ويراقب بعينيه الزرقاوين كل شيء، بما في ذلك واجهة المحلات ليعد تقريرا في اليوم التالي ومجموعة من الأوامر تقوم سكرتيرته الخاصة بإرسالها إلى المعنيين بالأمر.
وتعد مجموعته، أكبر شركة مدرجة في بورصة باريس، حيث يصل رقم أعمالها إلى 47 مليار يورو. ويردد أرنو دوماً بأن سر نجاح مجموعته يكمن في اعتمادها بشكل كبير على الابتكار والتنظيم الجيد.
تضم مجموعته 75 ماركة فاخرة، بينها كريستيان ديور ولوي فيتون وبولغاري وجيفانشي وغارلان وشاتوييكيم ومويت آند شاندون.
وبينما نجح عالم الموضة في إلباس برنار أرنو ثوب أغنى رجل في العالم عدة مرات، فإن تهمة غسل الأموال التي يجري التحقيق بشأنها قد تلوث هذا الثوب إذا ما جرى إثباتها.