المغرب يتحسب لشبح العطش صيفاً

12 مايو 2023
الجفاف الحاد يضرب المغرب منذ أربعة أعوام متتالية (فاضل سينا/ فرانس برس)
+ الخط -

 

يتأهب المغرب لمواجهة زيادة الطلب على مياه الشرب خلال الصيف المقبل، في ظل النقص المسجل على مستوى العرض بسبب الجفاف وترقب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قد تكون قياسية.
ويعد المغرب من البلدان التي تعرف تراجعا للموارد المائية، إذ تصل المعدلات الطبيعية في السنة إلى 22 مليار متر مكعب، ما يعني حصة في حدود 650 مترا مكعبا للفرد في سنة عادية، وهي حصة ينتظر أن تنخفض بفعل شح المياه، إذ يصنف المغرب ضمن البلدان التي يرتقب أن تصل فيها حصة الفرد إلى 500 متر مكعب.
ويستحضر المراقبون تأثيرات تلك الوضعية في سياق التغيرات المناخية والجفاف كما في العام الجاري، حيث انخفضت الواردات المائية، حسب وزارة التجهيز والماء، بنسبة 69 في المائة في العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، حيث إن التساقطات المطرية بلغت 3.38 مليارات متر مكعب.
وأشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان، إلى أن الجفاف الحاد ساهم في استفحال ظاهرة الإجهاد المائي بشكل غير مسبوق مند ثلاثة عقود.

ويواجه المغرب الجفاف للعام الخامس على التوالي، ما يهدد بنقص على مستوى المياه يفترض تدبيره من قبل السلطات العمومية، خاصة على مستوى مياه الشرب في الصيف المقبل.
ويلاحظ تقرير حول المناخ قدم أول من أمس أن الأربعة أعوام الأخيرة الممتدة بين 2019 و2022، تعتبر الأكثر جفافا منذ أكثر من ستين عاما.
ويعتبر رئيس الجمعية المغربية للتنمية الزراعية لجهة الدار البيضاء-سطات، الفاطمي بوركيزية، أن مسألة توفير مياه السقي لم تعد مطروحة في بعض المناطق بسبب العجز المسجل في السدود، حيث إن منطقة دكالة المعروفة بإنتاج البنجر لم يستفد المزارعون فيها من مياه السقي منذ أربعة أعوام.
ويشير بوركيزية في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الهدف اليوم يتمثل في تأمين مياه الشرب بالنظر لارتفاع الطلب عليها في سياق ضعف العرض والتبخر الذي يصيب المتوفر منها في السدود، معبرا عن التطلع إلى إنجاز المشاريع الرامية إلى تحويل المياه بين الأحواض التي تعرف فائضا في المياه وتلك التي تسجل نقصا.
ويوضح أن إنجاز الطريق السيار للمياه بين الأحواض المائية من شأنه أن يساعد على توفير المياه، بما يلبي حاجيات السقي والشرب.
ومن جانبه، يؤكد المدير العام للأرصاد الجوية، عبد الفتاح صاحبي، أن التوقعات تشير إلى أن الحرارة ستكون مرتفعة في الثلاثة أشهر المقبلة، التي تتزامن مع فصل الصيف، على غرار ما حدث في ذلك الفصل من العام الماضي.
وذكر بأن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، توقعت أن يكون الصيف المقبل أكثر سخونة، داعية الدول إلى اتخاد التدابير الضرورية للتعاطي مع ذلك.
وقد لاحظ وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في تصريحات أول من أمس، أن حوالي نصف التساقطات المطرية تتركز في حوالي 7 في المائة من التراب الوطني، وهذا يخلق فوارق مهمة ويطرح إشكاليات تبعا لطبيعة الأحواض المائية.

يواجه المغرب الجفاف للعام الخامس على التوالي، ما يهدد بنقص على مستوى المياه


وفي هذا السياق المتسم بالندرة، يفضي ارتفاع درجات الحرارة إلى تبخر المياه ويؤثر على الاستهلاك، ما دفع إلى إطلاق تجربة أولى لتغطية سد بالشمال بألألواح الشمسية لتقليص التبخر، وهي تجربة سيتم تعميمها في حال نجاحها.
ويرى أن ارتفاع استهلاك المياه في الصيف يفرض بذل مجهودات من أجل تعبئة الموارد المائية عبر تسريع وتيرة بناء السدود.
ويطرح المشكل أكثر بجهة الدار البيضاء، حيث لا يتعدى مخزون المياه في سد المسيرة 5 في المائة، ما يفرض جلب المياه من مناطق أخرى، مع السعي إلى الاستفادة من تحلية المياه التي سيتيحها المكتب الشريف للفوسفات في يوليو/تموز المقبل، ما سيخفض الضغط على ذلك السد.
ويؤكد الوزير المغربي عند الحديث عن التدابير الواجب اتخاذها بهدف التعامل مع الندرة، على ضرورة الاقتصاد في استهلاك المياه في الصيف المقبل، حيث ينتظر اتخاذ قرارات تقضي بوقف سقي بعض المساحات الخضراء بالمياه الصالحة للشرب، في الوقت نفسه، الذي يرتقب أن يعمد إلى تقليص كمية المياه الموجهة للمساكن.

المساهمون