اليوان في أعلى مستوياته ويهدد بحرب عملات بين بكين وواشنطن

04 يونيو 2021
متعاملون في سوق الصرف في بورصة سيول (Getty)
+ الخط -

تتخوف أسواق المال والعملات من أن يفتح الصعود الكبير لليوان مقابل الدولار ومحاولة الحكومة الصينية خفض سعره، جبهة جديدة في الصراع التجاري والاقتصادي الجاري بين بكين وواشنطن.

وبينما تسعى الصين إلى إتاحة مساحة أكبر لتعويم العملة الوطنية، تعمل في ذات الوقت على السيطرة على مستوى سعرها عبر آلية "تحديد السعر المتوسطي اليومي"، حتى لا تضر بمستوى تنافسية صادراتها.

وحتى الآن تقود الصادرات النمو الاقتصادي في بلاد التنين الذي بلغ نسبة 18.3% في الربع الأول من العام الجاري. وبالتالي لا ترغب بكين في سعر مرتفع لليوان يهدد انتعاشها الاقتصادي في فترة ما بعد جائحة كورونا.

ونسبت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصادرة في هونغ كونغ، أمس الخميس، لخبراء أن المحادثات الأولية التي جرت يوم الأربعاء بين نائب الرئيس الصيني، ليو هي، ووزير الخزانة الأميركية، جانيت يلين لم تتناول اتهامات أميركية بشأن "تلاعب الصين بالعملة"، ولكن موضوع إدارة الصين لعملتها سيكون من بين المواضيع الرئيسية في المحادثات التجارية المقبلة.

لكن محللين أميركيين يرون أن القلق في واشنطن يتزايد من احتمال تلاعب الصين بسعر صرف العملة. ويرى هؤلاء في تعليقات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال"، احتمال استخدام بنك الشعب، "البنك المركزي الصيني" لحيل جديدة في التلاعب بسعر صرف اليوان عبر المصارف التجارية.

وعلى الرغم من أن العملة الصينية تراجعت أمس الخميس أمام الدولار بنحو 0.2% مسجلة 6.3911 يوان في تعاملات إغلاق البورصات الصينية، إلا أنها لا تزال عند أعلى مستوياتها منذ العام 2018.

وارتفع اليوان الصيني إلى أعلى مستوياته في 3 سنوات مقابل الدولار خلال الأسبوع الجاري، إذ بلغ سعره يوم الأربعاء، 6.38 يوان مقابل الدولار. وكان اليوان قد كسب نسبة 12% مقابل الدولار خلال العام الماضي.

ووفق مراقبين في أسواق العملات فإن ما يقلق الحكومة الأميركية، هو أن ارتفاع الصادرات الصينية إلى أعلى مستوياتها خلال العام الماضي لم يترجم إلى زيادة في حجم الاحتياطات الأجنبية بالبنك المركزي الصيني، التي كانت تسجل ارتفاعاً كبيراً في الأعوام الماضية تبعاً لارتفاع حجم الصادرات.

كما لاحظ هؤلاء كذلك أن نسبة زيادة الاحتياطات الأجنبية في البنك المركزي الصيني بلغت 2.9% مقارنة بزيادة بلغت نسبة 10.6% و13.2% في كل من كوريا الجنوبية وتايوان.

وهما الدولتان اللتان سجلتا نسبة صادرات قياسية خلال العام الماضي. وهو ما أثار شبهات تدخل البنك المركزي الصيني بشكل غير مباشر في "خفض سعر صرف اليوان" عبر توجيه المصارف التجارية بالتدخل في السوق ببيع اليوان وشراء الدولار، وتسعى فيه بكين لاستعادة قوة النمو الاقتصادي بعد الضربات التي تعرض لها من جائحة كورونا.

وتبعا لمراقبين لتحركات بكين في أسواق الصرف، فإن بنك الشعب "البنك المركزي الصيني" يستخدم احتياطات المصارف التجارية بالعملات الأجنبية لخفض سعر صرف اليوان، بدلا من التدخل المباشر الذي يثير ردة فعل عقابية من قبل وزارة الخزانة الأميركية.

في هذا الشأن، قرر المركزي الصيني يوم الإثنين الماضي اتخاذ مجموعة من الخطوات لخفض سعر صرف اليوان في أسواق الأفشور عبر آليات غير معتادة، من بينها طلبه من المصارف التجارية زيادة نسبة الإيداعات بالعملات الأجنبية من 5% إلى 7%. وهو ما يعني ضخ مزيد من أرصدة اليوان في السوق، وبالتالي خفض سعر اليوان عبر زيادة مشتريات العملات الأجنبية.

كما رفع هامش تعويم سعر صرف اليوان عبر خفض السعر المتوسط اليومي. ويتحكم المركزي الصيني في سعر اليوان عبر هامش حركة محكومة صعوداً وهبوطاً مقابل السعر المتوسطي اليومي الذي يحدده.

ويتوقع خبراء مواصلة اليوان الصيني ارتفاعه خلال السنوات المقبلة بسبب الجاذبية الاستثمارية في الصين، وربما لن تتمكن الصين من كبح جماح ارتفاعه وسط التدفقات الهائلة على أدوات الدين الصينية والموجودات المقومة باليوان.

وتتجه البنوك والمؤسسات الاستثمارية الغربية، خاصة المصارف الأميركية نحو شراء المزيد من الموجودات المقومة باليوان بسبب الربحية العالية التي تحصل عليها في السوق الصيني مقارنة بالسوق الأميركي.

ولدى المصارف الأميركية سيولة دولارية تقدر بنحو 3.4 ترليونات دولار حتى نهاية العام الماضي، حسب بيانات مؤسسة تأمين الإيداعات الأميركية. وما يدعم ذلك أن الفرق في العائد الربحي على سندات الخزينة الصينية أجل عشر سنوات يفوق قرابة 1.4% على العائد على السندات الأميركية.

ويبلغ عائد السندات الأميركية أجل 10 سنوات نحو 1.6%، بينما يبلغ العائد على السندات الصينية لذات الأجل 3.07%.

وبالتالي فإن تدفق الأرصدة الأجنبية على الموجودات المقومة باليوان يرفع سعر صرف العملة الصينية، رغم محاولات البنك المركزي الصيني خفض سعر صرف اليوان.

ويرى مصرف "يو بي أس" السويسري في تحليل بهذا الشأن، أن الطبقة الوسطى في الصين تتوسع تبعاً لزيادة مستويات التعليم الجامعي والحصول على وظائف ذات دخول مرتفعة وارتفاع عدد الأثرياء الشباب في بلاد التنين. وهذه الطبقة الثرية الصينية الشابة حصل معظمها على تعليم غربي وثقافة استهلاكية غربية.

من جانبه يقول الملياردير الأميركي، راي داليو، في تعليقات نقلتها قناة "سي أن بي سي"، إن جاذبية اليوان الاستثمارية تواصل الارتفاع، وربما سيصبح عملة احتياطات دولية في مدة أقرب من توقعات خبراء النقد.

ويرى الملياردير داليو أن حجم الصفقات المالية والتجارية التي تنفذ باليوان ستتزايد بمعدلات مطردة في الأعوام المقبلة، وبالتالي ستزيد من حصة اليوان في الاحتياطات العالمية لدى البنوك المركزية.

المساهمون