انتعاش النفط الصخري...السيولة تتدفق على الشركات الأميركية بفضل "أوبك+"

06 ابريل 2023
المستهلكون المتضرر الأول مع ارتفاع الأسعار بمحطات الوقود (Getty)
+ الخط -

يزيد قرار تحالف "أوبك+" الصادم، قبل أيام، خفض الإنتاج بكميات كبيرة، من ثراء شركات التنقيب عن النفط الصخري الأميركية، بعدما حصد المساهمون فيها أرباحاً استثنائية بقيمة 128 مليار دولار العام الماضي مستفيدين من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا على الأسواق.

فقد رفع الإعلان المفاجئ عن خفض الإنتاج، النفط الأميركي بما يصل إلى 6 دولارات للبرميل، ما يدل على أن قطاع النفط الصخري سيحظى بجولة جديدة من الأرباح الاستثنائية خل الفترة المقبلة، بينما كان أشرس خصوم "أوبك" الألداء على مدار سنوات ماضية.

ولاقى خفض الإنتاج من قبل "أوبك+" ترحيباً غير معلن من قبل شركات النفط الصخري الأميركية التي يركز المديرون التنفيذيون فيها على زيادة عائدات المستثمرين، بعد أن تعهدوا بالحفاظ على إنتاج ثابت في أغلب فترات العام الجاري 2023.

وأعلن "أوبك+"، يوم الاثنين الماضي، أن 9 من أعضائه قرروا خفض الإنتاج طوعاً بنحو 1.65 مليون برميل يومياً، اعتباراً من مايو/أيار المقبل، ليضاف هذا الخفض إلى التقليص الذي أقره التحالف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ودخل حيز التنفيذ في نوفمبر/ تشرين الثاني، بواقع مليوني بوميل يومياً، ليصل إجمالي الخفض إلى نحو 3.65 ملايين برميل يومياً. وهذه الدول هي السعودية وروسيا والإمارات وسلطنة عُمان والعراق والكويت والغابون وكازاخستان والجزائر.

لاقى خفض الإنتاج من قبل "أوبك+" ترحيباً غير معلن من قبل شركات النفط الصخري الأميركية التي يركز مديروها على زيادة عائدات المستثمرين

وكانت شركات التنقيب الأميركي تنعم بتدفقات نقدية هائلة بعد صعود أسعار النفط على مدى الأعوام القليلة الماضية. وسيشجع حدوث طفرة أخرى للأسعار المستثمرين في هذه الشركات لحصد المزيد من المكاسب بعد الأرباح الاستثنائية التي جنوها العام الماضي 2022 بفضل طفرة الأسعار، بسبب خليط اضطرابات بالإمدادات العالمية على غرار الحرب الروسية في أوكرانيا.

وتأتي الأرباح الضخمة في ظل حرص الشركات الأميركية على التحكم في الإمدادات، فنمو الإنتاج في الولايات المتحدة أقل من نصف مستوى ما قبل 2020، ولم يرجع الإنتاج الإجمالي حتى الآن لمستويات ما قبل وباء كورونا. ويتوقع المتنبئون الكبار تحقيق نمو قدره 500 ألف برميل يومياً فقط أو ما يقترب من ذلك خلال السنة الحالية من حوض بيرميان، وهو حقل النفط الصخري الأسرع نمواً على مستوى البلاد، أي أقل من ثلث تخفيضات تحالف "أوبك+" المعلنة أخيراً.

قال جوزيف سيكورا، مدير استثمار في شركة Aptus Capital Advisors في دالاس، والذي يدير أصولاً بقيمة 4.25 مليارات دولار، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس الأربعاء: " تجتمع أوبك وشركات النفط الصخري بنفس الفريق حالياً، مع انضباط الإمدادات على كلا الجانبين، ما يحافظ على أسعار النفط مرتفعة في المدى البعيد".

يتناقض ذلك بطريقة كبيرة مع أغلب فترات العقد المنصرم، عندما كان النفط الصخري الأميركي يشكل تهديداً لنفوذ أوبك، حيث وفر النمو الرائع لقطاع النفط الأميركي إمدادات من الخام إلى الأسواق العالمية بداية من 2012 حتى بلوغه ذروته خلال 2020 ويفوق الإنتاج الحالي الكامل للعراق وإيران معاً. وأرق هذا النمو منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاءها، الذين شاهدوا هيمنتهم على السوق عرضة للتهديد بطريقة غير مسبوقة.

لكن تزايد نمو الإنتاج في الولايات المتحدة لم يعُد بفائدة تذكر على حاملي الأسهم، الذين شاهدوا بطريقة اعتيادية المديرين التنفيذيين يعززون الديون عن طريق ضخ أموال أكثر في حفر آبار جديدة. وأفلست شركات تنقيب صغيرة عدة جراء هبوط الطلب على النفط أثناء تفشي وباء كورونا، وتعهد الناجون بعدم تكرار استراتيجية تعقب نمو الإنتاج بأي تكلفة.

أفلست شركات تنقيب صغيرة جراء هبوط الطلب على النفط أثناء تفشي كورونا، وتعهد الناجون بعدم تكرار استراتيجية تعقب نمو الإنتاج بأي تكلفة

وأشار آندي هندريكس، الرئيس التنفيذي لأحد أكبر مزودي معدات الحفر وأطقم العمل المتخصصة في التكسير الهيدروليكي اللازم لإنتاج النفط الصخري، إلى أن قرار "أوبك+" الذي يساعد في توفير حد أدنى لأسعار النفط، سيمكن شركات على غرار "باترسون يو تي إي إنيرجي" من التخطيط لمستويات الأنشطة بطريقة أفضل.

وأضاف هندريكس : "يمنحنا ذلك مزيداً من الوضوح مقارنة من ذي قبل"، مؤكدا أن صعود أسعار النفط ربما يشجع في نهاية المطاف شركات استكشاف النفط الصخري على توسيع أعمال الحفر والتكسير الهيدروليكي، لكن ذلك سيأخذ بعضاً من الوقت.

وقال : "ليست هناك معدات وأطقم عمل زائدة متوفرة، ويمكننا إعادة تشغيل بعض منصات الحفر، لكن سيتطلب ذلك من 6 إلى 9 أشهر. لذلك يتعين التحرك فوراً لمن يرغب في تحقيق إنتاج مع حلول نهاية السنة الجارية".

وبحسب جيمس ميك، كبير مديري المحافظ في شركة Tortoise لإدارة الاستثمار ومقرها نيويورك : "يوجد أمر واحد مؤكد يتمثل في أن أوبك تتحكم وتقود التسعير، ولم يعد يُنظر لشركات النفط الصخري الأميركي كمنتج حدي"، لافتا إلى أن أخذ "أوبك" بزمام مبادرة رفع الأسعار يتوافق مع رغبات الشركات الأميركية.

وارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية، أمس، مستفيدة كذلك من انخفاض مخزونات الخام الأميركية. وصعدت العقود الآجلة لخام برنت فوق 85.3 دولارا للبرميل، كما تجاوز خام غرب تكساس الوسيط الأميركي حاجز 81 دولارا للبرميل.

وتلقت الأسعار دعما مما نقلته مصادر عن بيانات معهد البترول الأميركي، الثلاثاء الماضي، والتي أظهرت انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة بنحو 4.3 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 31 مارس/ آذار الماضي.

تراجعت مخزونات البنزين بنحو أربعة ملايين برميل، فيما انخفضت مخزونات نواتج التقطير بنحو 3.7 ملايين برميل

وتراجعت مخزونات البنزين بنحو أربعة ملايين برميل، فيما انخفضت مخزونات نواتج التقطير بنحو 3.7 ملايين برميل، بحسب المصادر التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام، وفق وكالة رويترز، أمس.

وفي حين تستفيد شركات النفط الصخري الأميركية من ارتفاع الأسعار، ينذر ذلك التطور بالسوء للمستهلكين في الولايات المتحدة الذين يعانون فعلياً من ضغوط التضخم المستفحل ويتعرضون لخطر صعود أسعار البنزين مع قرب موسم القيادة في العطلات الصيفية.

المساهمون