النفط الإيراني: بايدن يتردد في العقوبات قبيل الانتخابات الرئاسية

17 ابريل 2024
محطة وقود في ميامي، 12 ديسمبر 2023 (جو رايدل/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجمهوريون يدفعون نحو تشديد العقوبات على إيران بعد هجومها على إسرائيل، مما يثير جدلًا حول تأثيراتها الاقتصادية على الولايات المتحدة، خصوصًا على أسعار الوقود والتضخم قبل الانتخابات الرئاسية.
- إدارة بايدن تحاول خفض التضخم وتعزيز الاستثمارات بتخفيف السياسة النقدية وخفض فائدة الدولار، بينما يوافق مجلس النواب على تشريع ضد شراء الصين للنفط الإيراني، معكسًا استجابة للتحديات الاقتصادية والجيوسياسية.
- تطبيق عقوبات على إيران يواجه صعوبات بسبب العلاقات مع الصين ومخاوف من ارتفاع أسعار النفط، مع تشكيك المحللين في إمكانية فرض عقوبات كبيرة دون التأثير سلبًا على الاقتصاد الأمريكي أو تصعيد التوترات.

يضغط الجمهوريون في الولايات المتحدة الأميركية على إدارة جو بايدن لتشديد العقوبات الاقتصادية والمالية على إيران، إثر هجومها على إسرائيل السبت الماضي. خطوة تثير الكثير من النقاشات داخل أروقة صناعة القرار الأميركي، خاصة أن العقوبات الأساسية تطاول صادرات النفط الإيراني، وكبح تدفقه في الأسواق الدولية له انعكاسات واسعة في الداخل الأميركي، وتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر/ تشرين الثاني، التي يسعى بايدن إلى الوصول إليها بجعبة خالية من رفع أسعار الوقود وتزايد التضخم.

وتسعى إدارة بايدن إلى خفض معدل التضخم وفتح الباب أمام مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" للتخلي عن سياسية التشدد النقدي والبدء بخفض سعر الفائدة على الدولار في منتصف العام الجاري، وهو ما يخفض كلفة الأموال والإنتاج، ويشجع الاستثمارات المباشرة، ويساهم في انعاش الاقتصاد.

عملياً، وافق مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة الاثنين على تشريعٍ يهدف إلى مواجهة شراء الصين للنفط الخام الإيراني كجزء من حزمة مشاريع القوانين التي طُرحت ردّاً على الهجوم الإيراني على إسرائيل. تمت الموافقة على التشريع بأغلبية 383 صوتاً مقابل 11 صوتاً، وهو ما يتجاوز العدد المطلوب للتغلب على الفيتو الرئاسي. وينتقل التشريع إلى مجلس الشيوخ حيث يواجه مصيراً مجهولاً، وفقاً لوكالة بلومبيرغ.

ويتم إرسال حوالي 80 في المائة من صادرات النفط الإيرانية البالغة حوالي 1.5 مليون برميل يومياً إلى مصافي تكرير مستقلة في الصين، وفقاً للملخص. ويوضح مشروع القانون، الذي قدّمه النائب الجمهوري في نيويورك مايك لولر، أن أي معاملة تقوم بها مؤسسة مالية صينية لشراء النفط من إيران تعتبر "معاملة مالية كبيرة" تخضع للعقوبات.

وقالت شركة كلير فيو إنرجي الاستشارية في مذكرة للعملاء الاثنين إن العقوبات، إذا أُقرّت، قد تؤدي إلى زيادة تصل إلى 20 سنتاً للغالون الواحد في أسعار البنزين داخل الولايات المتحدة. وذكر موقع أكسيوس الإلكتروني الثلاثاء أن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين تعدّ لعقوبات جديدة على إيران، ردّاً على الهجوم الإيراني على إسرائيل.

ونقل عن يلين قولها: "لن تتردد وزارة الخزانة في العمل مع حلفائنا لاستخدام سلطة العقوبات لدينا لمواصلة تعطيل نشاط النظام الإيراني الخبيث والمزعزع للاستقرار". وذكرت أكسيوس أن "الهجوم الذي شنّته إيران ووكلاؤها يؤكد أهمية عمل وزارة الخزانة لاستخدام أدواتنا الاقتصادية لمواجهة نشاط إيران الخبيث".

واردات النفط الإيراني

إلا أن محللين قالوا لوكالة رويترز إنّ الهجوم الإيراني من غير المرجح أن يؤدي إلى فرض عقوبات كبيرة على صادرات النفط الإيرانية من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، نظراً للمخاوف إزاء ما يترتب على هذه العقوبات من ارتفاع أسعار الخام وإثارة غضب الصين؛ أكبر مشترٍ للنفط. وقال زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيف سكاليز‭ ‬لشبكة فوكس نيوز يوم الأحد إن الإدارة الأميركية سهّلت على إيران بيع النفط، وبالتالي جمع عائدات تستخدم في "تمويل النشاط الإرهابي".

ومن شأن الضغوط السياسية التي تتعرّض لها الحكومة الأميركية من أجل معاقبة إيران أن تطرح مشكلة شائكة تتمثل في كيفية ردع مثل هذه الهجمات في المستقبل دون تصعيد التوترات في المنطقة ولا رفع أسعار النفط وإغضاب الصين؛ أكبر مشترٍ للنفط الإيراني.

وقال بعض المحللين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط للوكالة الأميركية إنهم يشكون في أن بايدن سيتخذ تدابير مهمة لتعزيز تطبيق العقوبات الأميركية الحالية من أجل تضييق الخناق على صادرات النفط الخام التي تشكل شريان الحياة لاقتصاد إيران. وشرح سكوت موديل؛ الضابط السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية والرئيس التنفيذي لمجموعة رابيدان للطاقة "حتى إذا أُقرّت مشاريع القوانين هذه، فمن الصعب أن نرى إدارة بايدن تهرع لمحاولة اتخاذ إجراء أو تنفيذ العقوبات الحالية أو عقوبات جديدة لتقليص أو كبح (صادرات النفط الإيرانية) بأي طريقة مجدية".

وأعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض العقوبات على النفط الإيراني في عام 2018 بعد الانسحاب من الاتفاق الدولي بشأن برنامج طهران النووي. وسعت إدارة بايدن إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهرب من تلك الإجراءات بفرض عقوبات على شركات في الصين والإمارات ودول أخرى.

وعلى الرغم من هذه المساعي، تشير التقديرات إلى أن صادرات النفط الإيرانية بلغت ما بين 1.6 مليون إلى 1.8 مليون برميل يومياً، باستثناء المكثفات، وهي نفط خفيف جداً. وقال موديل إن هذا قريب جداً من مستوى المليوني برميل يومياً للصادرات الإيرانية قبل العقوبات. ولعب تدفّق النفط الإيراني دوراً في الحد من قفزات أسعار الخام مع زيادة المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط والحرب على غزة.

كذلك قفز متوسط إنتاج إيران من النفط الخام خلال الربع الأول من العام الجاري 2024 بمقدار 602 ألف برميل يومياً، بنسبة 23.44%، على أساس سنوي، وسط ارتفاع شهري في إمداداتها لمستويات ما قبل فرض العقوبات الأميركية ضد طهران عام 2018، وفقاً لبيانات وحدة أبحاث الطاقة في واشنطن.

ومن العوامل التي ستثني السياسي المنتمي للحزب الديمقراطي بايدن عن التحرك بقوة للحدّ من صادرات النفط الإيرانية التأثير المحتمل على أسعار البنزين. وقالت كيمبرلي دونوفان، الخبيرة المعنية بالعقوبات ومكافحة غسل الأموال في مؤسسة المجلس الأطلسي الأميركية البحثية، إن العقوبات المتعلقة بالنفط لم تُطبّق بصرامة في العامين الماضيين. وأضافت "لا أتوقّع أن تشدّد الإدارة الإجراءات التنفيذية رداً على الهجمات التي شنتها إيران بصواريخ وطائرات مسيرة على إسرائيل مطلع الأسبوع، وذلك في المقام الأول نظراً للمخاوف من أن يؤدي هذا إلى زيادات في أسعار النفط".

وقالت "أسعار النفط، وبالتالي أسعار البنزين في محطات الوقود، تشكّل عاملاً حرجاً خلال عام الانتخابات". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن إدارة بايدن لم ترفع أي عقوبات عن إيران وتواصل زيادة الضغط على الجمهورية الإسلامية. وأضاف "عقوباتنا واسعة النطاق والمتداخلة على إيران لا تزال قائمة، ونواصل تطبيقها".

وقد تؤدي العقوبات القوية إلى زعزعة استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، والتي حاول المسؤولون الصينيون والأميركيون إصلاحها بعد فترة عصيبة أعقبت إسقاط الولايات المتحدة العام الماضي ما يشتبه في أنه بالون مراقبة صيني عبر الأراضي الأميركية.

المساهمون