- تقارير تكشف عن قوة الوسطاء في تحديد أسعار الخضر والفواكه، مما يؤدي إلى هوامش ربح مضاعفة ويثير القلق حول شفافية السوق، مما يدعو إلى تدخلات منظمة لضمان العدالة.
- الأسر المغربية تواجه تحديات بسبب التضخم وارتفاع أسعار السلع الغذائية، مع تأكيد الخبراء على أهمية تحسين القدرة الشرائية وضبط السوق لمنع الممارسات الضارة وتعزيز المنافسة العادلة.
توالت في الأيام الأخيرة الرسائل التحذيرية التي يبعث بها مجلس المنافسة في المغرب، والتي تكشف عن اختلالات في السوق تضر بالمستهلك المحلي، في سياق متسم بشكوى الأسر من تراجع قدرتها الشرائية بسبب الغلاء. وكشف المجلس، أمس الثلاثاء، عن احتمال وجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين الفاعلين الاقتصاديين في سوق توريد سمك السردين، وهو السلوك الذي يمنعه قانون حرية الأسعار والمنافسة، بسبب عرقلته للمنافسة في السوق والأضرار التي يلحقها بالمستهلكين.
وقرر مجلس المنافسة باقتراح من مقرره العام بالنيابة، فتح تحقيق حول السير التنافسي في سوق سمك السردين، الذي يكثر عليه الطلب من قبل الأسر، خاصة ذات الدخل المحدود، في ظل غلاء أصناف الأسماك الأخرى.
وفي اليوم نفسه، أعلن مجلس المنافسة عن وجود مؤشرات تفيد بقيام أصحاب بعض أرباب المقاهي بتدارس إمكانية الزيادة في أسعار استهلاك المشروبات، حيث يؤكد أنه سيعمد إلى فح تحقيق حول هذا الموضوع في حال ثبت لجوء الفاعلين في ذلك القطاع إلى الاتفاق حول الأسعار.
يأتي البيانان كي يؤكدا سعي المجلس إلى التنبيه ودق ناقوس الخطر في ما يتعلق ببعض المنتجات واسعة الاستهلاك، فقد سبق للمجلس، في الأسبوع الماضي، أن أصدر تقريراً يكشف فيه الممارسات التي تخترق أسواق الجملة للخضر والفواكه، وهي أسواق وصفها وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المغربي محمد صديقي، بـ"الصندوق الأسود".
وتوصل مجلس المنافسة إلى أنّ الوسطاء يتمتعون بقوة كبيرة في تحديد الأسعار بالنظر للموقع الذي يحتلونه في التسويق بين المنتج والمستهلك، مشيراً إلى أنّ المنتج يصل إليهم بما بين 30 و40% من السعر النهائي. ويلاحظ أن سوق التجزئة للخضر والفواكه يعرف سيادة نوع من التواطؤ بين تجار التجزئة الذين يعملون على تحديد هوامش مضاعفة بمرتين أو ثلاث مرات، ما يثير الكثير من القلق حول شفافية عمل سوق التجزئة.
واعتبر رئيس الجامعة المغربية لجمعيات المستهلك وديع مديح، أنّ لجوء المجلس، باعتباره مؤسسة دستورية، إلى التحذير والتنبيه ودق ناقوس الخطر حول بعض الممارسات الضارة بالمستهلك، "ينسجم مع المهمة التي يفترض أن يتولاها، بمعية أجهزة حكومية أخرى يعهد إليها بالرقابة وحماية المستهلك".
وشدد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على أنّ المجلس يفترض فيه أن يتدخل بشكل منهجي بهدف تعيين الاختلالات التي تخترق أسواق بعض السلع والخدمات، وعدم الانتظار طويلاً كي يبدي رأيه ويرتب العقوبات الواجبة، حيث يتوجب استحضار سابقة سوق الوقود التي حررت قبل أكثر من ثمانية أعوام.
وفرض مجلس المنافسة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق 9 شركات وقود غرامات بنحو 184 مليون دولار بعد ارتكاب مخالفات منافية لقانون حرية الأسعار والمنافسة، وهي مخالفات جرت في أسواق التموين والتخزين وتوزيع البنزين والسولار.
ويأتي انكباب مجلس المنافسة على أسواق السمك والخضر والفواكه في سياق متسم بانخفاض التضخم إلى 0.9% في مارس/ آذار الماضي، بعدما بلغ العام الماضي 6.1%، بحسب المندوبية السامية للتخطيط. غير أنّ انخفاض التضخم في العام الحالي إلى مستوى يقل عن المعدل المستهدف، والذي حددته الحكومة في 2.1%، لم يخفف من قلق الأسر التي تعبر في آخر بحث للمندوبية السامية للتخطيط، بتدهور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهراً الماضية.
وتتوقع 76.3% من الأسر ارتفاع أسعار السلع الغذائية خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، وهي أسعار كانت حاسمة في زيادة التضخم أو انخفاضه، وتوقعت 56.9% من الأسر تدهور مستوى معيشتها. وصرّحت حوالي 56% من الأسر المستطلعة آراؤها من قبل المندوبية السامية للتخطيط، بأنّ إيراداتها تغطي إنفاقها، فيما استنفدت 42.4% من الأسر مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض.
ورغم توصل الحكومة ورجال الأعمال والاتحادات العمالية إلى اتفاق بمناسبة عيد العمال يقضي بالزيادة في أجور الوظفين الحكوميين بحوالي 100 دولار ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 10%، إلا أنّ الاقتصادي المتخصص في المالية العامة محمد الرهج يعتبر أن ذلك لا يعدو أن يكون نوعاً من التدارك لتآكل القدرة الشرائية بفعل التضخم المتراكم منذ 2022.
وأضاف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تحسين القدرة الشرائية للأسر في هذه الظرفية، قد يساعد على تحفيز الطلب الداخلي الداعم للنمو الذي يرتهن على استهلاك الأسر واستثمارات الدول، "ما يدفع مراقبين إلى التشديد على أن ذلك يتوجب أن يواكبه ضبط السوق حتى لا تظهر ممارسات يمكن أن تحمل الأسر تكاليف جديدة لا يبررها العرض والطلب".