انخفاض الليرة التركية يرخي بثقله على الأهالي في إدلب

25 ابريل 2023
هبطت قيمة الليرة التركية اليوم الثلاثاء، إلى 20.7 مقابل الدولار (الأناضول)
+ الخط -

مع كل صباح يمسك أنيس المحمد وهو صاحب بقالة في إدلب، آلته الحاسبة ويجري بعض الحسابات لمعرفة الخسارة التي يتكبدها نتيجة انخفاض قيمة سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار.

يتعامل المحمد مع كثير من زبائنه بمبدأ البيع ديناً وبعض الديون تراكمت على الزبائن منذ أشهر، ومع بدء انخفاض قيمة الليرة التركية بدأت تلك الديون تخسر جزءاً من قيمتها، ما يعني خسارة وشيكة لأبي محمد.

يقول المحمد لـ"العربي الجديد" إنه سيخبر زبائنه بضرورة سداد الحساب فوراً أو تحويل ديونهم للدولار بهدف الحفاظ على قيمتها بشكل أكبر وإيقاف الخسارة المتزايدة بشكل يومي.

تبلغ الديون المسجلة في دفتره أكثر من 20 ألف ليرة تركية بعضها مضى على استدانته أكثر من 4 أشهر حين كان الدولار يساوي 18 ليرة تركية، بينما انخفضت قيمة الليرة اليوم لتبلغ 20.7 مقابل الدولار الواحد.

من جانبه يقول  سامر عليوي وهو عامل مياومة في إدلب، لـ"العربي الجديد" لم يعد عملي المجهد يرد على عائلتي أكثر من ثمن الخبز، فأجور عمال المياومة مفروضة بالليرة التركية منذ بدء التعامل بها، ورغم انخفاض سعر الصرف عدة مرات إلا أن أجور العمال لم ترتفع بما يتناسب مع هذا الانخفاض.

يضيف عليوي: "أتقاضى في اليوم نحو خمسين ليرة تركية، وتعادل اليوم دولارين ونصف الدولار، بينما كانت الخمسين ليرة منذ مدة 3 دولارات ما يعني أنني خسرت 15 دولاراً على مدار الشهر وتساوي أجرة عملي لأكثر من خمسة أيام".

عليوي واحد من آلاف العمال الذين يرددون نفس الشكوى حول ثبات أجرة عملهم بالليرة التركية بينما تتغير أسعار كافة المواد مع تغير سعر الصرف ابتداء بالمحروقات وانتهاء بالخضار.

حال العاملين في مكاتب الصرافة لم يكن أفضل من سابقيهم إذ يتأثر عملهم بأي اضطراب بسعر العملة.

في السياق، يقول ياسين أبو زاهر صاحب شركة صرافة وحوالات لـ"العربي الجديد" إنه "أثناء اضطراب سعر الصرف يتحول عملنا لأشبه بالمقامرة، احتمالية الربح فيها تساوي احتمالية الخسارة، إذ من الممكن أن أقوم بتصريف مبلغ كبير من الدولار إلى التركي وفي اليوم التالي تنخفض قيمة الليرة التركية ما يعني أنني لن أتمكن من استرداد رأس المال الذي دفعته في الدولار".

وتابع أن "هذا الأمر يدفعنا للتريث في عمليات البيع والشراء، كما أن العمل بالتحويل يتأثر في هذه الأوضاع إذ تمتنع كثير من الشركات عن ارسال الحوالات أو استقبالها بالليرة التركية ويقتصر التحويل على الدولار فقط بهدف الحفاظ على رأس المال".

وعن السبب الرئيسي لتدهور الليرة التركية، يقول المحلل الاقتصادي حيان حبابة لـ"العربي الجديد" إن "السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة التركية الآن تهدف لإبقاء أسعار الفائدة بمستوياتها الدنيا وذلك لتعزيز النمو الاقتصادي التركي يعتبر المسبب الأول لانخفاض قيمة الليرة التركية".

ويضيف إلى ذلك "العقوبات الاقتصادية التي تُفرض على الاقتصاد التركي بسبب محاولة تركيا الاستقلال الاقتصادي".

أما في ما يخص تأثير تدهور الليرة التركية على الشمال السوري، فهو برأيه "كبير جداً، إذ تم تحويل التضخم التركي في العملة من تركيا إلى الشمال السوري بسبب ارتباط المنطقة المحررة بالاقتصاد التركي".

وبالتالي، يرى أن "كل المعوقات التي تعترض الاقتصاد التركي ستظهر في الشمال السوري، لكن النقطة الأهم أن موجات التضخم التي تأثر بها الشمال السوري لم تواجه بأي خطط اقتصادية من شأنها تخفيف وطأة التضخم على الناس على عكس ما يحدث في تركيا، إذ نواجه خططا ملموسة مع كل موجة تضخم تعم البلاد".

يُذكر أن مناطق الشمال السوري مرّت بظروف مشابهة لما تمر به اليوم أثناء التعامل بالليرة السورية، ما دفع حكومات الأمر الواقع إلى تحويل التعامل بالليرة التركية، على أمل ثبات الأسعار بشكل أفضل، إلا أن الحال لم يتغير كما يأمل الأهالي.

المساهمون