عدّل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ما يُسمّى "مرسوماً تشريعياً" كان قد أصدره في عام 2007 يتضمن قانون خدمة العلم (الخدمة العسكرية) المتعلقة بدفع البدل للراغبين في عدم تأدية الخدمة الإلزامية في قوات النظام، حيث وسّع نطاق المستفيدين، في مؤشر على أن النظام يمرّ بأزمة اقتصادية خانقة دفعته إلى البحث عن القطع الأجنبي بشتى الطرق والوسائل.
وشملت التعديلات، بحسب نص المرسوم المعدل الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أول من أمس، مبالغ البدل النقدي الواجب دفعها من قبل المكلفين بالخدمة الذين تقرر وضعهم بخدمة ثابتة (المرضى وأصحاب بعض العاهات)، والبدل النقدي للمكلفين المقيمين خارج الأراضي السورية في دول عربية أو أجنبية.
وبحسب التعديل الجديد، يحق للمكلَّف الخدمة الإلزامية الذي تقرر وضعه بخدمة ثابتة، دفع بدل نقدي مقداره ثلاثة آلاف دولار أو ما يعادلها بالليرة السورية، وفق سعر الصرف الذي يحدده مصرف سورية المركزي بتاريخ التسديد. ووفق المصرف، فإن الدولار الأميركي الواحد يعادل حالياً نحو 1250 ليرة سورية. كذلك نصّ التعديل الجديد على أنّ من حق العسكريين الموجودين الآن في الخدمة الإلزامية الاستفادة من أحكام هذا البند. وحدد المرسوم البدل النقدي للمطلوب إلى الخدمة الإلزامية والمقيم خارج الأراضي السورية في دول عربية أو أجنبية، وفق الآتي:
ثمانية آلاف دولار لمن كان مقيماً مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولم يتم أربع سنوات قبل أو بعد دخوله سنّ التكليف.
وتسعة آلاف دولار إذا كان مقيماً مدة لا تقل عن سنتين ولم يتم ثلاث سنوات قبل أو بعد دخوله سنّ التكليف. وعشرة آلاف دولار لمن كان مقيماً مدة لا تقل عن سنة واحدة ولم يتم سنتين قبل أو بعد دخوله سنّ التكليف. وثلاثة آلاف دولار لمن وُلد في دولة عربية أو أجنبية وأقام فيها، أو بغيرها إقامة دائمة ومستمرة حتى دخوله سنّ التكليف.
وستة آلاف و500 دولار لمن وُلد وأقام في دولة عربية أو أجنبية مدة لا تقل عن 10 سنوات قبل دخوله سنّ التكليف ويطرح منها مبلغ 500 دولار عن كل سنة إقامة تزيد على ذلك، وحتى 17 سنة ضمناً. كذلك نص المرسوم على حالات أخرى، ومنها حامل الماجستير وغيره.
وتؤكد التعديلات التي أجراها الأسد على دفع البدل في قانون ما يسمّيه النظام "خدمة العلم" أن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعصف بهذا النظام تدفعه إلى البحث عن مصادر عن القطع الأجنبي، وخاصة من الدولار واليورو كي يتفادى انهياراً اقتصادياً شاملاً بدأت تظهر نذره أخيراً، مع عدم قدرة حكومة النظام على توفير مادتي الخبز والبنزين للمناطق التي تسيطر عليها. واضطر عدد كبير من الشباب السوري إلى الهجرة من البلاد حتى لا يلتحقوا بالخدمة في قوات النظام التي تخوض حرباً ضد السوريين منذ عام 2011، حيث انطلقت الثورة المطالبة بالتغيير.
وقال منير، وهو شاب من مدينة حلب يقيم في جنوب تركيا ومطلوب للخدمة الإلزامية في قوات النظام: "لا أفكر في العودة الى البلد ما دام هذا النظام موجوداً"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد": هل يعقل أن نعمل ليل نهار في غربتنا لكي ندفع ما نجنيه لبشار الأسد. ومتفقاً معه، جزم عبد الله المقيم في مدينة إستنبول التركية بأن أغلب الشباب السوري المغترب لا يفكر في العودة، مشيراً إلى أن النظام "يطلب مبالغ عالية جداً ليس بمقدور الغالبية من المطلوبين للخدمة العسكرية على دفعها"، وفق عبد الله. من جانبه، يرى وائل علوان، وهو باحث في مركز "جسور" للدراسات في حديث مع "العربي الجديد"، أن "نظام بشار الأسد يمرّ بأزمة اقتصادية حادة جداً"، مضيفاً: "ظهر منذ أيام في مقطع فيديو ليوجه رسالة مباشرة إلى أصحاب رؤوس الأموال التجارية الداخلية يخوفهم فيها من إخراج أموالهم خارج سورية، حين أشار إلى أن 40 مليار دولار لسوريين ضاعت أو معرضة للضياع في لبنان". وأكد علوان أن النظام "يمرّ بوضع كارثي".