قال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، اليوم الخميس، إن البنك المركزي الأميركي قد يضطر لتشديد رقابته على نظام التمويل الأميركي في أعقاب إخفاق ثلاثة من أكبر البنوك الأميركية هذا الربيع.
وقال باول في تصريحات معدة سلفا، ألقيت خلال مؤتمر مصرفي في مدريد، إن قواعد أكثر صرامة تم وضعها بعد الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، جعلت البنوك الكبيرة متعددة الجنسيات أكثر مرونة في مواجهة التخلف عن سداد القروض على نطاق واسع، مثل انفجار فقاعة الإسكان التي أدت إلى تلك الأزمة.
لكن انهيار مصرف سيليكون فالي وبنك سيغنتشر وبنك فيرست ريبابليك كشف عن نقاط ضعف مختلفة، والتي من المرجح أن يعالجها البنك الفيدرالي من خلال اقتراحات جديدة، بحسب باول.
لم يقدم باول أي تفاصيل، لكن مسؤولين آخرين في البنك الفيدرالي قالوا إن البنوك ينبغي أن تحتفظ برأس مال أكبر كاحتياطي للحماية من خسائر القروض.
مثل هذه الاقتراحات قد تواجه معارضة من الصناعة المصرفية وبعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين، الذين يجادلون بأن البنك الفيدرالي كانت لديه الأدوات اللازمة لمنع الانهيار البنكي لكنه فشل في استخدامها.
وتأتي تصريحات رئيس البنك الفيدرالي بعد يوم واحد من ختام اختبارات الإجهاد التي يجريها كل عام للبنوك الأميركية، والتي أكدت نتائجها امتلاك البنوك الكبرى في الولايات المتحدة سيولة كافية لمقاومة "ركود حاد"، مع الاحتفاظ بالقدرة على منح قروض.
ونقلت "فرانس برس" عن نائب رئيس البنك الفيدرالي لشؤون الإشراف مايكل بار قوله "نتائج الاختبارات تؤكد أن النظام المصرفي لا يزال قويا وقادرا على الصمود".
لكنه شدد على أن البنك الفيدرالي يجب أن يواصل العمل للتثبت من أن "المصارف قادرة على مواجهة مختلف أنواع السيناريوهات والصدمات".
من جهته، قال روب نيكولز، رئيس رابطة المصرفيين الأميركيين، في بيان، إن نتائج الاختبارات أظهرت صلابة البنوك الأميركية، مشيرا إلى جمع المصارف احتياطيات تسمح لها بمواصلة الإقراض "في ظل أشد الظروف الاقتصادية".
وشمل اختبار الإجهاد 23 من المصارف الأميركية الكبرى، وكان الهدف منه تقييم مستوى رأسمالها وحجم خسائرها وعائداتها في حال حصول انكماش كبير يترافق مع انهيار السوق العقارية وارتفاع نسبة البطالة إلى 10%.
وذكر البنك الفيدرالي أن "المصارف الـ23 ستحتفظ بسيولة تفوق الحد الأدنى المطلوب، بالرغم من خسائر إجمالية تقدر بـ541 مليار دولار"، بينها مئة مليار تكون نتيجة متأخرات أقساط القروض العقارية لمساكن أو مكاتب.
وسيؤدي مثل هذا الوضع إلى تراجع نسبة أسهم رأس المال بمقدار 2.3 نقطة مئوية، مع بقائها رغم ذلك فوق 10%.
وبين المصارف المعنية بهذه الاختبارات بنك أوف أميركا وسيتي غروب وغولدمان ساكس وجي بي مورغن تشيس، إضافة إلى الفروع الأميركية لمصرفي كريدي سويس ويو بي إس السويسريين اللذين هما في طور الاندماج.
وأتت هذه الاختبارات في أعقاب الأزمات المصرفية التي شهدتها الولايات المتحدة وأوروبا في وقت سابق هذا العام بعد الانهيار السريع لبنك "سيليكون فالي" في كاليفورنيا.
ولا تشمل اختبارات الإجهاد البنوك المحلية الصغيرة والبنوك المناطقية المتوسطة، في وقت يجرى نقاش حول مسألة تطبيق قواعد الحيطة على هذه الفئة أيضا، في بلد يوجد فيه أكثر من 4500 مؤسسة مصرفية.
وقال باول، الخميس، إن أحد أسباب تغافل المنظمين عن التهديدات للبنوك الثلاثة هو "الميل البشري الطبيعي لخوض الحرب الأخيرة".
وحدثت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بسبب التخلف واسع النطاق عن سداد الديون، في أعقاب انفجار فقاعة الإسكان.
لكن بنك سليكون فالي أخفق لأسباب مختلفة، حيث تسببت الزيادة السريعة في معدلات الفائدة في انخفاض حاد في قيمة ما في حوزته من السندات، لأنه اشتراها بعائد أقل مما تدفعه السندات الجديدة.
وقال باول: "هذه الأحداث تشير إلى أن هناك حاجة لتعزيز إشرافنا وتنظيمنا للمؤسسات بحجم بنك سيليكون فالي"، مضيفا: "أتطلع لتقييم الاقتراحات لمثل هذه التغييرات وتطبيقها حينما يكون ذلك مناسبا".
وفي جلسة أسئلة وأجوبة، أشار إلى أن القواعد بحاجة إلى التحديث لمراعاة السرعة التي يمكن أن يحدث بها تشغيل البنك.
وقال رئيس البنك المركزي الأكبر في العالم: "جرى الاعتياد على أن يكون عملاء البنك أشخاص يقفون في طابور أمام ماكينة الصراف".
وأضاف: "هذا مختلف للغاية عما شاهدناه في بنك سليكون فالي"، حيث استخدم المودعون الهواتف الذكية في تحويل الأموال على الفور.
وقال باول إن مسؤولي البنك الفيدرالي رصدوا نقاط ضعف في البنوك، بما في ذلك التعرض لارتفاع أسعار الفائدة، لكنهم كانوا يعملون في إطار نظام يتحرك ببطء شديد لتجنب المشاكل.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)