يتخوف مزارعون في المغرب، خاصة الصغار منهم، من ارتفاع أسعار بذور الحبوب في الموسم الحالي، في ظل الجفاف خلال الموسم الأخير وقلة العرض في السوق الدولية.
يستحضر المزارعون الكثير من العقبات التي تواجههم في الموسم الحالي، الذي يبدأ في الخريف بعد سنة جافة، هوت فيها العديد من المحاصيل، خاصة الحبوب، التي تراجعت بنسبة 67 في المائة في الموسم الأخير، كي تستقر في حدود 34 مليون قنطار.
لم يعد خافيا الضغط الذي يمارسه غلاء الوقود على المزارعين، غير أن معطى آخر أضحى يشغلهم في الفترة الأخيرة، التي يفترض أن تعرف بداية الحرث، ويتمثل في البذور التي قد لا يلبي العرض منها الطلب بعد سنة جافة.
ويفترض في المغرب توفير حوالي سبعة ملايين قنطار من البذور من أجل تغطية الأربعة ملايين هكتار من الأراضي الفلاحية المخصصة في المغرب لزراعة القمح الصلب والقمح اللين.
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أكد أنه تم توفير مليون ومائة ألف قنطار من البذور المختارة مع بداية الموسم الزراعي الحالي، حيث تتولى تسويقها للمزارعين الشركة الوطنية لتسويق البذور المملوكة للدولة.
وتقوم الدولة بشراء البذور المختارة من عند المكثرين بسعر مدعم، ثم تتولى بعد ذلك بيعه للمزارعين بسعر أقل، حيث تكون تلك البذور مراعية للشروط التي تساعد على زيادة المردودية وتفادي بعض الأمراض التي قد تطاول الحبوب.
وفي هذا السياق، يوضح عضو الجامعة المغربية لمكثري البذور بالمغرب، محمد الإبراهيمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المعلومات تشير إلى أن تحديد أسعار البذور التي تبيعها الشركة الوطنية لتسويق البذور، سيكون في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حيث كانت الدولة دعمتها بثمانية عشر دولارا للقنطار في الموسم الماضي.
غير أن أسعار البذور قد تزيد في موسم الحرث الحالي، وبالتالي يمكن أن يدفع ذلك المزارعين إلى استعمال البذور العادية التي تأتي من محاصيل الحبوب السابقة، والتي لا تخضع للمعالجة.
وينتظر أن يؤدي ضعف محصول الحبوب في العام الماضي بسبب ضعف التساقطات المطرية إلى قلة العرض من البذور العادية، التي ينتظر أن يرتفع سعرها في السوق.
غير أن الإبراهيمي يرى أن مزارعين يتوفرون على كميات مهمة من البذور العادية، حيث سيمكن ذلك من تلبية العرض في السوق في الموسم الحالي.
تقوم الدولة بشراء البذور المختارة من عند المكثرين بسعر مدعم، ثم تتولى بعد ذلك بيعه للمزارعين بسعر أقل، حيث تكون تلك البذور مراعية للشروط التي تساعد على زيادة المردودية
ويرنو المزارعون إلى السوق الدولية التي يمكن أن توفر البذور في الموسم الحالي، إلا أن الإبراهيمي يعتبر أن أسعارها قد تكون مرتفعة بالنظر للجفاف الذي تعرفه بعض البلدان مثل فرنسا.
ويتفادى مزارعون استعمال البذور المستوردة، حيث يتخوفون من ألا تكون ملائمة للظروف المناخية في المغرب، علما أن بحوثا تنجز على مستوى المعهد الوطني للبحث الزراعي بهدف توفير بذور مقاومة للجفاف والتغيرات المناخية.
ويعتبر الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، أن الاكتفاء الذاتي لا يرتبط فقط بتوفير السلع الغذائية، بل له علاقة بتوفير البذور، حتى لا يبقى المزارعون، خاصة الصغار منهم، تحت رحمة التغيرات المناخية والعرض الذي تتحكم فيه الشركات.
ويؤكد أنه يتوجب العمل على استحضار الظرفية الحالية التي أفضت إلى تراجع إيرادات المزارعين الصغار بسبب انهيار المحصول في الموسم الأخير، في الوقت الذي يعانون فيه من ارتفاع عوامل الإنتاج مثل الوقود والأدوية والأسمدة.
وينتظر أن يراهن المغرب في العام الحالي، عبر مشروع قانون الموازنة الذي سيعرض على البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، على متوسط محصول حبوب في حدود سبعين مليون قنطار، غير أن ذلك يبقى مرتبطا بالتساقطات المطرية.