المغرب: الحكومة نحو إصلاح التقاعد رغم الكلفة السياسية

14 أكتوبر 2022
ملايين العمال غير مؤمن عليهم (Getty)
+ الخط -

شرعت الحكومة المغربية في أكتوبر/ تشرين الجاري مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال في تشخيص وضعية أنظمة التقاعد، قبل عرض ومناقشة مخرجات دراسة حول تلك الأنظمة، ووضع التوجهات الاستراتيجية وتصور للإصلاح بين شهري يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار واعتماد سيناريوهات الإصلاح والتصديق على خريطة الطريق في إبريل/ نيسان المقبل.

وتتطلع الحكومة المغربية إلى الشروع في إصلاح أنظمة التقاعد في مايو/ آيار من العام المقبل، غير أن ذلك يقتضي الوصول إلى توافق مع الاتحادات العمالية ورجال الأعمال على الهدف الذي تطمح إليه الحكومة، التي تسعى لرفع سن التقاعد، ما من شأنه أن يثير نقاشات كبيرة مع الاتحادات العمالية في ظل ظروف تتسم بالكثير من عدم اليقين.

إصلاح رغم الكلفة السياسية

كان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، قد أكد أنه سيجري إصلاح أنظمة التقاعد مهما كانت الكلفة السياسية، مشدداً على أن حكومته لن تترك هذا الملف للحكومة المقبلة.

ويتوافر المغرب على 11 مليون من القوة العاملة، من بينهم 6.3 ملايين عامل لا يحصلون على تغطية تتيح لهم معاشاً بعد تقاعد، أي ما يمثل 54 في المائة من المغاربة البالغين سنّ العمل، حسب بيانات رسمية.

وتستوعب الوزارات في المغرب 970 ألف موظف، بينما تحتضن المؤسسات والشركات الحكومية 187 ألف مستخدم، ويعمل في القطاع الخاص 3.5 ملايين أجير مصرَّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وكانت حكومة المغرب قد شكلت لجنة وطنية لإصلاح التقاعد، وضعت توصيات قبل عشرة أعوام، حيث حضت على استحداث نظام تقاعد بقطبين، عمومي وخاص، في أفق ترسيخ نظام أساسي موحد.

غير أن ذلك الإصلاح لم يشرع فيه، على اعتبار أنه اكتفي قبل سبعة أعوام في إصلاح نظام المعاشات المدنية في الوظيفة الحكومية عبر رفع سنّ التقاعد من ستين عاماً إلى ثلاثة وستين عاماً، مع رفع المساهمات من 20 إلى 28 في المائة.

تمويل العجز

صُدِّق قبل ستة أعوام على قانون محدَّث لنظام المعاشات لغير الأجراء، وإطلاق قبل أربعة أعوام دراسة لوضع تصميم لمنظومة التقاعد المستهدفة، قبل دخول نظام المعاشات لغير الأجراء حيّز التنفيذ قبل ثلاثة أعوام.

وتتصور وزارة الاقتصاد والمالية أن ضعف تغطية الأنظمة لا يعوق حصول أكثر من نصف القوة العاملة على حماية من أخطار الشيخوخة، وبالموازاة مع ذلك، لوحظ عدم تجانس على مستوى قيمة المعاشات وقواعد تقييمها.

وتفيد وزارة الاقتصاد والمالية بأن بعد الإصلاح الذي جرى منذ سبعة أعوام، ينتظر أن يستنفد نظام المعاشات المدنية الخاص بالموظفين الحكوميين احتياطاته البالغة 6.8 مليارات دولار في الخمسة أعوام المقبلة، ما يعني أن الصندوق المغربي للتقاعد سيحتاج سنوياً إلى نحو 1.4 مليار دولار لتمويل عجز النظام.

وينتظر أن يستعمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للقطاع الخاص احتياطاته قريباً، غير أن أفق استدامته يظل بعيداً، حسب وزارة الاقتصاد والمالية، حيث يمتد إلى 2038.

وكانت اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد قد أوصت قبل عشرة أعوام بضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل وإرساء العدالة في الحفاظ على الحقوق المكتسبة وصيانة الاحتياطيات وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد والحد من تأثير الإصلاح بموازنة الدولة.

تستوعب الوزارات في المغرب 970 ألف موظف، بينما تحتضن المؤسسات والشركات الحكومية 187 ألف مستخدم

ويراد من الإصلاح عبر التوفيق بين تلك الأهداف المتناقضة أحياناً، الوصول إلى رفع نسب الاشتراكات، بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع سنّ التقاعد إلى 65 سنة، بما في ذلك القطاع الخاص.

مراعاة الجوانب الاجتماعية

يعتبر عضو اللجنة الفنية السابق لإصلاح التقاعد، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يفترض الوصول إلى نظام للتقاعد يراعي الجوانب الاجتماعية والقدرة الشرائية للمتقاعدين، بل التركيز على الجوانب الفنية التي تراعي التوازن المالي فقط.

ويشدد الهاكش على أنه يجب البحث في الأسباب العميقة التي تستدعي الإصلاح، حيث لا يجب تحميل عبئه للموظفين والأجراء، على اعتبار أن الدولة بالنسبة إلى الموظفين لم تكن تؤدي اشتراكاتها، كذلك فإن صندوق التقاعد الخاص بالأجراء عرف مشاكل أفضت إلى الإخلال بتوازنه.

ويؤكد أنه لا يجب التركيز فقط على المقاربة الفنية من قبل الاتحادات العمالية، التي يجب أن تتوافر على رؤية واضحة حول الإصلاح تسندها دراسات تنجزها تلك الاتحادات عوض الركون إلى ما تقدمه مكاتب الدراسات.

المساهمون