برلمان الجزائر يطالب الحكومة بتوضيح حول "لجنة وزارية" لتسوية ودية مع رجال الأعمال

27 سبتمبر 2023
رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن (العربي الجديد)
+ الخط -

طالب البرلمان الجزائري الحكومة بتقديم توضيحات بشأن قضية اللجنة الوزارية التي تولت مساءلة رجال الأعمال والشركات الموردة عن قضايا تضخيم الفواتير قبل عام 2019، وعن السند القانوني لهذه اللجنة وعملها، وخلفيات تشكيلها ثم إلغائها قبل أسبوعين، دون إطلاع الرأي العام على أية تفاصيل تخص القضية التي وصفتها بـ"الحادثة المؤسفة وغير المجدية" والمخاوف من تأثيراتها في استقرار الاقتصاد الجزائري وسمعته.

وأودعت كتلة حركة مجتمع السلم المعارضة (تحوز 68 نائباً) استجواباً موجهاً إلى رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن، تلزمه فيه بتقديم كشف في جلسة عامة وعلنية في البرلمان، حول "قضية لجنة وزارية مكونة من وزراء المالية والتجارة والصناعة والزراعة والعدل، والمكلفة ملاحقة عدة شركات متهمة بالمبالغة في فواتيرها خلال الفترة 2009-2019"، التي أثارت جدلاً سياسياً لافتاً في الفترة الأخيرة، ودارت حولها تساؤلات عديدة بسبب الغموض المحيط بها.

وكانت السلطات العليا، الرئاسة غالباً، قد شكلت لجنة وزارية تضم 5 وزارات، هي المالية والعدل والصناعة والزراعة والتجارة، تتولى فحص ملفات شركات ورجال أعمال تنسب إليهم عمليات تضخيم الفواتير لتهريب الأموال إلى الخارج.

وكانت اللجنة تستدعي المعنيين وتقترح تسوية ودية تُدفَع بموجبها استحقاقات مالية حسب كل ملف إلى خزينة الدولة، مقابل الاستفادة من العفو وعدم الملاحقة القضائية، في سياق لجوء السلطات إلى ما اعتبرتها الحكومة "تفضيل التسوية الودية على الإجراءات الجزائية"، إذ كان الرئيس تبون يأمل أن تمثل هذه اللجنة "محاولة للقطع"، مع سياسات سجن وتوقيف رجال الأعمال والمستثمرين، وتجنب تعطيل مشاريع واستثمارات وما ينجرّ عنها من تسريح عمال.

لكن شكاوى رجال الأعمال والشركات من ضغوط هذه اللجنة وغموض معايير تقديراتها للملفات، فجرتها الرسالة المثيرة التي كانت وجهتها رئيسة هيئة رجال الأعمال (كونفدرالية المؤسسات) سعيدة نغزة إلى الرئيس تبون في 5 سبتمبر/أيلول الجاري، التي كشفت عما وصفته بتعرّض رجال أعمال لـ"الاضطهاد والضغوط المختلفة من مختلف ممثلي الدولة، ومن الغرامات التي تفرضها لجنة من 5 وزراء، تجاوز بالنسبة إلى البعض حجم أصول شركاتهم، ولن يتمكنوا أصلاً من دفعها، من دون إعطائهم الحق في الاطلاع على ملفاتهم"، دفعت الرئيس عبد المجيد تبون في 14 سبتمبر الجاري إلى إلغاء عمل اللجنة الوزارية.

وأوردت وثيقة الاستجواب أن "تطورات هذه القضية تدفع إلى التساؤل عن ماهية الإطار التشريعي والأساس القانوني لمهمة هذه اللجنة، وما هو مصدرها الأولي وأهدافها؟ ولماذا جُمِّدَت في نهاية المطاف (بإعلان من غير المؤسسات الرسمية، ما زاد حالة الغموض)، وما هي التدابير العاجلة التي تعتزم الحكومة اتخاذها لاستعادة مناخ الأعمال المستقر؟ وما السبيل لحماية الاقتصاد الجزائري من تصرفات تضره غير مدروسة العواقب والآثار المستقبلية؟".

وحذر الاستجواب من التأثيرات المحتملة داخلياً وخارجياً لهذه القضية، نظراً لاتساع نطاق هذه القضية، فمن المرجح أن يكون لهذه القضية تأثيرات كبيرة بصحة وسمعة الاقتصاد الوطني، وعواقب على الشركات المذكورة التي تنشط في بلادنا، فضلاً عن تأثيرها ببعض الدراسات اللاحقة حول مناخ الاستثمار في الجزائر".

هذا بالإضافة إلى أنّ "التهديد الذي يمكن أن يتعرض له مؤشر مخاطر الاستثمار في بلادنا أمر مؤكد، بعد هذه الحادثة المؤسفة وغير المجدية، التي زادها عدم استقرار النصوص المنظمة للنشاط الاقتصادي واستمرار ابتعادنا عن الوضع الهادئ والموثوق والمستقر، الذي يمكن أن يستقطب محلياً وعالمياً ريادة الأعمال ورؤوس الأموال، ولا سيما في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر".

وبررت الكتلة المعارضة لجوءها إلى تفعيل آلية الرقابة الدستورية على الحكومة، وفقاً للمادة الـ160 من الدستور إلى التداعيات الوخيمة لهذه القضية على مناخ الاستثمار، ولحالة القلق الكبير التي يعيشها أصحاب الأعمال المستدعون والقلقون، ما يفرض حسبها "دق ناقوس الخطر"، ويلزم الدستور رئيس الحكومة بالرد على الاستجواب في غضون 30 يوماً من إحالته من البرلمان على الحكومة.

المساهمون