لم يستثن صندوق النقد الدولي سياسة الموازنة من الوسائل التي يمكن أن يلجأ إليها المغرب في حال استمرت الجائحة الصحية، حيث يأتي التدخل عبر الدعم مع تقليص الإنفاق غير الضروري وزيادة الموارد ضمن التوصيات التي رفعها إلى المملكة.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد في العام الماضي 7.2 في المائة، مع انتعاش في العام الحالي بنسبة 4.5 في المائة، وهو انتعاش يبقى محاطا بحالة عدم اليقين التي تسود في العالم.
ويفترض الصندوق أن العودة للحجر الصحي ستضر بالنشاط الاقتصادي في المملكة بسبب أزمات العرض والطلب، ومع هامش مناورة ضيقة، فإن إعادة تقييم المخاطر على الأسواق يمكن أن تقود إلى مراجعة سعر الأصول والكشف عن هشاشة مرتبطة بالدين وإضعاف المؤسسات المالية الوطنية. وفي هذا السياق، يتصور الاقتصادي المغربي، رضوان الطويل، أن الأزمة تدفع إلى التفكير في سياسة الميزانية، حيث يرى أن المالية العمومية يجب أن تتخفف من سقف 3 في المائة على مستوى عجز الموازنة، مشددا على ضرورة توجيه الموارد للإنفاق الاجتماعي الذي ساهم في النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
ويرى الطويل أن إعادة النظر في السياسة الموازنية يمر عبر القيام باختيارات على مستوى الجباية والإنفاق، حيث يفترض في التماسك الاجتماعي أن يصبح مبدأ أساسيا، خاصة أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يشهد ما بعد الجائحة ارتفاع البطالة وتفاقم الفوارق.
وعندما يعرض الصندوق للسياسة النقدية، فهو يعتبر أن هناك فسحة لتقليص معدلات الفائدة الرئيسية، مؤكدا على إمكانية تدخل البنك المركزي من أجل معالجة نقائص القطاع المالي، ودعم الموجودات من السيولة عبر تليين شروط الموارد الذاتية، مشددا على ضرورة لجوء السلطات إلى توفير ضمانات إضافية للقروض التي توفرها المصارف.
ويتصور الصندوق، الذي كان أتاح للمغرب، في ظل تداعيات الأزمة الصحية في إبريل/ نيسان الماضي، استعمال خط الوقاية والسيولة البالغة قيمته 3 مليارات دولار، أن التدابير الحمائية يمكن أن تربك التجارة واندماج المغرب في سلاسل القيمة العالمية.
وشدد الصندوق في تقرير، صدر الثلاثاء الماضي، على أن الوضع الحالي يمكن أن يفضي إلى الإمعان في الحمائية وإعادة ترحيل الشركات، ما يقلص التدفق العابر للحدود للتجارة واليد العاملة، بما في ذلك تحويلات المغتربين، ناهيك عن المخاطر الأمنية الضارة بالتجارة واليد العاملة والرساميل والثقة، والاضطرابات التي يمكن أن تؤثر على سعر النفط. ويتصور الصندوق أن هذه المخاطر يمكن أن تضر بالاقتصاد المغربي، خاصة أن المملكة تتبني اقتصادا مفتوحا، مرتهنا للتجارة وسلسلة القيم العالمية، وتحويلات المغتربين والسياحة واستيراد الطاقة.
وعندما يستعرض توصياته، يؤكد الصندوق على آلية الموازنة في حالة استمرار الجائحة، وهي آلية تتيح دعما للشركات والعمال، مع التأكيد على تقليص النفقات غير الضرورية وزيادة الإيرادات عبر المساهمات الإيرادية أو تلك التي تتخذ شكلا تصاعديا على الصعيد الجبائي من أجل تفادي زيادة المديونية.