المغرب يبحث عن مصادر تمويل للتعليم

07 ديسمبر 2020
ضعف مخصصات الموازنة للتعليم في المغرب (فرانس برس)
+ الخط -

لا تساعد الموازنة العامة المخصصة للتعليم في المغرب على قيادة الإصلاحات التي يراد من ورائها رفع جودة التعليم، ما يقتضي في تصور وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، البحث عن مصادر تمويل غير تلك التي توفرها الدولة والأسر.

ويراهن المغرب على وسائل تمويل مبتكرة، في ظل ضعف الإيرادات الجبائية، وعدم وفرة التمويلات التي توفرها المؤسسات الدولية، علما أن البنك الدولي يواكب برامج إصلاح التعليم في المملكة بحوالي 500 مليون دولار.

ويعتبر الباحث طارق بوتقي، أن البحث عن وسائل تمويل جديدة للتعليم، يأتي في سياق ضعف الموارد الجبائية التي يمكن أن تساهم في الإنفاق على المشاريع التي يقتضيها الإصلاح ويؤطره قانون الإطار الذي اعتمد قبل ثلاثة أعوام.

ويشدد بوتقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن المملكة التي تراهن على إصلاح التعليم تواجه تحديين متمثلين في السعي للمضي في الإصلاح وما يستدعيه من استثمارات، والصعوبات المالية الناجمة عن تراجع الإيرادات الجبائية في سياق الأزمة الصحية الحالية.

وأشار الوزير المغربي، سعيد أمزازي، في مؤتمر عن بعد نظم أول من أمس، من قبل الخزانة العامة للمملكة والمؤسسة الدولية للمالية العمومية ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، إلى أنه يجب التوجه نحو الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، حيث تسند لهذا الأخير مهمة بناء المؤسسات التعليمية وتدبيرها لفترة محددة لفائدة الدولة، على أن تحول ملكية تلك المؤسسات للدولة بعد ذلك.

غير أنه يرى، في المؤتمر الذي نظم تحت عنوان "تمويل منظومة التعليم: أي ابتكارات؟"، أنه يمكن التوجه نحو مصادر تمويل مبتكرة، من قبيل تلك التي تفضي إلى مساهمة المغتربين المغاربة في الخارج في تمويل المشاريع التعليمية، كما الحال في الهند، أو فرض ضريبة على الموارد الطبيعية توجه إيراداتها لتمويل قطاعات اجتماعية، كما جرت العادة في بلدان أفريقية، أو فرض ضريبة على بعض المنتجات المالية تضخ إيراداتها لتمويل التعليم.

 

وأشار الوزير إلى إمكانية مساهمة الإيرادات المتأتية من الضريبة على ممتلكات وأموال يتوفر عليها المغرب بالخارج والتي ستتم إيداعها بالمملكة، حيث سيوجه نصفها إلى صندوق التماسك الاجتماعي، بينما سيوجه النصف الثاني إلى صندوق تنويع تمويل إصلاح التعليم.

وقال وزير المالية المغربي، محمد بنشعبون، خلال تقديم مشروع موازنة 2021 للبرلمان: "سنرفع موازنة التعليم بمقدار 4 مليارات درهم (434.4 مليون دولار، والصحة بمقدار ملياري درهم (217.2 مليون دولار)".

يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تقليص عجز الموازنة إلى 6.5% من الناتج الداخلي الخام عام 2021، مقابل 7.5% بحسب المشروع المعدل لموازنة 2020.

وسعى وزير التعليم، سعيد أمزازي، إلى تفنيد ما اعتبرها أحكاما خاطئة حول موازنة الوزارة، ففي الوقت الذي يسود الاعتقاد بأن الوزارة تستوعب موارد مهمة عبر موازنة الدولة، أكد أمزازي أن 89% من موازنة الوزارة توجه لسداد أجور الموظفين والمدرسين.

واتجهت الحكومة في سياق سعيها لمحاصرة ما تعتبره ارتفاعا في كتلة الأجور في الوظيفة العمومية، نحو إحداث وظائف في قطاع التعليم عبر التعاقد، وهو النظام الذي يعمل به المغرب في الأعوام الأخيرة، حيث لا تدمج أجورهم في الموازنة العامة، بل يعود توفيرها للأكاديميات الجهوية للتعليم.

ويضيف أمزازي أنه لا يتبقى للوزارة بعد نفقات التسيير وأجور الموظفين، سوى 11% من موازنتها من أجل تجسيد مشاريع التطوير التي يقتضيها الإصلاح وتوسيع الولوج للتعليم وبناء المدارس والجامعات وإتاحة التجهيزات وتكوين المدرسين وإنجاز مشايع الرقمنة.

 

ولاحظ الوزير المغربي أن تمويل التعليم يقع في المغرب بشكل كبير على عاتق الدولة والأسر، بينما يفترض أن تساهم فيه الجماعات المحلية، التي ظل تدخلها في مواكبة التعليم في مناطقها، ضعيفا، رغم الانخراط في بعض المشاريع في السنوات الأخيرة.

وتساهم الدولة في المغرب بنسبة 66% في تمويل التعليم، بينما تأتي مساهمة الأسر بالمغرب في حدود 30%، ما يحملها أعباء كبيرة، خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة التي تحرص على توجيه أبنائها نحو التعليم الخاص.

ويدفع ذلك إلى التشديد على ضرورة مساهمة الجماعات المحلية في تمويل التعليم في مناطقها عبر بناء المؤسسات التعليمية أو توفير الأجور لفئات من الموظفين، مشيرا في هذا الصدد إلى تجارب أطلقت في بعض الجهات، خاصة القروية منها.

المساهمون