المغرب: سوق العمل رهن خطة التعافي والتلقيح

12 ابريل 2021
السياحة من أكثر القطاعات تضرراً من الجائحة الصحية (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

لن يفضي النمو الاقتصادي المتوقع في العام الحالي بعد انكماش العام الماضي، إلى استعادة فرص العمل المفقودة، حيث يبقى ذلك رهينا بتطور الظرفية الاقتصادية المرتبطة بعمليات التلقيح وخطة الإنعاش التي بلورها المغرب، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".

وبعد انكماش في حدود 7 في المائة العام الماضي، توقع صندوق النقد الدولي، في السادس من إبريل/نيسان الجاري، أن يصل النمو الاقتصادي بالمغرب في العام الحالي إلى 4.5 في المائة، وهو مستوى دون توقعات البنك المركزي المغربي الذي يراهن على 5.3 في المائة.

ويترقب صندوق النقد أن يصل معدل البطالة في العام الحالي إلى 10.5 في المائة، بعدما بلغ 11.9 في المائة في العام الماضي، حيث كان الاقتصاد تحت تأثير تداعيات الجائحة والجفاف، وتم فقد 432 ألف فرص عمل، ما رفع عدد العاطلين إلى 1.43 مليون عاطل.

ومن خلال البيانات الرسمية، يتضح أن القطاعات التي تضررت بسرعة من تداعيات الجائحة، هي تلك المتمثلة في السياحة، والمطاعم والمقاهي ومموني الحفلات ومتعهدي الملتقيات وفضاءات الألعاب والترفيه، والصحافة، والصناعات الثقافية والإبداعية، والقاعات الرياضية الخاصة، ودور الحضانة.
ويرى المتخصص في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، أن انتعاش سوق الشغل في العام الحالي، سيتم بفضل قطاع الزراعة، الذي يستفيد، عكس العام الماضي، من التساقطات المطرية، بما لذلك من تداعيات على المحاصيل والصناعات الغذائية المرتبطة بالزراعة. غير أن الهاكش يؤكد أن تراجع البطالة لا يخفي هشاشة النمو الاقتصادي، الذي يكرس طبيعة التشغيل في المغرب، المتسم بضعف إبرام عقود العمل، وشيوع الشغل الناقص وغير المؤدى عنه (غير المؤمن عليه)، خاصة في الأرياف.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي نفس السياق، يتصور الخبير الاقتصادي، علي بوطيبة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن انتعاش التشغيل سيبقى رهن الظرفية الحالية بالتلقيح في المغرب والبلدان الشريكة، خاصة في أوروبا التي تستوعب نسبة غالبة من صادرات المغرب.

ويُفترض تشجيع مشاريع البنيات التحتية، وإعطاء الأولوية للشركات التي توفر فرص عمل، بالموازاة مع إعادة النظر في تمويل المشاريع، وفق تصور بوطيبة.
ويشدد على أنه يتوجب من أجل تمويل المشاريع إضفاء نوع من الشفافية على تدخلات المصارف، بالموازاة مع حملها على التقليص من الشروط والضمانات التي تطلبها من المستثمرين من أجل منح القروض. وقرر المغرب توسيع مجال الاستفادة من نظام الأفضلية الوطنية، حيث تم إلزام أصحاب المشاريع بمنح الأفضلية للعروض المقدمة من قبل الشركات الوطنية والتعاونيات واتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي، ما من شأنه يساعد في الحفاظ على فرص عمل وإحداث أخرى.
ويتصور خبراء أن تدارك عدد فرص العمل المفتقدة في العام الماضي، يبقى رهينا بانتعاش القطاعات التي عانت من الجائحة مثل السياحة والمهن المرتبطة بها والأنشطة التي ترتبط بتنقل السكان، بالإضافة إلى فتح الحدود ونتائج عملية التلقيح.
وكان المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، ذهب إلى أن عدد فرص العمل المفتقدة في العام الماضي، لا يمكن تداركه سوى بعد عامين أو ثلاثة أعوام، علما أن سوق العمل يعرف حلول 300 ألف باحث عن الشغل سنويا.
ويبقى خلق فرص العمل رهينا بتفعيل التدابير التي جاءت في إطار خطة التعافي التي قدرت بـ13 مليار دولار، حيث تم تأسيس صندوق استثمار يعمد إلى ضمان قروض الشركات، زيادة على عقود البرامج التي أبرمت مع بعض القطاعات من أجل مواكبتها ودعم العاملين في تلك التي مازالت تعاني من تداعيات الجائحة مثل السياحة.
واعتبر البنك الدولي في تقرير صدر الأسبوع الماضي، أن إحداث فرص عمل يكبحه القطاع غير المهيكل المهم، ومعدلات نشاط ضعيفة، وهيمنة الخدمات ذات القيمة المضافة الضعيفة، وسياق تجاري ضعيف، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة.

ولاحظ التقرير، أن التحول الهيكلي بطيء في المغرب، وفقد قطاع الزراعة فرص عمل، في حين أن الصناعة لا تستوعب العمال، بالإضافة إلى عدم ارتفاع حصة الخدمات بسرعة في سوق العمل. ويفيد البنك الدولي بأن سوق العمل يعرف إقصاء الشباب والنساء، فحوالي ثلث الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، لا يعملون ولا يدرسون ولا يخضعون لتدريب فني، ما يعني أن هناك عددا كبيرا من غير النشيطين أمسكوا عن البحث عن شغل. وساهمت الجائحة في تعميق هذه الوضعية، حيث تراجع الطلب وأقفلت شركات، ما أفضى إلى حذف فرص عمل أو تهديدها، فقد كفّت 60 في المائة منذ إبريل/نيسان من العام الماضي عن ممارسة نشاطها مؤقتا أو بصفة دائمة، قبل أن يعود جزء منها بعد رفع تدابير الحجر الصحي، حسب تقارير رسمية.

وإذا كان الاتحاد العام لمقاولات المغرب يعتبر أن الظرفية الحالية مواتية لاتخاذ تدابير لإدماج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي، فإن المندوب السامي في التخطيط، يعتبر أن الأزمة الحالية لا تفرض معالجة المشاكل الهيكلية للاقتصاد الوطني، بل هي لحظة للإنقاذ.

ويتجلى وزن القطاع غير الرسمي بالنظر لفرص العمل التي يوفرها، حسب ما تشير إليه بيانات المندوبية السامية للتخطيط، عن أن العاملين في القطاع يمثلون 37 في المائة من العمالة النشيطة غير الزراعية.

المساهمون