اليمن يفقد 15 استثماراً في الصناعات التعدينية

23 يوليو 2021
يحتوي اليمن على موارد طبيعية متعددة (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

يعاني اليمن نزيفا متواصلا على كافة المستويات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، بدأت معالمه تظهر بوضوح مع تحول أهم القطاعات الواعدة إلى أطلال، كما هو حال قطاع الصناعات التعدينية.

وتكشف تقارير رسمية صادرة عن هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية والهيئة العامة اليمنية للاستثمار عن فقدان اليمن نحو 15 فرصة استثمارية في الصناعات التعدينية تم بذل جهود واسعة قبل الحرب للحصول عليها وتجهيزها وتحديدها والترويج لها على المستويين المحلي والدولي، وحظيت باهتمام كبير من قبل رجال الأعمال والمستثمرين.

ويؤكد المسؤول السابق في هيئة المساحة الجيولوجية اليمنية، بسام الواصلي، لـ"العربي الجديد"، أن اعتماد اليمن على مورد وحيد والمتمثل في النفط شكّل هاجساً كبيراً مع تراجع الإنتاج النفطي الخام في مختلف الحقول المنتجة كحقل صافر منذ العام 2007 وانخفاض الإنتاج من حوالي 300 ألف برميل إلى أقل من 180 ألف برميل.

ويضيف أن هذا الأمر دفع الدولة بمختلف مؤسساتها ودوائرها للبحث عن حلول لتنويع موارد الدخل "فكانت الصناعات التعدينية في طليعة القطاعات التي تم التعويل عليها في الخطط والبرامج".

وخلال الفترة من 2008 إلى 2012 كانت هناك 11 فرصة استثمارية جاهزة وثلاث فرص بين عامي 2013 و2014، في مجال استغلال المعادن والصخور الصناعية والإنشائية.

وبدأ بعد ذلك عدد من المشاريع الموقعة عقودها بالظهور منها 3 مصانع للرخام والغرانيت وإنشاء أول مصنع للجبس في اليمن بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 40 مليون دولار.

ويشير المختص بمجال التسويق والترويج الخاص بالاستثمار التعديني وديع شمسان لـ"العربي الجديد"، إلى أن هيئة المساحة الجيولوجية بالتعاون والتنسيق مع بعض الجهات الحكومية المختصة كهيئة الاستثمار، كثفت تحركاتها وأنشطتها الترويجية للثروة المعدنية في اليمن.

ويلفت إلى أنه تم جذب عدد من الاستثمارات ورؤوس الأموال، إلى أن جاءت الحرب فطمرت هذا القطاع وأفقدته ما كان متاحاً من فرص واعدة ومشاريع استثمارية كان قد بدأ العمل على تنفيذها وفرص أخرى كان يجري التفاوض عليها.

وتشير تقارير هيئة المساحة الجيولوجية إلى أن عدد تراخيص عقود استغلال المعادن الصادرة آخر ثلاث سنوات قبل الحرب بلغ 19 عقداً ونحو 42 عقداً تم تجديدها لاستغلال ودراسة عدد من الخامات الصناعية والإنشائية.

كما بلغ عدد المحاجر العاملة في اليمن 3 آلاف محجر تنتشر في 20 محافظة يمنية من أصل 22 محافظة تعمل على استغلال الخامات.

في حين بدأت هيئة المساحة الجيولوجية الخطوات العملية لتنفيذ مشروع الصناعات التعدينية في المناطق الشرقية من اليمن (الجوف، مأرب، شبوة)، لكن المشروع توقف مع تركز الحرب والمعارك الدائرة في اليمن منذ ست سنوات بشكل كبير في هذه المناطق الشرقية من البلاد الغنية بالموارد التعدينية والطبيعية.

وتضمن المشروع المتعثر إقامة سكة حديد وميناء بحري في منطقة بلحاف لتصدير الخامات المعدنية ليكون أقرب إلى المدينة الصناعية، وإقامة أول مجمع لأحجار البناء والزينة كنموذج.

كما تم تنفيذ عدد من المشاريع في مجال قاعدة المعلومات والبيانات الجيولوجية والجيولوجيا البحرية، وحصر مواقع استغلال المعادن والصخور الصناعية والإنشائية، وإنتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري لليمن، وتحليل وتفسير المعلومات الجيوفيزيائية، والإدارة المتكاملة للموارد المائية، والاستكشافات المعدنية والاستشعار عن بعد، والخارطة الجيوبيئية والخارطة الجيولوجية.

وباعتبار البنية التشريعية المرتكز الأساس لجذب الاستثمارات، فقد تم تنظيم هذه البنية من خلال إصدار مجموعة من القوانين والتشريعات منها إقرار قانون المناجم والمحاجر في العام 2013 والذي أعد وفق أفضل الممارسات الدولية.

وحدد القانون جميع الإجراءات ابتداءً من الدراسات الاستكشافية والاستغلال والإنتاج بصورة واضحة ومبسطة، بهدف تسهيل الإجراءات وتقديم المزيد من المزايا والحوافز وزيادة الاستثمارات في قطاع التعدين باعتباره القطاع الواعد والأكثر استمرارية.

وعلى الرغم من قيام العديد من الصناعات التي تعتمد على المعادن والصخور الإنشائية والصناعية، إلا أن اليمن كان يسعى للتحول إلى دولة منتجة للمعادن الفلزية بتصدير أول شحنة من منجم الزنك في جبل صلب بمنطقة نهم الواقعة ما بين صنعاء ومأرب، والذي كانت نسبة الإنجاز فيه قد بلغت أكثر من 85 في المائة وذلك بهدف دخول اليمن نادي الدول المصدرة للزنك في العالم.

ويرى الخبير في معهد الدراسات والأبحاث النفطية والغازية فهد العولقي في حديث مع "العربي الجديد"، أن الكثير من خطط التوسع في الإنتاج النفطي جاءت بنتائج عكسية ضاعفت من معاناة اليمن الاقتصادية باعتمادها على مورد وحيد وعدم استغلال قطاعاتها الواعدة.

ويشير في هذا السياق إلى مشروع الغاز الطبيعي المسال والذي جاء على حساب الإنتاج النفطي الذي تقلص كثيراً، والأسباب جاءت متعددة؛ منها أن القطاع كان ينخره فساد واسع وعبث نافذين ساهموا في هدر موارده، وهذه المشكلات ساهمت بدورها في ظهور قطاع المعادن من بين الحلول لتعويض مصادر الدخل.

المساهمون