لن تعود الوضعية كما كانت عليه في معبري سبتة ومليلية المحتلتين. فإعادة فتحهما اعتباراً من مساء أمس الإثنين، تصاحبها مساعٍ من الحكومة المغربية بالعمل على عدم عودة التهريب الذي كان يشهد نشاطاً كبيراً في السابق، ويوفر إيرادات للعديد من الأسر المغربية.
المعبران سيُفتحان أمام المواطنين والمقيمين في الاتحاد الأوروبي والمواطنين المسموح لهم بالتنقل في فضاء شنغن، حسب المسؤولين. ويأتي ذلك وسط تساؤلات حول إمكانية عودة التهريب الذي تكافحه الحكومة المغربية، وتسعى إلى الحد من سلبياته على القطاع الاقتصادي الرسمي في البلاد.
وسيكون بإمكان العمال المسموح لهم بالدخول إلى سبتة ومليلية استعمال المعبرين، كما سيحصل العمال الذين لم تعد بطاقات اعتمادهم سارية، على تأشيرة خاصة. وستحدد مجموعات العمل بين المغرب وإسبانيا فئات الأشخاص والسلع التي يمكن عبورها المعبرين، وذلك بالنظر للطابع التدريجي لعملية فتحهما.
خريطة طريق
جاء فتح المعبرين تطبيقاً لخريطة الطريق التي وضعت عند زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للمغرب، في شهر إبريل/نيسان الماضي، بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأكدت وزارة الداخلية الإسبانية أنّه تم وضع آليات الفتح التدريجي والتنظيم للمعبرين مع جميع الضمانات الصحية والأمنية للعبور.
وأكد مصدر مطلع، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ المباحثات التي أجريت قبل فتح المعبرين لم تشمل نقل السلع عبرهما، بل اقتصرت على المسافرين والأشخاص، وهو توجه يراد منه حماية المنتجات المحلية من المنافسة غير المشروعة المتأتية من التهريب. وكان المغرب قرر إغلاق معبري سبتة ومليلية قبل ثلاثة أعوام، وهو ما يستجيب لمطالب تؤكد على محاربة التهريب الذي يشكل منافسة غير مشروعة للمنتجات المحلية.
زيادة العائدات الجمركية
ساهم إغلاق معبري سبتة ومليلية والتدابير التي اتخذت على مستوى الكركرات، في زيادة العائدات الجمركية بنسبة 4 مليارات درهم (الدولار= نحو 10 دراهم)، حسب المديرية العامة لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أنه يفترض بعد قرار فتح المعابر القطع مع الممارسات التي أملت إغلاقها، خصوصاً تلك المرتبطة بالتهريب وتفادي صور النساء اللواتي يحملن السلع المهربة.
ويشير الخراطي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ عدم العودة للتهريب سيكون في مصلحة الاقتصاد الوطني عبر حماية المنتج المحلي، في الوقت نفسه الذي سيفضي إلى تجنب الإضرار بالمستهلك عبر السلع مجهولة المصدر والتي لا تخضع للمراقبة.
ودأب مراقبون ورجال أعمال على التأكيد بأن قرار منع استيراد السلع المهربة عبر معبري سبتة ومليلية قرار سديد، على اعتبار أنه يساهم في حماية صحة المستهلك من منتجات يمكن أن تنطوي على مخاطر صحية، بسب عدم التحقق من مصدرها ومكوناتها وتاريخ صلاحيتها.
غير أنّه كان يفترض في الحكومة قبل اتخاذ ذلك القرار التفكير في أنشطة بديلة لفائدة المغاربة الذين ربطوا معاشهم بالواردات من سبتة ومليلية، حسب خبراء اقتصاد.
أضرار معيشية
في الوقت الذي أكد مراقبون على الأضرار المعيشية التي تلحق بالعاملين في السلع المهربة جراء إغلاق معبر سبتة، أكدت مديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة في عدة مناسبات أن فرصة عمل واحدة يخلقها التهريب تفضي إلى التضحية بعشر فرص عمل في القطاع الرسمي.
وأكد تقرير صادر عن البرلمان المغربي على ضرورة إيجاد بدائل اقتصادية للمشتغلين بالتهريب، بينما يؤكد مسؤولون أنّ محاربة التهريب لا تستهدف
أكد تقرير صادر عن البرلمان المغربي على ضرورة إيجاد بدائل اقتصادية للمشتغلين بالتهريب
الأشخاص الذين يتولون نقل السلع عبر الحدود، بل تستهدف المافيا التي تستعملهم.
وخلص الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، في دراسة له، إلى أنّ القطاع غير الرسمي يمثل 20 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، ما يمثل 17 مليار دولار في العام، وحوالي 3 مليارات دولار من الإيرادات التي لا تحصّلها الإدارة الجبائية.
وتشير دراسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى أنّ القطاع غير الرسمي، يمثل حوالي 4 مليارات دولار في واردات المملكة، حيث يتوزع ذلك المبلغ بين 3.6 مليارات دولار ذات علاقة بالتصريحات غير الصحيحة والفواتير، فيما يمثل التهريب حوالي 400 مليون دولار.