عجزت المعالجات الحكومية التي اتخذها البنك المركزي اليمني في كبح الانهيار الحاصل للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وسط قلق شعبي من مجاعة محتملة جراء الارتفاع المهول لأسعار السلع الغذائية وأجور النقل.
وسجل الريال اليمني، اليوم السبت، 1050 ريالا أمام الدولار الواحد في المناطق الخاضعة لنفوذ الحكومة المعترف بها دوليا جنوبي وشرقي البلاد.
ويأتي التراجع غير المسبوق رغم محاولة السلطات الحكومية اتخاذ عدد من الإجراءات في مناطق نفوذها للحد من عملية المضاربة بالعملة الأجنبية، حيث قامت بإغلاق العشرات من شركات الصرافة بمحافظتي عدن وتعز وحضرموت ومأرب.
وعلى الرغم من المعالجات الحكومية المتأخرة، إلا أن الوضع لا يزال مرشحا لمزيد من الانهيار مع استمرار الطلب على العملة الصعبة وضعف التدخلات غير المجدية، وفقا لخبراء.
وقال عبد الرحمن العريقي، وهو عامل في شركة صرافة في تعز، إن السلطات المحلية أعلنت إغلاق أكثر من 150 شركة صرافة في مدينة تعز فقط خلال الأيام الماضية، لكن ذلك لم يؤد إلى كبح التدهور الحاصل، حيث واصل السماسرة عملية المضاربة من منازلهم أو من مقرات وهمية.
وبعد شبهات بوقوف تجار في مناطق نفوذ جماعة الحوثيين وراء عملية المضاربة وانهيار الريال، شرعت السلطات الحكومية أخيرا في تنفيذ قرار يقضي بمنع تحويل أي كميات تزيد عن 5 آلاف دولار من مناطق نفوذها جنوبي وشرقي البلاد إلى صنعاء وباقي المدن الخاضعة لنفوذ السلطات الحوثية.
ويأمل البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية أن تقود معالجاته الخاصة بتنظيم أعمال الصرافة إلى إعادة الاستقرار للريال أمام الدولار، وخصوصا بعد التشديد في مسألة منح التراخيص لشركات الصرافة التي قام بإغلاقها.
وحسب مصدر في البنك المركزي بتعز، لـ"العربي الجديد"، لن يُسمح بإعادة استئناف عمل الشركات المغلقة ما لم يكن لديها مبلغ تأمين في البنك يصل إلى 300 مليون ريال يمني ( نحو 300 ألف دولار)، فضلا عن شروط أخرى تهدف للمساهمة في تحقيق الاستقرار النقدي.
وتشترط اللائحة الجديدة، التي وزعها البنك المركزي في عدن خلال اليومين الماضيين، تقديم دراسات جدوى اقتصادية وموازنات تقديرية لمدة ثلاث سنوات معدة من مكتب محاسب قانوني معتمد، إضافة الى تحديد المواصفات والخصائص الفنية التي يجب أن تتوفر في الأنظمة المحاسبية للصرافين والتي من شأنها ضمان سلامة ودقة البيانات والتقارير المالية الصادرة، وتوفير موثوقية أكبر في ما يصدر عنها من بيانات.
وألزمت اللائحة شركات الصرافة بتطبيق المعايير الدولية للتقارير المالية، وتدقيق حساباتها من قبل محاسبين قانونيين معتمدين من ضمن قائمة ستعتمد لدى البنك المركزي، فضلا عن تطبيق معايير التدقيق الدولية والتحقق من سلامة وانتظام السجلات المحاسبية وتقييم النظم المحاسبية ونظم الرقابة الداخلية وتقديم تقرير بنقاط الضعف.
وخلافا لحزمة القرارات الخاصة بشركات الصرافة، دعا البنك المركزي البنوك التجارية والإسلامية إلى سرعة نقل مراكز إدارة عملياتها الى العاصمة المؤقتة عدن حيث يوجد مقره الرئيسي، في إجراء قد يُصعب تنفيذه نظرا لوجود كافة المقرات الرئيسية بالعاصمة صنعاء الخاضعة لنفوذ الحوثيين.
وأصاب الانهيار الاقتصادي الشارع اليمني بحالة من الهلع، وخصوصا في ظل الارتفاع القياسي لأسعار السلع الغذائية، حيث يلجأ التجار لتحديث التسعيرة بشكل يومي بناء على سعر صرف الدولار أو الريال السعودي أمام العملة الأجنبية.
كما انعكس انهيار الريال اليمني بشكل مباشر على كافة الخدمات، وقال سكان محليون في تعز لـ"العربي الجديد" إن أجور النقل داخل المدينة ارتفعت بمعدل 50 بالمائة عقب الزيادة التي طرأت على أسعار البنزين.
وأشاروا إلى أن ارتفاع سعر صفيحة البنزين سعة 20 ليترا إلى ما يعادل 15 دولارا، تسبب أيضا في ارتفاع تكلفة الكهرباء الخاصة وأجور نقل مياه الشرب بأكثر من 20 بالمائة منذ مطلع أغسطس/آب الجاري.