أضحت العملة الأميركية بمثابة جبهة حرب على معيشة ملايين اليمنيين، إذ تسبب انهيار العملة الوطنية في سقوط ملايين اليمنيين في الفقر، وسط كارثة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بالأسوأ عالمياً.
وطاول الصراع في اليمن المؤسسات المالية، لتتعدد أسعار الدولار بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والتي يسيطر عليها الحوثيون، ليصل سعر صرف الريال في عدن التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة إلى نحو 876 ريالاً للدولار الواحد، وفق تعاملات أمس الاثنين، بينما يبلغ في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون نحو 599 ريالا للدولار، في حين لم يكن الدولار يتجاوز 240 ريالا في 2015.
وانعكس تهاوي الريال على معيشية الملايين الذين يعانون بالأساس من استمرار الصراع المسلح، إذ تسبب انهيار العملة في ارتفاع متصاعد للتضخم، ليصل إلى 75% بنهاية عام 2020، مقابل 30% في 2018، وفق البيانات الرسمية.
بينما يشير خبراء اقتصاد إلى تجاوز النسبة هذه المعدلات بشكل كبير، فيما يسود سخط شعبي من تردي الخدمات وارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية إلى مستويات قياسية تفوق قدرات ملايين المواطنين.
يقول أمين علي حسن، أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، لـ"العربي الجديد"، إن سعر العملة المحلية أثر بشكل كبير على الأوضاع المعيشية، حيث أصبحت الأسرة اليمنية مع كل انخفاض وتدهور في سعر العملة تضطر إلى التنازل عن شراء بعض السلع والخدمات، أي أن ما كان ضروريا بالأمس تحول إلى كمالي اليوم.
ويضيف حسن أن "هناك ما يمكن تسميته بالذعر المالي في الأيام الأخيرة، حيث تجد أناساً كثيرين يقبعون على أبواب محلات الصرافة، راغبين في تحويل ما بحوزتهم من عملة محلية إلى عملات أجنبية، نتيجة انخفاض الثقة في العملة المحلية، وهذا ما يزيد من سرعة دوران الحلقة المفرغة ويفاقم الصعوبات المعيشية".
يرى خبراء أن قيام الأفراد أو الشركات التي لديها أرصدة نقدية كبيرة بالريال بشراء الدولار بهدف حماية ثرواتهم أو لتغطية نفقاتهم في الخارج، زاد من الضغوط على سعر الصرف وبروز مصادر جديدة للطلب على العملة الأميركية، مشيرين إلى أنه في ظل غياب التدخل المالي، يتوقع استمرار تهاوي الريال، ما يزيد من أسعار المواد الغذائية، خصوصاً مع حلول شهر رمضان منتصف إبريل/نيسان الجاري، والذي تصل فيه الأسعار إلى الذروة، مع ارتفاع الطلب على السلع.
ويقول تجار إنهم مضطرون إلى رفع الأسعار مع الصعود المستمر للعملة الأميركية. ووفق ما يقوله التاجر خالد الناصري، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن التجار والمستوردين يلجأون إلى السوق السوداء لتوفير الدولار لاستيراد السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية، ويواجهون عراقيل وصعوبات عدة في عمليات الشحن والنقل وسلسلة من الجبايات، الأمر الذي يفاقم الوضع التجاري واستقرار الأسواق ومستوى توفر السلع وتكوين مخزون غذائي مناسب.
في هذه الأثناء، تحذر تقارير أممية من أن تهاوي الريال اليمني واستمرار الصراع، وضعا اليمن على حافة المجاعة، مع عجز مئات الآلاَف من الأسر المعوزة عن شراء المواد اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
ويقول الباحث الاقتصادي مجدي عامر، إن "مستوى الانهيار بلغ مرحلة صعبة، وقفت معها الجهات الحكومية المختصة عاجزة عن إيجاد أي حلول لهذا التهاوي الذي أثر بشكل بالغ على المستويات المعيشية لليمنيين، وحرمهم من مصادر وسبل العيش، وقلص وجباتهم الغذائية بصورة ضاره جداً على وضعهم الصحي والغذائي".