النقل البري في لبنان نحو إضراب عام مجدداً رفضاً للغلاء وتراكم الأزمات

01 يونيو 2022
تحرك سابق للسائقين العموميين (حسين بيضون)
+ الخط -

إضراب عام جديد تتحضّر له اتحادات النقل البري في لبنان يوم الخميس 23 يونيو/حزيران الجاري في ظلِّ تفاقم انهيار قيمة الليرة اللبنانية مع تسجيل سعر صرف الدولار أرقاما مرتفعة تنعكس زيادة على مستوى جميع القطاعات والمرافق والسلع والبضائع.

ويعد تحرّك القطاع، إذا تم في موعده، الأول من نوعه بعد الانتخابات النيابية التي جرت في 15 مايو/أيار الماضي ومن ثم دخول الحكومة مرحلة تصريف الأعمال في 22 مايو مع بدء ولاية مجلس النواب الجديد، مع العلم أن تحركات فردية حصلت على صعيد السائقين العموميين عدا عن احتجاجات نفذتها نقابات أخرى كالأطباء والمستشفيات التي تحركت الأسبوع الماضي عند بلوغ سعر صرف الدولار عتبة الـ38 ألف ليرة.

وعقدت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان برئاسة بسام طليس الأربعاء اجتماعاً توقف عند جنون الدولار وانهيار الليرة وتداعيات ذلك على جميع السلع خصوصاً منها أسعار المحروقات وقطع غيار السيارات والصيانة، وعدم قيام الحكومة بواجباتها في حماية العاملين في القطاع من تعديات مخالفة للقانون من سيارات مزورة وخصوصية وتطبيقات وهمية وغيرها، وتقرّر خلاله إعلان الإضراب العام في 23 يونيو.

مطالب السائقين

وقال طليس لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي والوزراء المعنيين نكسوا بتعهداتهم والاتفاق الذي كنا توصلنا اليه قبل أشهرٍ سواء على صعيد تغطية المشروع الذي تقدمت به الاتحادات والنقابات لتغطيته من قبل قرض البنك الدولي بقيمة 55 مليون دولار، أو لناحية تطبيق قانون قمع التعديات على القطاع من الشركات الوهمية والسيارات المزورة والخصوصية، وغيرها من النقاط التي توصلنا اليها لتخفيف الأعباء عن السائقين الذين يعانون كثيراً من غلاء أسعار المحروقات وقطع الغيار والصيانة وما عاد بمقدورهم التحمّل والصمود أكثر خصوصاً أنهم باتوا أيضاً يتواجهون مع المواطنين الركّاب".

ومن الخطوات "اليتيمة" التي صبت في صالح المواطنين والسائقين العموميين ضمنهم، توقيع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي قرار إلغاء المعاينة الميكانيكية حتى إشعار آخر، طالباً من هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، استيفاء رسوم السير السنوية المتوجبة من دون الطلب إلى صاحب العلاقة إبراز إفادة صادرة عن المؤسسة المعتمدة تثبت أن السيارة قد خضعت للمعاينة أو الكشف الميكانيكي الدوري.

وأشار طليس إلى أن "السائقين نفذوا أكثر من تحرك في الأيام الماضية في عددٍ من المناطق اللبنانية شمالاً وجنوباً وبقاعاً ونحن ارتأينا تنفيذ إضراب عام من أجل التصعيد مع غياب أي خطوة إيجابية من شأنها أن تدلّ على أن الاتفاق سينفذ قريباً، ولا يمكن ترك السائقين لوحدهم في الساحات وعلى الطرقات".

ولفت رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان إلى أن التعرفة الأخيرة الرسمية كانت 10 آلاف للسيارات العمومية أي "السرفيس" و5 آلاف للفان، ولكن هذه التسعيرة لا يلتزم بها أحد خصوصاً في ظلِّ غياب الدعم للقطاع والوقوف إلى جانبه في محنتهِ، وعدم تنفيذ الحكومة الاتفاق، من هنا بات كلّ سائق يعتمد التسعيرة التي يراها مناسبة، وبالتالي اصبح وضع التعرفة كحال البلد بالضبط غارقة في السوق السوداء تتقلب يومياً ولا ثبات فيها.

غلاء المحروقات

وتوقف طليس عند بدع كثيرة تخرج بها السلطات الرسمية منها بدل النقل المتحرك الذي يتغير مع غلاء المحروقات، كما رفع بدل النقل إلى أكثر من 150 ألفا بعد رفعه من 8 آلاف ليرة إلى 24 ألفا ومن ثم 65 ألفا، لكن لا بحث جديا بدعم قطاع النقل البري في لبنان مع العلم أنه بمجرد تنفيذ الاتفاق والوقوف إلى جانب السائقين ستنسحب الاستفادة سريعاً على فئات عدة من المواطنين والطلاب والعسكريين والموظفين وغيرهم.

وتتكرر تحركات اتحادات ونقابات النقل البري كل فترة وبوتيرة تصاعدية بحيث يصار إلى إقفال الطرقات وقطعها في مختلف المناطق اللبنانية وشلّ حركة السير ورفع الصوت عالياً بيد أن مطالبهم لم تلق حتى اليوم آذانا صاغية لدى المسؤولين، في حين لا تلقى النقابات الدعم الشعبي الكافي بالنظر إلى أنها رغم شعارها ضد السلطة علنياً فهي تابعة للمنظومة الحاكمة والأحزاب السياسية التقليدية في لبنان وتُتَّهَم بالتحرّك واستغلال وجع الناس تنفيذاً لأجنداتٍ سياسية.

ويقول أحد السائقين العموميين لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع ما عاد يُطاق، كنا نسعر بـ10 آلاف ليرة لبنانية ولا نسلم من انتقادات الناس واليوم لا يمكن التسعير بأقل من 50 ألف ليرة لبنانية في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وتخطيها حاجز الـ600 ألف ليرة، مع العلم أن حتى هذه التعرفة لا نضعها للربح فنحن لم نعد نكسب شيئاً إنما لتأمين تكاليف صيانة السيارة وقطع الغيار والزيت".

ويشير السائق "المصباح الامامي للسيارة معطّل وتصليحه يكلف 20 دولارا أميركيا تقريباً أي ما يساوي اليوم 600 ألف ليرة اذا احتسبنا الدولار بـ30 ألف ليرة علماً أن الميكانيكي يفرض سعر صرف أكثر من الذي تبثه التطبيقات الهاتفية، واحياناً يطلب الدفع بالدولار النقدي، وبالتالي هذا المبلغ لوحده يحتاج إلى أكثر من عشرة ركاب في اليوم لتأمينه، ولم نتحدث بعد عن المأكل والمشرب والحاجيات الأساسية اليومية".

ويلفت إلى أن "المواطنين يتهموننا بالطمع والجشع والسعي وراء كسب أرباح طائلة لكننا في الحقيقة نموت على البطيء ولا أحد ينظر إلى حالنا، مع الإشارة إلى أن زبائننا من الطبقة الفقيرة بينما الطبقة المرتاحة والغنية باتت تستهويها خدمات شركات مثل أوبر التي يمكن طلبها عبر الهاتف والتطبيقات بينما هم ينتظرونها في المنزل أو العمل وتسهل عليهم تنقلّاتهم علماً أن تعرفتها تفوق تلك التي نعتمدها بأشواطٍ".

شركات بديلة

ويلجأ الكثير من اللبنانيين إلى شركات مثل "أوبر" و"كريم" و"بولت" للتوصيل والتنقل رغم تكلفتها العالية مقارنة مع السيارات العمومية أو تلك التابعة لشركات خاصة، لكنهم بدأوا يشتكون أخيراً من غياب الشفافية في التعامل مع الزبائن بحيث يتم احتساب تعرفة معينة عند طلب السيارة بعد تحديد الموقع والمكان المراد الذهاب إليه، ولكن عندما يصل السائق يطلب تعرفة أخرى تتخطى تلك المذكورة على التطبيق بحجة غلاء المحروقات أو ارتفاع سعر صرف الدولار.

وعلى الرغم من مسار الانخفاض الذي سلكه الدولار منذ يوم الجمعة بعدما تخطى حاجز 38 ألفا وتأرجحه في اليومين الماضيين بين 27 ألف ليرة و32 ألفا، بيد أن أسعار البنزين سجلت ارتفاعاً يوم الثلاثاء بـ4 آلاف ليرة لبنانية، لتبلغ صفيحة البنزين 95 أوكتان 601000 ليرة، 98 أوكتان 612000 ليرة، في حين انخفض المازوت 66000 ليرة لتبلغ الصفيحة 574000 ليرة، وانخفض الغاز 40000 ليرة لتبلغ القارورة 358000 ليرة.

وقال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البركس في بيان الثلاثاء إنه "بين ارتفاع أسعار النفط عالمياً من ناحية وتراجع سعر صرف الدولار في الأسواق اللبنانية من ناحية اخرى، صدر جدول الأسعار الثلاثاء، فسعر صفيحة البنزين هو نتيجة ارتفاع سعر الكيلوليتر المستورد حوالي 11 دولارا وتراجع سعر صرف الدولار وفقاً لمنصة صيرفة التي تعتمد لاستيراد البنزين من 24600 إلى 24500. أما في ما يتعلق بسعر المازوت فشهدنا ارتفاعاً بما يقارب 9 دولارات للكيلوليتر المستورد وتراجعاً بسعر صرف الدولار في السوق الحرة المعتمد لتحديد السعر بالليرة من 30000 إلى 27487 ليرة".

المساهمون