أثارت الخطة الزراعية للموسم الشتوي في العراق، والتي قلصت المساحات الزراعية بشكل كبير، معتمدة على المياه الجوفية ومعلقة الآمال على الأمطار، انتقاداً من قبل مختصين ومزارعين، وسط مطالبات بتحرك حكومي على دول المنبع للحصول على حصة البلاد من المياه في نهري دجلة والفرات.
وكشفت وزارة الزراعة العراقية الأسبوع الفائت أن خطة الموسم الزراعي في عموم العراق للموسم الشتوي المقبل تعتمد على زراعة 5.5 ملايين دونم فقط، وستكون مساحة الزراعة بالاعتماد على المياه السطحية (نهري دجلة والفرات) بمقدار 1.5 مليون دونم، بينما ستكون المساحة المزروعة بالمياه الجوفية نحو 4 ملايين دونم.
وفي تصريح سابق للمتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، فإن "وزارتي الموارد والزراعة اتفقتا على مساحة الموسم الزراعي وهناك مؤشرات تم على أساسها اعتماد الخطة الزراعية، منها حجم خزين المياه السطحية والجوفية، والكميات المتوقعة من إيرادات العراق عبر حوضي دجلة والفرات، والأمطار المباشرة أو من خلال عملية ذوبان الثلوج".
وأوضح أن "مساحة الخطة الزراعية للموسم الحالي هي 1.5 مليون دونم فقط، أما المساحات المتبقّية ضمن الخطة فهي متوقفة على المياه الجوفية"، موضحاً أنه "في حال وجود وفرة مائية ستتم إعادة النظر بمساحة الخطة الزراعية، إلا أن الأولوية لمسألة الخزين الاستراتيجي وتعزيزه، لا سيما أن هناك فراغات خزنية كبيرة مرتبطة بالمواسم الجافة الأربعة التي شهدها العراق".
وقوبلت الخطة الزراعية للموسم الشتوي بانتقادات من قبل المحافظات التي تعتمد على الزراعة في البلاد، وتوقع مدير زراعة محافظة واسط (جنوبا)، أركان مريوش، أن "تتسبب الخطة بتأثير مباشر على الكميات المنتجة وعلى مصالح الفلاحين".
خطة زراعية دون مستوى الطموح
وقال في تصريح لمحطة إخبارية محلية، مساء أمس الخميس، إن "حصة واسط خُفضت إلى 400 ألف دونم من الخطة العامة للمحافظة البالغة مليوناً ونصف المليون دونم، وتم توزيعها على النسبة المئوية للمساحة على الأقضية والنواحي للمحافظة".
وأكد أن "هذه الخطة غير طموحة، ولا تلبي الحاجة الفعلية، وقليلة قياساً بالمساحات الزراعية الموجودة في المحافظة".
وأشار إلى أن "واسط هي سلة خبز العراق بإنتاج سنوي يعادل ثلث المحافظات، وأن انحسار المساحة إلى 400 ألف دونم سيكون له تأثير مباشر على الكميات المنتجة"، مشيراً إلى أن "الأنواء الجوية تبشر بهطول أمطار وتحسن الوضع المائي، ونأمل بحصول موسم زراعي ناجح".
خطط زراعية ضارة في العراق
من جهته، أكد عضو الجمعيات الفلاحية بمحافظة ديالى، غزوان العزاوي، أن "الخطط الزراعية خطيرة وهي قتل للزراعة بأغلب المحافظات"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "البلد يتحول تلقائياً إلى مستورد للحبوب بعد أن حقق اكتفاء ذاتياً في السنوات الماضية، وأن أزمة المياه لا تجد حلاً بسبب عدم التحرك الحكومي على دول المنبع".
وأشار إلى أنه "لا يمكن حل أزمة الزراعة إلا بتحرك حكومي ومفاوضة دول المنبع لمنح العراق حصته المائية".
وأجبرت أزمة المياه التي يمر بها العراق، بسبب استمرار قطع إيران روافد الأنهار باتجاه المحافظات العراقية، وزارة الزراعة العراقية على تقليص الخطة الزراعية الى النصف، لتنحسر المساحات المزروعة بالمحصول بشكل كبير جداً، ما أجبر الوزارة على وضع خطط للاستيراد.
أكدت وزارة الزراعة في العراق لمرات عدة، تراجع الإنتاج المحلي من المحاصيل والمنتجات الزراعية في عموم المحافظات، ما تسبب بتأثيرات سلبية على الأمن الغذائي في البلد، وسط تأكيدات بأن أزمة المياه خنقت الزراعة بشكل خطير.
ودفعت تلك التأثيرات المتزايدة لأزمة المياه حكومة بغداد إلى وضع خطة لاستيراد محصول القمح، الذي حققت به البلاد لمدة سنوات مضت اكتفاء ذاتياً.