ما زال كثير من التجار يعانون من تأثيرات جائحة كورونا على أنشطتهم في المغرب، فقد عطّل الفيروس قدرتهم على الوفاء بما في ذمتهم تجاه الموردين، الذين يلجؤون في بعض الأحيان إلى القضاء من أجل استيفائها.
ويذهب تجار إلى أنّ الشيكات التي توجد في ذمتهم تجاه الموردين، تجعلهم غير قادرين على مواصلة نشاطهم، إذ يحول ذلك بينهم وبين الحصول على سلع جديدة من الموردين، بل إنّ منهم من يستدين من جديد بهدف سداد دين حان موعده، قبل الحصول على سلع جديدة من الموردين.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، الذي يعنى بالدفاع عن مصالح الشركات الصغيرة والتجار، محمد الذهبي، أنّ المصارف لا تتجاوب مع توقعات التجار الذين يطلبون قروضاً من أجل سداد قيمة مشترياتهم. ويشير الذهبي إلى أنّ الدولة كانت قد وضعت مع بداية بروز تداعيات الجائحة، نظاماً لضمان القروض التي ترتبط بالتسيير اليومي للشركات، إلاّ أنّ المصارف لم تلبِّ مطالب عملائها.
وأطلق المغرب "ضمان أوكسجين" من قبل صندوق الضمان المركزي التابع للدولة، بهدف مساعدة الشركات في التخفيف من التراجع الحاد في إيراداتها، عبر ضمان القروض التي تحصل عليها من المصارف لتمويل نشاطها.
ويغطي "ضمان أوكسجين" الذي قررت لجنة اليقظة الاقتصادية إنشاءه، نسبة 95 في المائة من مبلغ القرض، مما يمكّن البنوك من مدّ المقاولات بقروض استثنائية لتمويل الاحتياجات من الأموال، في ظرف وجيز، غير أنّ التجار، خصوصاً الصغار منهم، يرون أنّ المصارف لم تراعِ حاجتهم للسيولة.
وأضحت المصارف أكثر تشدداً في منح القروض، في ظلّ ازدياد الديون المتعثرة التي قفزت العام الماضي إلى أكثر من 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار في العام الذي قبله.
ووصلت بعض قضايا الشيكات إلى القضاء، فالموردون يلجؤون إليه أملاً في استرداد مستحقاتهم، بينما اضطر بعض التجار الصغار في ظلّ شح السيولة وتراكم الديون في ذمتهم إلى التوقف عن النشاط أو التحول إلى مهن أخرى.
ويذهب الكاتب العام للجامعة الوطنية لتجار السلع الغذائية التابع للاتحاد العام للمقاولات والمهن، عبد الحميد باهي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ التجار الصغار يجدون صعوبة كبيرة في الوفاء بالشيكات التي توجد في ذمتهم، خصوصاً أنّهم اعتادوا توفير حاجيات الأسر في الأحياء الشعبية، إذ لا يصلون إلى مستحقاتهم إلاّ بعد فترة، علماً أنّ العديد من الأسر تراجعت إيراداتها في ظلّ الجائحة الصحية. ويشير باهي إلى أنّ من بين التجار الذين يبيعون السلع الغذائية بالتجزئة (المفرق) في الأحياء الشعبية، من لم تصله مستحقاته من الأسر منذ عامين، وهو ما يفضي إلى إفلاس تجار لا تتوفر لديهم الأموال الكافية لمواصلة نشاطهم.
ويقرّ وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر، مولاي احفيظ العلمي، بأنّه يجب مواكبة قطاع التجار الصغار في توفير أموال إضافية من قبل وزارة الاقتصاد والمالية. ويؤكد عندما سئل حول قطاع التجارة، يوم الاثنين الماضي، في مجلس النواب، أنّ التجار الصغار لا يحاطون بالأهمية الواجبة من طرف المصارف التي تفضل التعاطي مع الشركات الكبيرة والمتوسطة، بحسب ما أوضح الوزير.
وتأتي أهمية التجارة في المغرب من كونها تساهم بحوالي 9 في المائة في الناتج الإجمالي المحلي، وفي الوقت نفسه تتيح 1.6 مليون فرصة عمل، أي حوالي 15.2 في المائة من السكان النشطين، بحسب بيانات رسمية. وكانت التجارة موضوع مناظرة وطنية قبل عامين تمخضت عنها 1500 توصية، إذ شُرع في تفعيل ستين توصية منها، ومن بينها تلك المتعلقة بالتغطية الصحية من أجل دعم هذا القطاع.