بدائل الذهب لحماية مدخرات الخليجيين من تقلبات الأسواق

03 سبتمبر 2024
الذهب ملاذ آمن للمستثمرين وقت الأزمات (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحديات الاستثمار في الذهب وارتفاع الأسعار**: محمد الشمري يعبر عن قلقه من ارتفاع أسعار الذهب بنسبة 70% خلال السنوات الأربع الماضية، مما دفع المواطنين الخليجيين للبحث عن بدائل استثمارية.

- **آليات مبتكرة لحماية المدخرات**: المؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي تطور برامج استثمارية مرتبطة بأسعار الذهب ومحافظ ائتمانية متنوعة لتحقيق عوائد تغطي نسبة التضخم.

- **التنويع في الاستثمارات لتقليل المخاطر**: المستشار الاقتصادي علي متولي يؤكد على أهمية تنويع المحفظة الاستثمارية لتقليل المخاطر، مشيراً إلى تضمين أصول مثل العقارات والأسهم والسندات بالإضافة إلى الذهب.

"كنت أعتبر الذهب ملاذاً آمناً لمدخراتي، لكن التقلبات الأخيرة في الأسعار العالمية أثارت قلقي"، بهذه الكلمات عبّر الموظف الحكومي السعودي، محمد الشمري (45 عاماً)، عن حيرته لـ "العربي الجديد"، مشيراً إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار المعدن النفيس دفعه للتفكير جدياً في البحث عن بدائل.
وتعكس تجربة الشمري قلقاً متزايداً لدى العديد من المواطنين الخليجيين، فوفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، الصادرة في يونيو/ حزيران 2024، فقد شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً بنسبة 70% خلال السنوات الأربع الماضية، مع تسجيل قفزة نوعية في عام 2024 حيث زادت الأسعار عن 2500 دولار للأوقية (أونصة).
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" بأن العديد من المؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي تتجه نحو تطوير آليات مبتكرة لحماية مدخرات المواطنين. وتتضمّن هذه الآليات برامج استثمارية متخصصة مرتبطة بأسعار الذهب، وإطلاق محافظ ائتمانية متنوعة تهدف إلى تحقيق عوائد تغطي نسبة التضخم مع هامش ربح إضافي، بحسب المصادر.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه أسواق المال الخليجية نمواً ملحوظاً، فوفقاً لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في مارس/ آذار الماضي، سجلت البورصات الخليجية نمواً بنسبة 15% في حجم التداولات خلال العام الماضي.

ويوفر هذا النمو، إلى جانب الدعم الحكومي المتزايد للاستثمارات المحلية، فرصاً واعدة للمستثمرين الخليجيين للتنويع في محافظهم الاستثمارية، ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو إيجاد التوازن الأمثل بين الاستثمار في الذهب كملاذ آمن تقليدي، والاستفادة من الفرص الجديدة التي توفرها الأسواق المالية المتطورة في المنطقة.

آليات متنوعة بعيدا عن الذهب

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن أسواق الذهب العالمية شهدت تقلبات كبيرة في الآونة الأخيرة، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على مدخرات المواطنين في دول الخليج العربي، موضحاً أن هناك عدة صيغ للحفاظ على تلك المدخرات ضمن آليات قانونية ومصرفية، تتنوع بين الاستثمارات وحسابات التوفير والمحافظ الاستثمارية المتنوعة.
وتهدف هذه الآليات إلى تحقيق عائد يغطي نسبة التضخم بالإضافة إلى هامش ربح معين، كما يشير درويش، إلى أن أسعار الذهب سجلت قفزات نوعية خلال العامين الماضيين، وخاصة في عام 2024، حيث قاربت الأسعار 2500 دولار للأوقية، بعد أن كانت في حدود تتراوح بين 2100 و2300 دولار في بداية العام.
وتعكس هذه الزيادة غير المسبوقة تاريخياً الطلب العالمي المتزايد على الذهب كسلعة اقتصادية وملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية، حسب درويش، مشيراً إلى أن سعر الذهب ارتفع بنسبة تزيد عن 70% خلال السنوات الأربع الماضية، مما يعزز مكانته كاستثمار جاذب.
وللتعامل مع تقلبات أسعار الذهب وحماية مدخرات المواطنين في دول الخليج، يقترح درويش تطوير برامج متخصصة ومرتبطة بأسعار الذهب أو ضمن محافظ ائتمانية متنوعة، ويشدد على أهمية تنويع مصادر حماية المدخرات، سواء من خلال الاستثمار في الأسهم أو الذهب أو عبر صيغ لحماية الودائع من خلال مؤسسات ضامنة.
غير أن ربط المدخرات بأسعار الذهب يتطلب برامج مصرفية متطورة، على غرار المحافظ الاستثمارية التي تنوع صيغ حماية المدخرات، حسب درويش، الذي ينوه إلى إمكانية الاستثمار في أصول ثابتة كالأسهم العالمية أو أسهم الشركات، أو الاعتماد على ضمانات مصرفية أو حكومية لحماية مدخرات المواطنين في دول الخليج.
 

توجه إيجابي

وفي السياق، يشير المستشار الاقتصادي بشركة استشارات تتخذ من لندن مقرا لها، علي متولي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاستثمار في دول الخليج يميل إلى التركيز على البورصة والمال بشكل عام، مستفيداً من الأموال الإضافية التي تقدمها الحكومات لمواطنيها، ويرى أن هذا التوجه إيجابي، خاصة أنه يشمل شريحة كبيرة من مجتمعات دول المنطقة.

فالتنويع في الاستثمارات يعد أمراً بالغ الأهمية لتقليل المخاطر، حسب متولي، الذي يقترح أن تشمل المحفظة الاستثمارية للمواطنين بدول الخليج أصولاً مختلفة مثل العقارات والأسهم والسندات، بالإضافة إلى الذهب، مؤكداً أن هذا التنويع من شأنه أن يساعد في تقليل مخاطر التقلبات في أسعار الذهب.
ويوضح متولي أن استراتيجيات التحوط تلعب دوراً مهماً في حماية الاستثمارات، وأن العقود الآجلة والخيارات في سوق الذهب يمكن أن تساعد في حماية المستثمرين من انخفاض الأسعار أو التقلبات بشكل عام، مما يمكنهم من تثبيت سعر الذهب أو تعويض الخسائر المحتملة.
كما توفر منتجات التأمين حماية إضافية للمستثمرين في الذهب، وفق متولي، الذي يقترح النظر في وثائق التأمين التي تغطي قيمة الاستثمارات في الذهب، والتي يمكن أن توفر حماية في حالة انخفاض الأسعار.
وتشكّل الاستثمارات البديلة أيضاً خياراً مهماً للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار، ولذا يشير متولي إلى أهمية الاستثمار في العقارات ومنتجات التمويل الإسلامي مثل الصكوك، مشيراً إلى أنها تتميز بعوائد ثابتة وتوافقها مع الشريعة الإسلامية.
ويخلص متولي إلى أهمية التوازن في المحفظة الاستثمارية للمواطن الخليجي، مشدداً على ضرورة تضمين الذهب كجزء من المحفظة، ولكن مع الحرص على عدم جعله المكون الأساسي أو الوحيد، لتجنب المخاطر المحتملة.

المساهمون