البرلمان الجزائري يؤجل خطة حكومية لإلغاء الدعم المباشر خوفاً من الشارع

17 نوفمبر 2021
الجزائريون يواجهون ضغوطاً معيشية قاسية (العربي الجديد)
+ الخط -

أنهت لجنة المالية والميزانية بالبرلمان الجزائري الخلاف القائم بين ممثلي الشعب والحكومة، حول الخطة التي تقدم بها رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمان المتعلقة بإلغاء الدعم المباشر للمنتجات والخدمات، في موازنة العام 2022، بعدما أدخلت عليها تعديلات تفضي إلى تأجيل تطبيق الانتقال من الدعم المباشر إلى الدعم الموجه، حتى  توفر جملة من الشروط تهدف لحماية قدرة الجزائريين الشرائية. يأتي ذلك، بعد تحذيرات من تحرك الشارع ضد هذا الإجراء.
وجاء في التقرير الذي عرضته لجنة المالية والميزانية في البرلمان الجزائري على النواب للمصادقة عليه اليوم الأربعاء، مقترح تعديلٍ للمادة المتعلقة بالصيغة الجديدة للدعم على النحو التالي: "يوضع جهاز وطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة، لا سيما من الدوائر الوزارية المعنية ونواب البرلمان بغرفتيه والخبراء الاقتصاديين المعنيين وكذا المنظمات المهنية، وتتم مراجعة وتعديل أسعار المنتوجات المدعمة بعد تحديد الميكانيزمات والإجراءات من طرف الجهاز المذكور بهدف تحديد التعويضات الموجهة لصالح الأسر المؤهلة للتحويلات النقدية المباشرة".

أي أن البرلمان فرض تدخل النواب والنقابات في تسيير عملية مراجعة سياسة الدعم بعدما اقترحت الحكومة تسيير الجهاز من طرف وزارة المالية، مع شرط وضع قائمة مسبقة للمواد المعنية بتحرير أسعارها.
ويستشف من التعديل الذي أدخلته لجنة المالية في البرلمان الجزائري على الخطة الحكومية لتعديل سياسة الدعم، محاولة تأخير تطبيق الإجراء الجديد إلى ما بعد سنة 2022 وإكمال النقاش لوضع آليات التعويضات والتحويلات النقدية المباشرة.

نحو انتقال سلس

وكشف علال بوثلجة نائب برلماني وعضو لجنة المالية بالبرلمان الجزائري أن "اللجنة فضلت مسك العصا من الوسط لإنهاء الجدال حول الدعم وتفادي الانسداد، فضلنا الجمع بين المقاربة الاقتصادية والاجتماعية معا، للخروج بهذا الحل".

وتابع في تصريحات لـ"العربي الجديد": "نحن كنواب نعرف الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ونعيش نفس الضغط المعيشي الذي يتعرض له المواطن، نظن أن إحداث انتقال سلس من الدعم العام إلى الدعم الموجه هو الحل الأمثل".
وأضاف نفس المتحدث أن " الحكومة قبلت التعديلات التي تقدمنا بها، وفرضنا عليها جدولا زمنيا واضحا لتطبيق الخطة الحكومية، مع ضرورة توفر شروط أولها فتح حوار وطني شامل جامع".

وكان عدد من النواب في البرلمان قد تقدموا بمقترح إلغاء المادة المتعلقة بجهاز التعويضات النقدية لصالح الأسر المعوزة، في حين دافع آخرون خلال مناقشة موازنة 2022، عن الدعم غير المباشر وتحويله إلى دعم نقدي مباشر لصالح الأسر المؤهلة.

وقال رئيس الحكومة ووزير المالية أيمن عبد الرحمان أمس الثلاثاء خلال رده على مداخلات النواب، إن "الدعم المالي الهائل والمقدر بـ17 مليار دولار، يتوجه الى أناس لا يستحقونه، وإلى وسطاء نخروا الاقتصاد الوطني وهم يريدون الاستمرار في الاستفادة منه".

وأضاف: "نريد أن نسترجع هذه القيمة وتوجيهها الى قطاعات حيوية كالصحة والتعليم وتحسين الأجور، ونريد أن نستثمرها في القطاعات المهمة، وضمن وضعنا هدف تكوين آليات محددة لتطبيق رفع الدعم واسترجاع هذه الأموال"، مشيرا الى أن قيمة دعم المواد الاستهلاكية، بلغت معدل 13 بالمائة من الدخل الوطني، "ونريده أن يكون الدعم أكثر نجاعة للأسر والسكن والصّحة، بينما دعم الاسر الميسورة لا يتماشى والهدف المحدد من الدولة".

تبديد الدعم

 وأقر رئيس الحكومة بأن "ما يقارب مليار دولار تذهب الى الوسطاء، فيما تستفيد العائلات الميسورة من اقل من مليار دولار من أموال الدعم"، لافتاً إلى أن "إصلاح نظام الدعم الذي تنوي الحكومة تطبيقه، بتحويله من عام يستفيد منه الجميع إلى موجّه يستفيد منه المحتاج فقط، يجب أن يقترن بمنظومة إحصائية عصرية قوية وشفافة، وبعد إنشاء هذه المنظومة الإحصائية لا بد وأن يكون رفع الدعم بالتدريج والتعويض في الأجور بالتدريج، تفادياً لأي هزات اجتماعية".

لكن أحزابا سياسية تملك كتلا نيابية في البرلمان، عبرت عن مخاوف جدية من أن يؤدي اقرار رفع الدعم عن أسعار المواد واسعة الاستهلاك، بنية ترشيد الدعم، الى غضب شعبي وردود فعل اجتماعية في الشارع، خاصة في ظل ظروف معقدة تتميز بتراجع القدرة الشرائية للجزائريين وارتفاع في نسبة التضخم.

وقال رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء إن "الظرف غير مناسب لرفع الدعم قبل وضع جهاز يحدد بوضوح آليات استفادة الأسر من الدعم"، مشيرا إلى أن التسيير البيروقراطي للموازنة العامة، قد يتسبب في ردود فعل شعبية تزعزع استقرار البلاد وتمس بالأمن العام.

وأضاف: "الأمن والاستقرار الاجتماعي خط أحمر لا يجب التلاعب به، نرفض الغاء الدعم المباشر وحركة البناء لن تتحمل مسؤولية ذلك ولن تدعم الحكومة في قرار عشوائي قبل أن يتم وضع آليات الدعم المباشر، والدعم هو مسؤولية الدولة الاجتماعية، ورفعه قد يثير حربا أهلية بين الجزائريين وثورة في البلاد".

وقال رئيس الكتلة النيابية لحركة مجتمع السلم أحمد صادوق إن "رفع الدعم يجب ان يتم بعد فتح نقاش مع الشركاء الاجتماعيين والنقابات التي يهمها الملف بشكل مباشر، للتفاهم معها على كل التفاصيل"، مشيراً الى أن الحركة" ضد أية زيادة في أسعار المواد الاستهلاكية في الوقت الحالي ودون دراسة عميقة، بسبب الإكراهات الاجتماعية.

تزايد الفقر

ووفق الأرقام التي جاءت في موازنة 2022، فإن ميزانية الدعم أو ما يعرف بـ "التحويلات الاجتماعية" ستقدر بـ2220 مليار دينار، أي ما يعادل 16.4 مليار دولار (الدولار= 137 ديناراً)، ما يمثل 11 بالمائة من قيمة الناتج الداخلي الخام، مقابل 1920 مليار دينار سنة 2021، و1700 مليار دينار السنة التي قبلها.
وتتحاشى الحكومة إجراء دراسة متعمقة حول وضعية الجزائريين، خاصة العمال من الطبقة الوسطى والمعوزة، في وقت تشير دراسات إلى أن ملايين الجزائريين يعيشون تحت خط الفقر. ووفقاً للخبراء، فإن أكثر من ثلث العمال معرضون للخطر، خاصة مع الانخفاض الكبير في القوة الشرائية.

المساهمون