النرويج تتأهب لخفض صادرات الكهرباء إلى جيرانها... نقص الطاقة يهدد التضامن الأوروبي

09 اغسطس 2022
تنقل النرويج نحو خُمس إنتاجها من الكهرباء إلى جيرانها (Getty)
+ الخط -

تتأهب النرويج في القريب العاجل لخفض صادرات الكهرباء، وهي علامة مبكرة على الاختبارات التي سيواجهها التضامن الأوروبي عبر الحدود خلال موسم شتاء السنة الجارية في ظل تفاقم أزمة نقص الطاقة.

ويبدو أنّ أوروبا ستكون على موعد مع شتاء عاصف جديد، ما يدفع كل دولة لمحاولة تدبر أمرها في ما يتعلق بالحصول على مصادر الدفء والإنارة، إذ يهدد بالأساس الطلب المتزايد على الطاقة في آسيا بحرمان أوروبا من الوصول إلى مبتغاها، ما يضع القارة العجوز في مأزق كبير، خاصة في ظل محاولاتها تقليص الاعتماد على الوقود الروسي وتأمين ما يكفي من الغاز الطبيعي والفحم من مصادر إمدادات بعيدة عن موسكو.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، في وقت متأخر من مساء الإثنين، عن وزير البترول والطاقة النرويجي تارجي آسلاند، قوله إنّ إعادة ملء السدود ستحظى بالأولوية على حساب إنتاج الكهرباء عندما تهبط مستويات المياه عن المتوسطات الموسمية.

وتعتبر النرويج من أكبر مصدري الكهرباء في أوروبا، حيث تنقل نحو خُمس إنتاجها إلى جيرانها، لكن تراجع مستويات المياه في جنوب الدولة يعني أنّ الحكومة ستقول إنها تحتاج إلى اتخاذ إجراء لمنع العجز محلياً لشتاء السنة الحالية.

وأشار الوزير النرويجي، في نص إفادة لزعماء الأحزاب البرلمانية: "من الناحية العملية، سيتضمن ذلك آليات رقابية تقلل من إمكانية التصدير في حالة ملء الخزانات المنخفضة".

وأضاف أنّ "الوزارة ستعمل خلال الأسبوع الجاري على تصميم إطار العمل بحيث يمكن تنفيذ الآلية بأقصى سرعة ممكنة".

وفي ظل تفاقم أزمة نقص الطاقة في أوروبا، فإنّ أي قيود ستعد ضربة أخرى لألمانيا وبريطانيا وهولندا التي تعوّل على الطاقة الكهرومائية النرويجية الرخيصة للمساعدة في الإبقاء على إنارة الأضواء.

واجتمع أسلاند ورئيس الوزراء يوناس غار ستوره، بزعماء البرلمان أمس، لإطلاعهم على موقف سوق الطاقة وربما يُستدعى البرلمان النرويجي من إجازته الصيفية للتصدي للمشكلة.

كما أكد وزير الطاقة النرويجي أنه سُيقدم موعد طرح زيادة، في برنامج مخصص لمساعدة المستهلكين والمزارعين على تغطية تكاليف الطاقة العالية لمدة شهر واحد حتى الأول من سبتمبر/أيلول المقبل.

لا تتمتع النرويج بعضوية الاتحاد الأوروبي، لكنها جزء من سوق الطاقة الأوروبية الموحدة وتنص لوائحها على أنه غير مسموح للدول بخفض التدفقات إلى الجيران لمدة طويلة.

وسيُسمح فقط بتخفيض الإمدادات عند إعلان حالة طوارئ. وقالت جماعة ضغط في مجال المرافق في البلاد، إنّ أي احتمال بفرض قيود على صادرات الكهرباء النرويجية يتعين أن يمتثل للوائح المنظمة لسوق الكهرباء في الاتحاد الأوروبي.

توفر النرويج كل احتياجاتها من الكهرباء تقريباً عبر مواردها المائية الضخمة. ومن الناحية التاريخية، كانت قادرة على تصدير فائض هائل، ولا تزال أسعار كهربائها من بين الأرخص في أوروبا.

لكن عقب موسم الربيع الجاف، سجل مستوى ملء الخزانات المائية في المنطقة الأشد تضرراً 49.3%، مقارنة بمتوسط ​​74.9% خلال الفترة 2000-2019.

وتستفيد شركات المرافق من بيع الكهرباء خارجياً، لا سيما عندما تكون الأسعار عالية كما هي حالياً.

وقالت شركة "ستات كرافت" أكبر منتج للكهرباء في النرويج، عبر رسالة بريد إلكتروني، وفق بلومبيرغ، إنها تؤيد "وجود نظام سوق للكهرباء يعمل بصورة جيدة بحيث تستطيع النرويج استيراد الكهرباء في الأعوام الجافة وتصدير الكهرباء عندما يكون لديها فائض كهرباء". ورفضت الشركة تقديم مزيد من التعليق حول إمكانية فرض أي قيود.

وترتهن محاولات الدول الأوروبية توفير الدفء لاقتصاداتها وسكانها خلال فصل الشتاء المقبل، إلى وضع الطقس وكذلك القدرة على الوصول إلى مصادر بديلة للطاقة الروسية بشكل لا يضعها في مأزق غير محسوب.

لكن يبدو أنّ الضغط على وشك أن يصبح أكثر إحكاماً على أوروبا، حيث تعتزم المفوضية الأوروبية فرض حظر كامل على الفحم الروسي ابتداءً من هذا الأسبوع، بينما خفضت شركة غازبروم الروسية تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، فيما كانت روسيا تاريخياً أكبر مورد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، حيث غطت حوالي 40% من الطلب قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا وتوالي العقوبات الغربية على موسكو.

وتتسابق الدول الأوروبية إلى الاستعداد للشتاء وخفض استهلاك الغاز وتعزيز واردات الغاز الطبيعي المسال لملء الخزانات، وكذلك إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة بالفحم المتوقفة.

في الأثناء وصلت ناقلة تحمل شحنة من النفط الأميركي الثقيل إلى ميناء روستوك الألماني، الأسبوع الماضي، للمرة الأولى على الإطلاق، بحسب ما نقلته وكالة رويترز، في وقت متأخر من مساء أمس الإثنين، عن مصادر ومحللين وبيانات لتتبع السفن.

وتختبر شركات تكرير ألمانية بدائل للخام الروسي، في الوقت الذي يخطط الاتحاد الأوروبي لحظر شبه كامل للنفط الروسي بحلول نهاية العام الجاري 2022، في محاولة لإنهاء اعتماده على واردات الخام من روسيا التي تغذي مصافي للتكرير في ألمانيا وبولندا ودول أخرى في وسط أوروبا عبر خطوط أنابيب.

وتخطط شركات تكرير لاستبدال النفط الروسي بخامات نرويجية وسعودية وبريطانية وأميركية.

وأظهرت روسيا بالفعل من خلال صادراتها للغاز الطبيعي أنها مستعدة لقطع الإمدادات إلى الوجهات الأوروبية، في حرب ثأرية بشأن العقوبات المالية التي فرضها الاتحاد الأوروبي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/ شباط الماضي.

وبحسب بيانات شركة "رفينيتيف" لتتبع السفن، أبحرت الناقلة "كابريكورن صن" المحملة بشحنة من الخام الثقيل من ساحل لويزيانا في الولايات المتحدة وأفرغت شحنتها في روستوك في الثالث من أغسطس/ آب الجاري. وتشير التقديرات إلى أنها كانت تحمل حوالي 570 ألف برميل.

وميناء روستوك النفطي على بحر البلطيق، مرتبط عبر خط أنابيب بمصفاتين نفطيتين إحداهما طاقتها 233 ألف برميل يومياً والأخرى 240 ألف برميل يومياً.

وصدّرت الولايات المتحدة حوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً من النفط في 2021، لكن ألمانيا كانت مشترياً صغيراً إذ استوردت حوالي 77 ألف برميل يومياً فقط، بحسب أرقام وزارة الطاقة الأميركية.

المساهمون