المودعون في لبنان يتحركون رفضاً لسياسة المماطلة والخطط المقنّعة

29 اغسطس 2024
صرخة المودعين في حراك احتجاجي بوسط بيروت، 29 أغسطس 2024 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحرك جمعية صرخة المودعين**: نظمت الجمعية تحركاً في لبنان بمشاركة نواب ووزير المهجرين، للمطالبة بالودائع المحتجزة منذ 2019 ورفضاً لسياسة المماطلة والخطة الحكومية لشطب أموال المودعين.

- **أحداث التحرك والمطالب**: تجمع المودعون في بيروت وهاجموا المصارف، معبرين عن غضبهم من المماطلة في إقرار القوانين الإصلاحية ورفضهم للخطة الجديدة لإعادة هيكلة القطاع المالي.

- **تفاصيل الخطة الحكومية والاعتراضات**: الخطة تميز بين الودائع المؤهّلة وغير المؤهّلة، وتضمن سداد المؤهّلة على مدى 11 عاماً. وزير المهجرين والأوساط الاقتصادية رفضوا الخطة لعدم شفافيتها وتوزيع الأعباء بشكل غير متكافئ.

نظمت جمعية صرخة المودعين في لبنان تحركاً اليوم الخميس، شارك فيه النائبان نجاة صليبا وملحم خلف ووزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين للمطالبة بالودائع المحتجزة في البنوك منذ بدء الأزمة المالية عام 2019 ورفضاً لسياسة المماطلة في إيجاد حلّ للقضية وتصدّياً للخطة الحكومية المُسرّبة التي تهدف إلى شطب القسم الأكبر من أموال المودعين بطريقة مقنّعة.

وتجمّع عددٌ من المودعين صباحاً في ساحة الشهداء في العاصمة اللبنانية بيروت قبل انتقالهم إلى منطقة الدورة حيث عمدوا إلى مهاجمة بعض المصارف وإضرام النيران في محيطها وتحطيم واجهاتها، وذلك بهدف توجيه رسالة لها بأنها مسؤولة أيضاً عن سرقة الودائع وليس فقط الدولة. ووسط حالة غضب عارمة، رفع المعتصمون شعارات ضد منظومة البنوك، ومن خلفها المسؤولون السياسيون الذين شاركوا بالتضامن في نهب ودائع الناس وجنى عمرهم، ويستمرّون في اعتماد النهج نفسه عبر المماطلة بإقرار القوانين الإصلاحية التي من شأنها أن تحرّر أموالهم.

ويرفض المودعون الخطة الجديدة التي أعدّها مستشار رئيس الحكومة نقولا نحّاس لإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، وفيها تعديل للنسخة المقدمة في فبراير/شباط الماضي، والتي لقيت رفض جمعية المصارف، واضعين إيّاها في إطار الجريمة المُنظّمة التي تُرتَكب بحقهم، نظراً لما تحتويه من بنودٍ مجحفة وظالمة، خصوصاً أنها تعفي المصارف من المسؤولية وتضع شرطاً بعدم تغيير ملكية البنوك بأي عملية تملّك المودعين للأسهم، كما لم تتطرّق إلى الذين سددوا قروضهم بالشيكات المصرفية أو بالليرة اللبنانية ولم تحمّلهم المسؤولية بإعادة هذه القروض بقيمتها الحقيقية.

وتميّز الخطة الجديدة بين تصنيفين، الودائع المؤهّلة وغير المؤهّلة، بحيث إنّ الودائع المؤهّلة وهي 46 مليار دولار تكون مضمونة لغاية مائة ألف دولار، وبالتقسيط على مدى 11 عاماً، على أن تعطى الدفعات الشهرية في السنة الأولى بقيمة 400 دولار، أما الودائع غير المؤهّلة وهي 40 مليار دولار فتضمن حتى 36 ألف دولار وبالتقسيط على مدى المدّة نفسها أي 11 عاماً، علماً أن هناك قسماً سيعطى بالليرة.

وضمن مواقف وزير المهجرين عصام شرف الدين الذي يشارك المودعين في تحركاتهم تعبيره عن رفضه للخطة الحكومية، والمبني على أسس علمية عديدة، منها مبدأ ضمان المائة ألف دولار، الذي يهدف وفق تعبيره إلى خداع صغار المودعين، مؤكداً أنّ المائة ألف دولار ليست مضمونة لأنها ترتبط بملاءة البنك بعد تنفيذ ما يسمى مشروع إعادة هيكلة المصارف بطريقة تؤدي إلى إفلاس أغلبية البنوك التجارية كما وسيتم حسم كلّ السحوبات التي تمّت بموجب التعاميم من هذا المبلغ.

وأعرب شرف الدين عن ضرورة أن تعمل الحكومة على وضع خطة واقعية تتحمّل فيها جميع الأطراف المسؤولية، البنوك ومصرف لبنان والدولة لردّ كامل أموال المودعين. ولقيت الخطة بصيغتها الجديدة اعتراض الأوساط الاقتصادية في لبنان باعتبار أنها تخفف الكثير من الأعباء عن المصارف، وتوزعها بطريقة غير متكافئة، كما أنّ المشروع يكشف عن مستوى مقلق من انعدام الشفافية، بحيث إنه لا يحدد بوضوح المسؤولية عن الجرائم المالية المحتملة.

وفي هذا الإطار، يقول الكاتب الاقتصادي منير يونس إنّه إذا بقيت الإجراءات الواردة في الخطة على حالها، فلن تكون البنوك ملزمة بسداد سوى مبلغ زهيد للمودعين يقل عن تسعة مليارات دولار نقداً على مدى 11 عاماً، بينما يبلغ إجمالي الودائع 86 مليار دولار. يقتصر هذا السداد الضئيل على الودائع الأكثر تواضعاً، التي تتراوح بين 36 ألفاً و100 ألف دولار. وفي الوقت نفسه، يجب أن يقوم مصرف لبنان بسداد حصة معادلة للمودعين. بعبارة أخرى، لن تمثل مساهمة البنوك سوى أقل من 10% من إجمالي الودائع، تاركة الجزء الأكبر من الجهد على عاتق عمليات "الهيركات" سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى مساهمات ما من الدولة".

وأشار في قراءة له للخطة إلى أنه لتخفيف الأعباء عن البنوك، تتضمن الخطة إلغاء فوائد بمبلغ 9.2 مليارات دولار، وتحويل ودائع إلى أسهم مصرفية بقيمة 9.4 مليارات دولار، وسداد ودائع من عائدات الأصول العامة بمبلغ 11.9 مليار دولار. كما ستصدر الدولة سندات صفرية بدون فوائد بقيمة 11.9 مليار دولار. إلى ذلك، سيتم تحويل ودائع بقيمة 21 مليار دولار إلى الليرة اللبنانية مع خصم كبير، وستتحمل الدولة تكلفة ذلك أيضاً. وأخيراً، سيتم تصنيف ودائع بقيمة أربعة مليارات دولار على أنها مشبوهة، مع احتمال كبير بعدم سدادها. ولفت إلى أن غالبية هذه المبالغ هي أرقام اسمية بحتة، قد تتعرض لتخفيضات مباشرة، أو تُستهلك عبر آليات وهندسات مالية مختلفة، أو تذوب جزئياً أو كلياً بمرور الوقت بسبب فترات السداد التي تمتد بين 11 و30 عاماً.

المساهمون